يُعد «مصحف فاطمة» المزعوم لدى الشيعة؛ أحد أجنحة دعايتهم المضللة، بغية الوصول لهدفهم الحقيقى المتمثل فى الانتقام من المسلمين العرب، وإعادة دولتهم الفارسية كما كانت قبل أن يفتحها المسلمون. والمسألة ليست خلافًا دينيًا، أو مذهبًا إسلاميًا، وإنما هى فى حقيقتها مرحلة متقدمة من «الغزو الفكري»، تسبق المرحلة المعروفة فى عالمنا اليوم، أو هى حربٌ من الداخل، بعد فشل العودة عبر حروب الخارج المباشرة، وهذا يفسر لك تنوّع الأكاذيب الشيعية وظهورها الواحدة تلو الأخرى عبر أزمنة متباعدة، مثل مصحف فاطمة، ثم الأخماس، ثم ولاية الفقيه، وبين كل أكذوبة وأخرى تقف القرون فاصلة شاهدة على نمو وتوالد وتكاثر الأكاذيب والأفكار الشيعية؛ لأنها ليست دينًا راسخًا ثابتًا وإنما خطة انتقامية تتلوّن وتتشكّل حسب مستجدات الأيام، فى معركة الحقد ضد العرب والمسلمين. وقد بدأ هذا قديمًا مع الحقد اليهودى على الدولة الإسلامية الوليدة، التى سحبت البساط مِن تحت أقدام يهود، خاصة عندما جاء الوحى فى العرب ولم يأتِ فيهم، فخرج منهم الوحى والنبوة والملك، مما أجّج نار الغيرة والحسد والحقد فى صدورهم. وقد صادف هذا الحقد اليهودى شبيهًا له فى الدولة المجوسية الفارسية التى فتحها العرب المسلمون هى الأخرى، فوقعت الطيور على أشكالها وأشباهها، واجتمعت الإرادة اليهودية والفارسية ضد الدولة المسلمة، وهذا يفسر الشبه الكبير بين الطائفتين فى كثير من عقائدهم وخططهم. وعلى أمل تفجير الوضع من داخل المسلمين؛ فقد اتخذت الحرب من الداخل صورًا مألوفة قريبة مما يعرفه المسلمون، بحيث تنطلى الحيلة، ويمر المكر. فتم اختراع «مصحف فاطمة»، و«كتب الروايات»، فى مقابلة «المصحف» المعروف لدى المسلمين، وكتب «الحديث» المشهورة المتداولة، كما برزت الفتاوى الفقهية، والمذهب الشيعي، ليظهر هذا كله فى ثوب الخلاف الفقهى أو الفكرى بين طائفتين من المسلمين، والأمر ليس كذلك فى الحقيقة. ففى حالة «مصحف فاطمة» مثلاً؛ سنرى اختلافًا بينه وبين مصحف المسلمين المعروف، وسنرى عندهم سورة الولاية التى تثبت الولاية لعلى رضى الله عنه، حسب زعمهم، كما سنرى فى تفسيراتهم للقرآن تمجيدًا وتبريرًا لقضية الإمامة الخاصة بهم، فى مقابل الحط والتجريح لأكابر المسلمين بداية بالصحابة رضوان الله عليهم. فنحن هنا أمام صورة أخرى، وواقع يختلف عن صورة الدين وواقعه ونصوصه وتفسيراته لدى المسلمين، ونحن هنا نتكلم عن الإطار والاتجاه العام لخطة الشيعة الرافضة ودينها، لا عن أشخاص بأعيانهم أو حوادث وأقوال فردية هنا أو هناك، فليس هذا مقصودًا لنا. وهذا الاختلاف بين الدينين الإسلامى والرافضي، لا يمكن فيه الاتفاق والالتقاء لاختلاف الدينين فى الركائز والأصول الأساسية. فالدين الإسلامى يقوم على الكتاب والسنة، بينما يقوم الدين الشيعى على مصحف مزعوم لفاطمة رضى الله عنها، وعلى روايات ينسبونها لأئمة خاصين بهم يزعمون عصمتهم. وإذا كان واضعو دينهم ومؤسسوه القدماء قد أصّلوا عدم قيام الدول أو جمع الأخماس أو الجهاد حتى يخرج المهدى المنتظر ساكن السرداب بزعمهم؛ فقد رأى متأخرو دينهم ضرورة تعديل الخطة نظرًا لتغير الظروف فأقاموا دولة، وجمعوا الأخماس، وخاضوا حروبا! فنحن كما قلت أمام خطة تتبدّل وتتغير حسب الأحوال والظروف المحيطة. وفى هذا الإطار جاءت رواياتهم تصف مصر بأبشع الأوصاف، ويقولون عنها: بئس البلاد، وأن المكث فيها يورث الدياثة، وما غضب الله على بنى إسرائيل إلا أدخلهم مصر ولا رضى عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها، وطعنوا فى عرض علماء مصر ومشايخها واتهموا الشعراوى مثلاً بتهمة قبيحة هو منها بريء. وعلى الرغم من كل هذا فعينهم على مصر قديمًا وحديثا، وحكموها فترة ثم صرفهم الله عنها، لكنهم الآن يبذلون الغالى والنفيس لاختراقها والرجوع إليها. فنحن هنا أمام حاقد يريد الانتقام والثأر لنفسه واحتلال بلادنا، غير أنه يتخفّى بلباس الدين الشيعى المزعوم، كما يتخفّى غيره بحقوق الإنسان وهو الذى يقتله، أو بصداقة المرأة وهو الذى يفتك بها! وسيتشكل مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية بناء على مدى الوعى المصرى بهذه المخططات والأطماع الشيعية فى الأراضى المصرية، ومدى قدرة هذا الوعى على صد الغارات الشيعية، خاصة إذا علم المصريون حرص إيران عليهم كونهم طوق النجاة الأكبر لها بعد أزماتها الداخلية والخارجية.