جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    العضو المنتدب لمنجم السكري: ننتج نصف مليون أوقية في العام والعمالة المصرية تمثل 97%    محمد المشعل وحازم أحمد يقدمان ديو "جناين ورد" باللهجة المصرية    مدير تعليم القاهرة تكرم الطلاب ذوي الهمم بمدرسة الفسطاط    تجاوزت 8% خلال أسبوع.. استمرار قفزات الفضة بسبب نقص المعروض وتزايد الطلب    الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تكرّم أحمد أبو الغيط    وزير الخارجية: الاتجاه نحو نزع السلاح في غزة أمر محفوف جدا بالمخاطر    إيطاليا تعد مشروع مرسوم لمواصلة دعم أوكرانيا في 2026    كأس أمم إفريقيا 2025.. تشكيل هجومى للمغرب أمام جزر القمر    تأجيل محاكمة 71 متهما بالهيكل الإداري للتجمع    مجلس الشيوخ يوافق على تعديلات قانون الكهرباء لضبط المال العام    أطفال متلازمة داون يحضرون عرضا خاصا لفيلم خريطة رأس السنة    حقيقة ارتباط أحمد العوضي ويارا السكري    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    هايدينهايم ضد البايرن.. البافارى بالقوة الضاربة فى الدورى الألمانى    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الأهلي يفوز على إنبي بثلاثية في دوري السيدات    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    التشكيل الرسمي لمباراة مانشستر يونايتد وأستون فيلا في الدوري الإنجليزي    فيلم "القصص" يفوز ب التانيت الذهبي لأفضل فيلم بمهرجان قرطاج    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    «النجمة التي سقطت من السماء» يفتتح عروض نوادي مسرح الطفل في الغربية    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    تقرير عالمى يدعو لتضافر الجهود لمعالجة الثغرات المتزايدة فى الحماية التأمينية    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    انطلاق المسح الصحي لرصد الأمراض غير السارية بمحافظة قنا    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    رئيسا الإمارات وفرنسا يبحثان مسار العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    27 سفينة بضائع إجمالي حركة السفن بميناء دمياط اليوم    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه ل4 أجزاء بالإسكندرية: خبرتي بالجزارة سهلت تقطيع الجثة    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدهن في العتاقي .. محمد صلاح
نشر في المصريون يوم 29 - 06 - 2005


في الموروث المصري مثل شعبي يقول: «الدهن في العتاقي» ويعني أن الحنكة والخبرة والقوة والإرادة والنضوج تكون دائماً لدى الذين وصلوا مرحلة عمرية متقدمة. وحتى لو افتقد هؤلاء بعض القدرة على الحركة بفعل الزمن، فإن لديهم الخبرات التي تعينهم لتعويض النقص باستخدام مخزونهم من الخبرة والفطنة والمهارة في تقويم الأمور وتحديد الأهداف، ووضع الخطط للوصول اليها، وعلى رغم أن المثل يطلق عادة لمجرد إرضاء كبار السن وتطييب خاطرهم، إلا أنه تحول حقيقة ثابتة وترسخ بقوة على المسرح السياسي. هكذا ظل المصريون يطبّقون على أنفسهم مثلهم الشعبي، غير مكترثين كثيراً بتحذيرات البعض من أن الدهون تسد شرايين المعرفة وتضغط على مراكز التفكير في العقل، وتغلف مفاصل الحركة فتعرقلها وتبطئ منها وتحد من فاعليتها. من الموروث الشعبي إلى المشهد السياسي طبق غالبية الناس غير المهتمين اصلاً بالسياسة وعالمها والحكم ومسؤولياته والديموقراطية وأنيابها قاعدتهم: «اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفهوش». ولذلك رضي المصريون بأن تبقى الوجوه نفسها عشرات السنين تحكم وتعارض في آن معاً. لم تهتم فئات الشعب من الاساس بلعبة السياسة وانصب الكفاح غالباً على النضال من أجل لقمة العيش وتدبر الحاجات الاساسية ومقاومة المحن والمصائب التي قد تفرض اعباءً مالية على الاسرة والفرد. وأخيراً جاء الوقت الذي ظهرت فيه حقائق العلم التي اثبتت انه بفعل «الدهون» و»التعتق» لم تستطع تلك الوجوه أن تحكم بسياسات تقبلها المعارضة أو تعارض بآليات ووسائل يرضى بها الحكم. وعلى رغم أن الدكتور أحمد نظيف تخلص من بعض «الدهون» عندما شكّل حكومته قبل سنة فأنعش الجهاز التنفيذي في الدولة وشعر الناس بأن تغييراً حدث وأن دماء جديدة تنساب وتتدفق في عروق الدولة وشرايينها، إلا أن «دهن العتاقي» ما زال يملك الصلاحيات الاكبر ولديه القدرة على أن يعرقل حركة الاصلاح، قد تكون «دهون العتاقي» أحد أسباب تفجر الحركات المطالبة بالتغيير في مصر في الفترة الأخيرة: «الحركة المصرية من أجل التغيير» المعروفة باسم «كفاية»، «الحركة الشعبية من أجل التغيير» و»صحافيون من أجل التغيير» و»أدباء من أجل التغيير» و»نقابيون من أجل التغيير»، لكن المرء يشعر بأن التغيير المطلوب لا يتوقف فقط عند الاجهزة التنفيذية في الدولة. وأن الهدف ليس فقط إبعاد الاجساد التي ترهلت بفعل «الدهون» حتى أن طلاب السنوات النهائية في كلية الإعلام مثلاً لم يعرفوا رؤساء تحرير صحف ومجلات حكومية غير هؤلاء الذين يطالعون أسماءهم كل يوم، لأن «رؤساء التحرير العتاق» في مواقعهم قبل أن تولد غالبية الطلاب أصلاً. وما الحديث عن أزمة الصحافة المصرية مهنياً ومادياً إلا نتيجة ل «لدهون» التي كان يعتقد أنها الميزة الأولى في رؤساء التحرير، فظهرت تأثيراتها السلبية في الصحافة المصرية العريقة. وإذا جنبنا رؤساء أحزاب غير مؤثرة تسير على المثل الشهير «معاهم معاهم عليهم عليهم» ولا يعرف الناس عنها شيئاً، فإن زعماء الأحزاب الكبيرة: التجمع والوفد والناصري وكذلك حركة «الإخوان المسلمين» من قدامى «المعتقين» وينافسون «معتقي» الحكومة دهوناً بدهون، فإذا كان رئيس مجلس الشورى السيد صفوت الشريف من مواليد العام 1933 ووزير مجلسي الشعب والشورى كمال الشاذلي من مواليد 1934 ورئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور من مواليد العام 1932، فإن مرشد الإخوان محمد مهدي عاكف قارب الثمانين، ورئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد تخطى السبعين بثلاث سنوات، ورئيس الحزب الناصري السيد ضياء الدين داود سيبلغ الثمانين قريباً. لم تظهر حركات التغيير نتيجة لسلوك الحكم فقط، ولكنها وجدت أن الريجيم (الحمية) لن يجدي لإصلاح أحزاب المعارضة ولم يعد مؤثراً، فالأحزاب بالنسبة الى جيل «كفاية» ناصبت الحكم العداء على استحياء لمجرد اثبات مواقف غير موجودة اصلاً وفي أوقات أخرى والت الاحزاب الحكم عندما اتفقت مصالحها مع مصالحه. «دهون معتقي المعارضة» كادت أن تصيب الحركة السياسية في مصر بالجمود كما الحال بالنسبة الى أجهزة الحكم، وإذا كان منطقياً أن يجمع الحكم في جسده بعضاً من المعتقين مفاخراً ب «دهونهم» التي قد يرى انها تسهم في تحقيق استقرار وتوازن في المجتمع، فإن أمراض المعارضة كادت أن تسد شرايين النشاط السياسي في البلاد وهي التي كان يفترض أن تقدم القدوة، فظهرت حركات التغيير الخالية من الكولسترول، والاكثر قدرة على الحركة والمرونة والاندفاع غير المكترثة بقيود لم تسعَ الاحزاب الى تجاوزها عندما رضيت بأمر واقع فرضه عليها الحكم. ربما يرصد البعض تجاوزات للمعارضة الجديدة تمثلت في هتافات وشعارات تقترب من السباب والشتائم ما يسيء الى القائمين عليها ويثير الخشية من أن يسود اعتقاد بأن المعتقين من السياسيين كانوا على حق عندما استحوذوا لأنفسهم على مواقع الحكم والمعارضة ليحموا الشعب من انفلات جيل لا يقدر قيمة «العتاقي» حتى لو كانت انسجتها مشبعة بالدهون. --------- صحيفة الحياة اللندنية في 29 -6 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.