أكد الدكتور المرسي حجازي وزير المالية أن الاقتصاد المصري قادر على تجاوز الأزمة المالية الراهنة، داعيا القوي السياسية والشعبية لتجاوز خلافاتها والاتفاق على أجندة وطنية للاصلاح المالي والاقتصادي تلبي طموحات المجتمع في التنمية الحقيقية ويستفيد من ثمارها الجميع. جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية اليوم الأحد بمقر الوزارة للاعلان عن توجهات السياسة المالية في الفترة المقبلة، والإعلان عن حزمة من المشروعات الاستثمارية التي ستطرحها الوزارة بالتعاون مع عدد من الوزارات والهيئات خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقال الوزير إن البرنامج الإصلاحي والاجتماعي الذي أعدته الحكومة يمثل نواة صلبة للتغيير المنشود للوضع المالي لمصر وخطوة على طريق تجاوز الأزمة، مؤكدا أن البرنامج يرتكز على عدة محاور اجتماعية واقتصادية ومالية فهو يستهدف دفع معدلات النمو والتشغيل مع تحقيق حماية وعدالة اجتماعية. وأضاف حجازي أن هناك إجراءات اقتصادية صعبة لابد أن نتشارك فيها ماعدا الفئات الأقل دخلا، مؤكدا أن البرنامج الإصلاحي يراعي تدرج الأعباء بحيث يتحمل العبء الأكبر ذوي الدخول المرتفعة ويتراجع كلما انخفضت الدخول ليتلاشي تماما عند الفقراء. وأشار الدكتور المرسي حجازي وزير المالية إلى أن كل إجراء للاصلاح الاقتصادي تتخذه الحكومة سيقابله إجراء لزيادة وتعزيز الحماية الاجتماعية، مضيفا "هذه هي قناعتنا وإيماننا بأن إهمال البعد الاجتماعي كان أحد أسباب الثورة". وبالنسبة للاجراءات التي يتضمنها البرنامج الإصلاحي والاجتماعي، قال الوزير إنها تستهدف إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام خاصة فيما يخص ترشيد دعم الطاقة بجانب إجراء مجموعة من الإصلاحات الضريبية تصب في مصلحة ذوي الدخول المنخفضة حيث أنها تلقي بالعبء الأكبر في الضرائب علي أصحاب الدخول المرتفعة بحيث تسمح هذه الإجراءات كلها في النهاية بإيجاد حيز مالي للحكومة يوجه لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتمويل برامج جديدة ذات بعد اجتماعي. ولفت حجازى إلى أن تقديرات وزارة المالية تشير إلى أن حزمة التعديلات الضريبية وإجراءات ترشيد دعم الطاقة والاتجاه لتعزيز المناخ الاستثماري لمصر من خلال إيجاد أدوات مالية جديدة كالصكوك و غيرها ستسهم في تحقيق موارد إضافية للموازنة العامة بنحو 2ر31 مليار جنيه للعام المالي الحالي تمثل 8ر1\% من الناتج المحلي الإجمالي ترتفع العام المالي 2013/2014 بما يمثل 5\% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر. حضر المؤتمر الصحفي هاني قدري مساعد أول وزير المالية وأيمن جوهر وكيل أول وزارة المالية وممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب ومحمد الصلحاوي رئيس مصلحة الجمارك وأحمد النجار مستشار وزير المالية. وقال الدكتور المرسي حجازي وزير المالية إن الحكومة تخطط لتوجيه 10\% من هذه الإيرادات الإضافية لبرامج الحماية الاجتماعية للشرائح الأكثر احتياجا، ويأتى على رأسها تعزيز برامج الضمان الاجتماعي والمستهدف زيادة عدد المستفيدين منه إلى مليوني مستفيد بنهاية العام المالي 2013/2014، مع تحقيق زيادات سنوية في قيمة المعاش ضمانا لحياة كريمة لهذه الأسر. وأضاف أن من البرامج المستهدفة أيضا تعزيز موازنة أدوية العلاج المجاني للمواطنين ودعم ألبان الأطفال والتغذية المدرسية ودعم الإسكان منخفض التكاليف بجانب برنامج التدريب التحويلي، وكل هذا بخلاف الزيادات الطبيعية في موازنات هذه البرامج. وأشار إلى أن الجزء الأكبر من الوفر المتحقق من إجراءات الإصلاح الاقتصادي سيستخدم في تخفيض عجز الموازنة العامة والذي نستهدف الوصول به إلى نحو 5\% فقط من الناتج الإجمالي لمصر بحلول عام 2016/2017، مقابل 8ر10\% في العام المالي 2011/2012 وبالتالي الحد من تزايد الدين العام ليتراجع من 85\% من الناتج المحلي لمصر إلى ما يتراوح بين 65\% و70\% فقط بحلول عام 2016/2017. وأكد الوزير أن عدم اتخاذ أي إصلاحات قد يتسبب في حدوث مشكلات هيكلية للاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والبعيد . ولفت إلى أن مخصصات دعم الطاقة بالموازنة الحالية سوف ترتفع لنحو 117 مليار جنيه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لترشيدها لتمثل 182\% مقارنة بمخصصات التعليم و426\% من مخصصات الصحة و210\% من إجمالي الاستثمارات العامة المدرجة بالموازنة، وهو أمر يستحيل استمراره ، في ضوء مطالبة المجتمع بتحقيق العدالة لبناء إنسان مصري يتمتع بكامل حقوقه الإنسانية من تعليم ورعاية صحية وظروف معيشية كريمة خاصة في الريف والمناطق العشوائية والتي للأسف لاتزال محرومة من العديد من الخدمات الأساسية. وبالنسبة لملف الصكوك..أكد الدكتور المرسي حجازي وزير المالية أن الصكوك هي إحدي الأدوات المالية الجديدة والتي لاقت نجاحا وقبولا على المستوى العربى والعالمي ، وتمثل إضافة حقيقية للأدوات القادرة على تعبئة وجذب مزيد من المدخرات ومزيد من تدفقات الأموال من الخارج بما سيؤثر بالإيجاب على زيادة حجم السوق المالي في مصر حيث ستعمل الصكوك بجانب الأسهم والسندات وأذون الخزانة باعتبار هذه الأدوات وسيلة مناسبة لتعبئة المدخرات وإعادة توجيهها للقطاع الاستثماري. وقال الوزير إن كثيرا من المؤسسات المالية العالمية والإقليمية توجه جزءا من محافظها المالية للاستثمار في الصكوك فطبقا لآخر أرقام منشورة يقدر حجم إصدارات الصكوك عالميا العام الماضى بنحو 136 مليار دولار. وبالنسبة لموقف مشروع قانون الصكوك، أوضح الوزير أنه حريص على إصدار القانون بعد توافق كامل عليه سواء مع الأحزاب أو مع الأزهر الشريف، لافتا إلى أن وزارة المالية قامت خلال الأسبوعين الأخيرين بإدخال عدة تعديلات جوهرية على المشروع ليصبح قانونا لكل أنواع الصكوك حكومية وخاصة، وهذه التعديلات تمت بالتعاون والتنسيق الكاملين مع كل الأطراف المعنية. وأشار الوزير إلى أن القانون سينشيء هيئة شرعية مركزية دائمة للاشراف على عمليات طرح الصكوك وسيكون قرارها نهائيا وملزما للحكومة وكذلك لأية جهة أخرى ترغب في إصدار الصكوك. ونوه حجازى بأن دور الهيئة الشرعية لا يقتصر فقط على مجرد إبداء الرأي وإنما أعطت المادة 15 من مشروع القانون مساحة أكبر لاختصاصات الهيئة فهي ستقدم الرأي الشرعي بشأن الصكوك المزمع إصدارها واعتماد هياكلها وعقودها ونشرة إصدارها، والتحقق من أن التعامل في الصكوك وتوزيع عوائدها منذ لحظة الإصدار وحتي استرداد قيمتها يتم وفق أحكام الشريعة الإسلامية، كما سيمتد دور الهيئة إلى الرقابة والتدقيق على الأنشطة والمشاريع التي سيتم تمويلها من حصيلة إصدار الصكوك للتأكد من التزامها بأحكام الشريعة. وبالنسبة لما أثير من مخاوف من تعريض قانون الصكوك للأصول العامة لخطر الرهن أو نقل ملكيتها وهو الاعتراض الأساسي للأزهر على مشروع القانون، أكد وزير المالية الدكتور المرسي حجازي أن مشروع قانون الصكوك المعدل نص في المادة الخامسة على "يحظر استخدام الأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية عامة أو منافعها لإصدار صكوك حكومية في مقابلها". وأضاف أن نفس المادة نصت على إصدار صكوك مقابل حق الانتفاع فقط دون حق الرقبة بالنسبة للأصول الحكومية المملوكة ملكية خاصة فجاء نص الفقرة "ويجوز للحكومة والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية ، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة إصدار صكوك في مقابل حق الانتفاع بالأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية خاصة فقط دون ملكية الرقبة". وقال الوزير إن هذا النص القانوني الواضح يرد على تلك المخاوف تماما، مؤكدا أن الهدف الأساسي لأي صكوك حكومية يتم إصدارها إنما هو إنشاء أصول جديدة للدولة تكون إضافة لممتلكات المجتمع، حيث ستستخدم تلك الحصيلة في إنشاء كيانات اقتصادية تؤول ملكيتها في نهاية فترة الصكوك للدولة. وبالنسبة لخطط وزارة المالية للفترة المقبلة، كشف الوزير عن استعداد الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بالوزارة لبدء طرح مشروعات استثمارية تزيد تكلفتها الاستثمارية المتوقعة على 17 مليار جنيه. وأشار إلى أن الوزارة تلقت حتى اليوم 45 طلبا من شركات عالمية ترغب في الاستثمار بتلك المشروعات والتي تشمل مشروع إنشاء محطة معالجة مياه الصرف الصحي بأبو رواش والتي تم بالفعل الإعلان عنها منذ أيام باستثمارات تبلغ 5ر5 مليار جنيه. وأوضح حجازى أنه تم طرح هذا المشروع بالفعل وطلبت 19 شركة عالمية الحصول على كراسة الشروط وذلك خلال 3 أيام فقط من طرحه والبدء في تنفيذ مشروعات تدوير المخلفات الصلبة واستغلالها في إنتاج الكهرباء والمرشح لها 3 محافظات هى القاهرة والجيزة والإسكندرية، ومشروع تطوير المنطقة التكنولوجية لتصدير خدمات الاتصالات والتكنولوجيا بالمعادي والتي تعد قرية ذكية جديدة لمصر، كما ستوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل جديدة أثناء تنفيذ المشروع وبعد تشغيل مرحلته الأولى فقط . ونوه بأن استثمارات تطوير المنطقة تقدر فقط بنحو 368 مليون جنيه، بخلاف الاستثمارات التي ستضخها الشركات التي ستعمل بالمنطقة ومشروع تطوير وتوسيع ميناء سفاجا الصناعي بما يسمح باستخدام الميناء في تصدير خامات الفوسفات بعد إجراء عمليات صناعية وسيطة عليها بالإضافة إلى إنشاء حوض عائم لإصلاح وصيانة السفن وتطوير الأرصفة لاستقبال الغلال واللحوم الحية وتكلفة المشروع التقديرية 6 مليارات جنيه. وقال وزير المالية الدكتور المرسي حجازي إن هناك مشروع تطوير مستشفى قناة السويس الجامعي التخصصي بتكلفة استثمارية 400 مليون جنيه ومحطتين لتحلية المياه بالغردقة وشرم الشيخ بتكلفة 900 مليون جنيه وغيرها من المشروعات. وأضاف الوزير أن من المشروعات الطموحة أيضا التي يجري بالتعاون مع وزارة النقل دراسة إنشائها بأسلوب المشاركة مع القطاع الخاص إضافة 16 محطة جديدة للاتوبيس النهري بجانب المحطات ال 15 الحالية لتمتد خدماته من حلوان إلى القناطر الخيرية وهو سيخدم نحو 140 ألف راكب يوميا. ومن ناحية أخرى، دعا حجازي ممولي الضرائب لسرعة تقديم إقراراتهم الضريبية وسداد الضرائب المستحقة، مطالبا العاملين بالاقتصاد الموازي (غير الرسمى) بأداء حق الخزانة العامة من الضرائب والرسوم، وأن يكون الموسم الحالي لتقديم الإقرارات بداية جديدة لهم مع الدولة والتي لن تتواني عن اتخاذ كافة الإجراءات لتخفيف الأعباء عن كاهلهم ودعمهم. وأشار الوزير إلى أن الدولة حريصة على استمرار دعمها للمشروعات الناجحة مثل مشروع المدفوعات الإلكترونية الحكومية والذي حقق نقلة نوعية في أساليب دفع مستحقات الخزانة العامة بجانب إحكام الرقابة علي الإيرادات . ولفت إلى سعي الوزارة خلال الفترة المقبلة للتوسع في ميكنة كافة برامج الموازنة العامة للدولة بما يسهم في تعزيز الرقابة والشفافية في الإنفاق العام، حيث تسمح أساليب الميكنة بالتأكد من عدم تجاوز أية جهة لمخصصاتها المدرجة بالموازنة العامة ، والأهم كشف أي انحراف أو تجاوز بصورة سريعة . وأكد الوزير أن من المشروعات الأخرى التي ستحرص على استكمالها وزارة المالية مشروع إحلال التاكسي والذي نجح في إحلال 41 ألف تاكسي، كما عمل المشروع على تحسين دخول مالكيها وأسرهم بصورة ملحوظة بجانب آثاره البيئية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الوزارة قررت فتح الباب لمرحلة ثالثة من المشروع يبدأ التقدم لها يوم 17 مارس المقبل. وقال وزير المالية الدكتور المرسي حجازي إن حصيلة الجمارك بلغت 9 مليارات و 35 مليون جنيه عن الفترة من أول يوليو 2012 إلى 17 يناير 2013 وهى تمثل نسبة نحو 5ر43\% من المستهدف الإجمالى البالغ 758ر20 مليار جنيه للسنة المالية الحالية، كما أن هناك معدل نمو حوالى 34\% عن حصيلة نفس الفترة المنقضية من العام المالى السابق 2011/2012. وأوضح أنه مع الاتجاه العالمي لميكنة نظم الدفع التقليدية للخدمات الحكومية، قامت مصلحتا الجمارك والضرائب بإتاحة سداد الضرائب والرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم من خلال منظومة التحصيل والدفع الالكترونى المرتبطة بحساب الخزانة الموحد من خلال شبكة الكترونية مشفرة ومؤمنة تأمينا كاملا مما أسهم فى دفع العمل الجمركى وتخفيض زمن الإفراج عن البضائع وتبسيط الإجراءات الجمركية وغيرها من الموارد السياسية للدولة. وأشار الوزير إلى أن عدد قضايا التهرب الجمركى والمخالفات التي تم ضبطها في النصف الأول من العام المالي الحالي بلغ 1320 قضية قدرت المستحقات عليها بنحو 3ر726 مليون جنيه. ولفت حجازى إلى أن مصلحة الجمارك بصدد تنفيذ مشروع الفحص بالأشعة "المرحلة الرابعة" للكشف بالأشعة عما بداخل الحاويات والطرود باستثمارات 65 مليون دولار. واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد على استمرار سياسة التعاون بين وزارة المالية والمجتمع كله، مؤكدا ترحيبه بأي أفكار أو مبادرات أو مشروعات تسهم في تحقيق نقلة نوعية في حياة المجتمع والاقتصاد الوطني، وقال "هذا هو هدفنا وهذا ما نسعى لتحقيقه".