الكوميديان الساخر باسم يوسف، ليس أكثر من بلياتشو فى ثوب جديد، أو أراجوز يعمل على إضحاك الناس، وربما يكون نسخة مطورة جدًا من الفنان محمود شكوكو أو إسماعيل ياسين، والأهم من ذلك أنه ظهر فى وقت يبحث فيه الناس عن البسمة والضحكة، دون حسابات، ما كان سببًا فى ذيوع صيته. باسم رأفت محمد يوسف -39 عامًا- لم يكن معروفًا قبل الثورة، حيث لم يظهر نضاله فى عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، ولم يبدأ تقديم البرامج السياسية الساخرة عن طريق الإنترنت إلا بعد ثورة 25 يناير، ويحاكى من خلال برنامجه "البرنامج" تجربة الإعلامي اليهودى جون ستيوارت صاحب الدور الأساسي في برنامج (ذا دايلي شو) والذي يعتبر أحد أهم البرامج الكوميدية الأمريكية التى تنتقد الأوضاع السياسية الراهنة. باسم، بحسب صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية، يلقب بملك الهزل الساخر للربيع العربى، ولم يحظ بحرية فى عهد المخلوع، بينما يحظى حاليًا بحرية التعبير فى عهد الرئيس محمد مرسى، وهو أمر له دلالاته، وليس من الحكمة تهديده بوقف برنامجه، حتى لا يتحول إلى بطل جديد، وأحد ضحايا حكم الإخوان، كما يزعمون. اليساريون والليبراليون كانوا أكثر دهاءً وذكاءً فى التعامل مع ظاهرة باسم يوسف، وبمجرد استشعار الخطر من برنامجه اللاذع، خاصة بعد الحلقة الشهيرة التى تهكم فيها على مقدمى التوك شو، خاصة عماد أديب ولميس الحديدى، وخيرى رمضان، سارع الجميع لاحتوائه، وتحييده، وضمه إلى مارينز "السي بي سي" و"دريم" و"أون تى فى". محمود سعد سارع إلى الدفاع عنه والتضامن معه، وقال: "إن باسم مبيخافش"، ومنى الشاذلى سارت إلى استضافته، قبل أن يطالها بإفيهاته الساخرة، وإيحاءاته الإباحية، والتى لا يعاقب عليها القانون الشامخ جدًا والمستقل جدًا، والذى رأى فى قناة الحافظ أنها تنشر الرذيلة، أما حلقة "الكلوتات" التى قدمها "باسم"، فهى تمثل إعلامًا يبث القيم والفضائل. باسم، أدخل الضحكة إلى قلوبنا، عندما كان تلقائيًا، دون تسييس، أو تلوين، لكن مدفعية التوك شو نجحت فى تجييشه وتجنيده ضمن صفوف الرماة الذين يتصيدون أخطاء الإسلاميين، فضلًا عن أخطاء ارتكبها بعض المشايخ فى الإساءة للرجل ووصفه بأنه "أمرد"، وغير ذلك من إساءات، كانت مبررًا له، أو حجة لتحويل دفة "البرنامج" كمدفعية ثقيلة ضد مرسى والعريان والشاطر، وغيرهم من رموز القوى الإسلامية والقنوات الدينية. حتى الآن لم يقدم "باسم" ما يؤكد حياديته أو موضوعيته، ولم تنل سهامه شيئًا من "البوب" ملك التويتات، أو صاحب حملة "واحد خمنا" ولم يقترب من صاحبة الجلالة تهانى الجبالى، ولم يمس قائد الزحف المقدس المارشال أحمد الزند. لا تهاجموا "باسم"، ولا تصدروا الفتوى تلو الأخرى بتحريم برنامجه، ولا تطعنوا فى دينه، فالرجل – بحسب مصادر مقربة منه – من أسرة محافظة، وزوجته متدينة، وهو طبيب ناجح، والتهديد برفع دعاوى قضائية ضده، سيزيد من شعبيته، وسيرفع سعره فى قائمة أجور كتيبة المارينز، وقادة مدفعية التوك شو، ولكن واجهوه ب"عطوة كنانة". هذا هو الحل، وكفاكم ولولة من قذائف الإعلام والتوك شو.. ابحثوا عن البديل، واصنعوا للمشاهد نافذة أخرى على درجة عالية من المهنية والكفاءة، ومولوا برنامجًا ساخرًا هادفًا، يذود عنكم، ويردع عنكم "البرنامج"، ويرد الصاع صاعين.