بينما تستعد المانيا لاحتضان أكبر تظاهرة لكرة القدم في العالم الشهر المقبل، أصبح موضوع العنصرية يكتسي اهمية متزايدة. فبينما يحذر الناشطون المناهضون للعنصرية المشجعين السود والآسيويين من زيارة بعض المناطق في شرق برلينوالمانياالشرقية الشيوعية سابقا، يحاول السياسيون طمأنتهم مؤكدين ان ليس هناك ما يخشونه. ومما يزيد المخاوف وقوع مجموعة من الاعتداءات التي يظهر ان لها طابعا عنصريا مؤخرا. وقد تعرض سياسي من اليسار الالماني من اصول تركية الى اعتداء من طرف جماعة نعتته بالاجنبي القذر واخذت ممتلكاته وتركته باصابات خطيرة في الرأس. وفي الشهر الماضي، تعرض رجل من اصل اثيوبي في بوستدام الى هجوم عنيف ادخله حالة غيبوبة. ويذكر ان بوستدام جنوبي برلين كانت عاصمة ولاية براندنبرغ التي كانت جزءا من المانياالشرقية. ونظرا للعدد الهائل من محبي الكرة الذين سيجتمعون في برلين لمشاهدة المباريات النهائية لكأس العالم، يتخوف الناشطون المناهضون للعنصرية من ان يجد بعضهم انفسهم في اماكن غير آمنة. خطر الموت وممن عبر عن هذه المخاوف أوو كارستن هيو، وهو متحدث سابق باسم الحكومة، يترأس حاليا مجموعة ضغط مناهضة للعنصرية تطلق على نفسها اسم جزيخت تسايجن. وقال هيو ان "هناك بلدات في براندنبرغ وغيرها حيث لا اتمنى ان يذهب احد بلون بشرة مختلف، فقد يلقى المرء حتفه هناك." ويقول "افريكا رات" أو "مجلس افريقيا"، الذي يمثل الافارقة في المانيا، انه سينشر مطبوعات بلائحة الاماكن التي يجب على الزوار غير البيض اجتنابها. كما ان التقرير الاخير من وكالة الاستخبارات الداخلية الالمانية غير مشجع على الاطلاق، فقد جاء فيه ان اعمال العنف التي يقوم بها متشددو اقصى اليمين في 2005 زاد بنسبة 27 بالمئة بالمقارنة مع 2004. كما ان عدد النازيين الجدد في المانيا زاد ب300 ليبلغ 4100 فرد، وعدد متشددي اقصى اليمين بلغ 10400 بعدما انضاف اليهم 400 فرد جديد، حسب احصاءات المؤسسة المشرفة على حماية الدستور في المانيا. لكن وزير الداخلية فولفجانج شاوبل اكد ان المانيا ستكون آمنة بالنسبة لغير البيض من الزوار. واضاف: "لن نطيق أي شكل من التطرف او العنصرية او معاداة السامية." كما اكد عمدة برلين كلاوس فوفرايت في حوار اذاعي ان المدينة ترحب بكل الزوار، وقال: "نعرف ان هناك هجمات تستهدف مواطنينا المنحدرين من اصول اجنبية.. هذا يحدث فعلا... لكن ذلك لا يعني ان مدينتنا لا تتسم بالتسامح." هرج اعلامي؟ وحذر كاي وندل، وهو متحدث باسم منظمة تمثل ضحايا الاعتداءات العنصرية، من المغالاة في هذا الخطر، قائلا انه رغم كون براندنبرغ تواجه مشكلا واضحا حيث تقع فيها حوالي 130 من هذه الاعتداءات كل سنة، لكن الاهتمام الزائد الذي توليه الصحافة للظاهرة يجعلها تبدو اخطر بكثير مما هي عليه. وينصح وندل غير البيض من زوار برلين من توخي الحذر كما يفعلون في أي مدينة هم غرباء عنها، لكن دون ان يتركوا المخاوف تقض مضجعهم وتحرمهم من الاستمتاع برحلتهم. واضاف وندل في حوار مع موقع بي بي سي ان المشكل مستمر منذ حوالي 20 عاما، وليس فيه من جديد. كما اكد ان هذا النوع من العنف "قد يستهدف أي شخص في أي مكان،" وان لا مناطق محددة له، كما ان "آلاف الزوار يتوجهون الى المنطقة سنويا ولا يحدث لهم شيء. ويتخوف كاي وندل كذلك من ان تكون التحذيرات المتوالية من زيارة بعض مناطق براندنبرغ في صالح اقصى اليمين الالماني. "ليس علينا ان نعطيهم القوة باظهار الخوف." وقال مصدر من وكالة الاستخبارات الداخلية الالمانية انه لا يجب المغالاة في خطر العنصرية. وأضاف المصدر ان معظم المخاوف كانت بشأن عنف المشاغبين البريطانيين وشغبهم، لكن الحزب الوطني الديموقراطي الالماني (اقصى اليمين) استغل مناسبة كأس العالم بذكاء ليحظى بتغطية اعلامية. وقد توجهت الانظار على الحزب لما طبع 10 آلاف منشور بدلالات عنصرية كانت مخالفة للقانون، واضطر لسحبها. كما اعلن الحزب نيته تنظيم مسيرات في لايبزج، وهي المدينة الوحيدة التي ستحتضن مباريات كأس العالم في المانياالشرقية. وقال الحزب انه سيشجع ايران في مباراتها ضد انغولا "اشادة بتصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد" المعادية لاسرائيل.