لقد بات ما يسمى بجبهة الإنقاذ تحتاج إلى إنقاذ حقيقي، ففي الوقت الذي يؤمن فيه جميع الوطنيين المخلصين بأهمية أن تتكون في مصر معارضة بناءة وفعالة تكون بمثابة المقوم والمصحح لمسار الحزب الحاكم ليصب ذلك كله في مصلحة الوطن- في هذا الوقت يتجه ذلك الكيان المسمى بجبهة الإنقاذ ليتحول فعليًّا إلى كيان كاريكاتوري لا يتلمس منه المواطن سوى ما يضحك ويثير السخرية، وذلك من عدم وضوح الرؤية وعدم معقولية ما يطالبون به واللاءات المستمرة غير المبررة بل والساذجة في أحيان كثير ة والتي لا يملك أعضاء تلك الجبهة سواها، وهم يظنون أن رفضهم المستمر لكل شيء يمثل بطولة ووطنية ولا يدركون أنه يقدمهم إلى المجتمع في صورة هزلية تقلل كثيرا من شأنهم خاصة وأنهم يعودون ويقبلون ما رفضوه، ولكن بعد فوات الأوان وضياع فرص المشاركة الحقيقية في بناء القرارات المهمة. إن الخطأ الجسيم الذي وقع فيه هؤلاء هو تحالفهم مع قوى تعلن عداءها للثورة صراحة ودون مواراة، بالإضافة إلى ظنهم أنهم قادرون على مواجهة الإرادة الشعبية بالإرادة النخبوية، في الوقت الذي لم يقدموا فيه فكرة واحدة تقنع الشعب بأن لديهم برنامجًا للتنمية والإصلاح، وحتى الدستور الذي عارضوه لم يستطيعوا أن يقدموا دليلًا واحدًا مقنعًا لذلك الاعتراض. يروج أعضاء الجبهة لفكرة أن برنامج النهضة لحزب الحرية والعدالة هو برنامج وهمي في الوقت الذي بدأ المواطنون يلمسون تطبيق بعض خطوطه في مشروع تحويل إقليم قناة السويس إلى منطقة تجارية عالمية، ولم يقدم أعضاء الجبهة أية تصورات لبرنامج تنموي، وكأنهم يظنون أن التصريحات والمؤتمرات والتخوينات كافية لبناء الثقة فيهم ومنحهم الأصوات في الانتخابات القادمة، وأنا أبشرهم إن لم يصححوا مسارهم بنتائج كارثية بالنسبة لهم، تجعلهم أكثر شراسة في رفض كل ما هو قائم. إنني أنصح أعضاء تلك الجبهة من كل قلبي وبكل إخلاص إذا كانوا صادقين في القيام بدور معارض حقيقي وبناء أن يقوموا بثلاثة أشياء: - تغيير اسم الجبهة من (جبهة الإنقاذ) إلى جبهة البناء والتعمير أو جبهة التنمية والوحدة.. أو غير ذلك من الأسماء الإيجابية، التي لا تنطوي على اتهام للآخرين، حيث لا يخفى ما ينطوي عليه الاسم الحالي من اتهام للنظام الحاكم بالخيانة والعمالة وتدمير الوطن، وإلا فمن ماذا وممن يريدون أن ينقذوا الوطن..؟ إن الاسم الحالي يوقعهم في حرج دائم وفشل مستمر حيث إنهم لن يحققوا ذلك الإنقاذ أبدًا لأنه لا مبرر له من الأساس. - الأمر الثاني أن يعلنوا مجتمعين اعترافهم بشرعية الدكتور محمد مرسي، وأهمية أن يكمل فترة الرئاسة الحالية دون إثارة القلاقل حوله دون داع، بل ويعلنوا استنكارهم للمطالب الصبيانية بإسقاط الرئيس أو رحيله بعد عام أو عامين دون أي مبرر.. بل إن بعض رموز هذه الجبهة مثل الأستاذ جورج إسحاق يجعل مطلب رحيل الدكتور مرسي بعد عامين من توليه شرطًا أساسيًا لقبول الحوار بل سيكون أول ما يطرح على مائدة الحوار إذا تواضعت الجبهة وتفضلت بالتشريف على تلك المائدة..؟ - الأمر الأخير هو أن تتبرأ الجبهة من كل العناصر الفلولية، ولا تستعين بها في الانتخابات القادمة، بل وتعلن أنها جبهة وطنية خالصة حتى لو لم تصل لسدة الحكم وقامت بدور المعارض الشريف لفترات قادمة. إن استمرار التعاون بين تلك الجبهة وفلول الوطني سيجعل لها نصيبًا لا بأس به في الخازوق المنتظر للفلول في الانتخابات القادمة، ونحن إذ نحذرها من ذلك نردد الأبيات: قُلْ للفُلُولِ بتدليلٍ أيَا لُولِي *** زَالَ الفَسَادُ فَزُولي مثْلَهُ زُولِي نُرِيدُ مجلسَنَا الآتي بِلا غَجَرٍ *** وَلَا غبيٍّ عَديمِ الرَّأيِ دَلْدُولِ سَتَأخُذُونَ خَذُوقًا لا مَثِيلَ لَهُ *** كَالرُّمْحِ مُعْتَدِلاً كالسَّيْفِ في الطُّولِ [email protected]