السيدة سوزان مبارك ، مشغولة ب"حقوق" المرأة ، و أسست الدولة مجلسا قوميا لهذه "الحقوق" ، ترأسه حرم الرئيس بنفسها ، و الصحف القومية يوميا لا تخلو من تغطيات اخبارية من الصفحة الأولى إلى الأخيرة ، تُحصي على رئيسة المجلس القومي للمرأة ، مناقبها و صولاتها و جولاتها في ذلك الشأن ، حتى كاد العالم يصدق و نحن أيضا أن المرأة المصرية محظوظة ، بعد أن تفرغت حرم الرئيس لرعايتها . فوجود شخصية بوزن السيدة سوزان مبارك على قمة هذا المجلس يوفر له صلاحيات واسعة ، لا تتوفر لأي مؤسسة أخرى في مصر باستثناء "لجنة السياسات" بالطبع فهي زوجة الرئيس المطاع ، الذي يمنحه الدستور سلطات مطلقة ، تكاد تجعله السيد الوحيد الآمر و الناهي في مصر . و من متابعاتي للصحف الحكومية ، لا أكاد ألمح اهتماما حقيقيا من السيدة حرم الرئيس ، بما يتعلق بحقوق المرأة المصرية ، بل أكاد أجزم أنها أنشطة تليفزيونية تهتم بالمظهرية و الشكلية أكثر من اهتمامها بحال المرأة المصرية في الواقع و على الأرض . ماذا فعلت السيدة سوزان مبارك مثلا و مجلسها بشأن دموع و آلام الآلاف من الزوجات اللاتي حُرمن من أوزاجهن على يد أجهزة أمن حكومة الحزب الذي يرأسه الرئيس مبارك ؟! . زوجات المعتقلين نظمن اضرابات و اعتصامات أمام النقابات المهنية المصرية و اهتمت بهن كل وسائل الإعلام إلا وسائل إعلام حكومة الرئيس مبارك الذي ترأس حرمه مجلسا من المفترض أنه أسس خصيصا للاعتناء بمشاكلهن !! و تحدثت عن مآساتهن و مآساة أولادهن كل منظمات حقوق الإنسان إلا مجلس السيدة سوزان مبارك ، المشغولة بهموم المرأة في الكونغو و بوركينا فاسو و جزر القمر !! . السيدة سوزان مبارك سترأس اليوم مؤتمرا عن "العنف ضد الأطفال" و أتمنى أن يذكُرها أحد مساعديها بأنها في بلد إسمه مصر ، المئات من أطفاله يمارس ضدهم أبشع أنواع التعذيب النفسي بحرمانهم من آبائهم المعتقلين بلا محاكمات بالسنوات في سجون الرئيس مبارك الذي ترأس حرمه المجلس القومي للأمومة و الطفولة !!. لقد شاهد الناس مساء أمس أمام نقابة الصحافيين مشاهد مروعة لزوجات المعتقلين و هن يبكين بكاء أشجى المتظاهرين و شاركوهن بلا وعي منهم البكاء و حُشرت الهتفات و الكلمات في الحناجر ، و حل مكانها نحيب حزين و دموع خضبت أرض شارع عبدالخالق ثروت . ولا أدري كيف ستواجه سيدة مصر الأولى عيون الحاضرين في مؤتمرها اليوم و تتحدث عن "العنف ضد الاطفال " ، و النظام السياسي الذي يرأسه الرئيس مبارك يرتكب أكبر جريمة إنسانية في حق أطفال لا جريرة لهم إلا أنهم ولدوا لآباء أعتقدوا و آمنوا بما لا يروق للنظام الاعتقاد أو الإيمان به ، و حسبنا الله تعالى و نعم الوكيل.