أرجعت صحيفة الوفد ، قرار الحزب إلغاء مظاهرته التي كان مقررا القيام بها أمام مجلس الشعب أمس الاربعاء احتجاجا على تعديلات مشروع قانون الأحزاب السياسية، والنصوص المضافة اليه ، إلى "استجابة" الحكومة أمام مجلس الشوري لمطالب الوفد الخاصة بإلغاء النصوص المضافة في مشروع القانون، والتي كانت تهدد وجود الأحزاب والتعددية الحزبية والديمقراطية! عندما وقع عيني على هذا الخبر ، تسرب إلى روعي أن مجلس الشورى ألغى القوانين التي تفرض قيودا على تأسيس الأحزاب و حرية إصدر الصحف ، حسبت أنه قد تم إلغاء لجنة شؤون الأحزاب ، التي تتشكل معظمها من وزراء بالحزب الوطني ، و منوط بها قبول أو رفض تأسيس الأحزاب ، أو إلغائها و تعليق صحفها بجرة بقلم . عندما عدت للتفاصيل ، توقعت أن أجد تعديلات جوهرية تستحق أن يلغي حزب كبير بحجم حزب الوفد مظاهرته الاحتجاجية على القانون ، غير أني لم أجد شيئا إلا العودة إلى القانون الأصلي . الحكاية كلها تتلخص في أن مجلس الشورى ، ألغى حق الرقابة المالية فقط على الأحزاب الأخرى ، و عاد إلى النص الأصلي من المادة 17 التي تعطي لجنة شئون الاحزاب طبقاً لمقتضيات المصلحة القومية العليا الحق في وقف نشاط الحزب أو أي قرار أو تصرف اتخذه الحزب" . يعني "عادت ريما لعادتها القديمة" ، و لا أدري ما هو الجديد الذي أعجب حزب الوفد و جعله يقرر إلغاء مظاهرته؟!. لا أعتقد أن عاقلا واحدا يصدق أن الوفد قرر تجميد احتجاجاته لأن الحكومة أستجابت لطلباته ، فليس ثمة استجابة و لا يحزنون ، و التمثيلية التي لجأت إليها الحكومة ، تتخلص في أنها رفعت من سقف القيود المفروضة على الأحزاب ، في شكل قوانين احتيالية تتوقع طبعا أن تعترض عليها الأحزاب ، و يجعلها تتحسر على القانون القديم و تبكي أيامه و لياليه "الحلوة" و تتمنى عودته و تعمل تحت مظلته و تقبل يدها "وش و ظهر" . و عندما تصل أحزاب المعارضة إلى هذه الحالة من "التمني" ، عندئذ ، تدخل معها الحكومة مجددا في مساومات تنتهي بالتراضي بين الطرفين بالعودة إلى "القانون الأصلي" .. و يا دار ما دخلك شر !. المهم أنه ربما ألغى حزب الوفد مظاهرته لأسباب تتعلق بخلافات داخلية ، أو لأسباب أخرى مثل ما ألمحت إليه بعض التكهنات بالتوصل إلى صيغة للتفاهم مع الحكومة بشأن توزيع الحصص في انتخابات مجلس الشعب القادم . هذه كلها احتمالات ربما تكون منطقية ، و الوفد له الحق في أن يناور مع السلطة بما يناسب منطقه السياسي ، و لكن ليس من حقه أن يضلل الرأي العام ، و يقوض جهود قوى المعارضة الأخرى ، و يسوّق للنظام و يجمله و يدعي أنه أستجاب لطلباته بتعديل القوانين المقيدة للتطور الحزب في مصر .