رن جرس هاتفي المحمول اليوم ، وفوجئت بأن الذي يتحدث معي علي الطرف الآخر هو الأستاذ / صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية ، ورغم أنني كنت ضيفا لمرات عدة مع الأستاذ / صلاح علي " قناة الأوربت " لمناقشة مراجعات الحركة الإسلامية في مصر ، لكننا لم نتهاتف من قبل ، ومن هنا كانت دهشتي ، ووجدت الرجل يتحدث معي بصدق وإخلاص عن ضرورة تأكيد الحركة الإسلامية المصرية علي قيمة الحوار سبيلا للتفاهم بعيدا عن لغة استخدام القوة أو العنف حتي تجاه أولئك الموتورين الغلاة من العلمانيين ، وحدثني بشكل خاص عن التصريحات التي نشرتها جريدة " المصري اليوم " علي لساني نقلا عن العربية نت بشأن المدعو " سيد ألقمني " والتي أعلن فيها أنه سيتوقف عن الكتابة لأنه يتعرض لتهديدات من جماعة إسلامية اسمها" جماعة الجهاد " تأمره بالتوقف والامتناع عن الكتابة وألا تعرض للقتل هو وأسرته . وكنت قلت لمراسل " العربية نت " بشأن هذا الموضوع . إنه لا توجد جماعة في مصر اليوم اسمها " جماعة الجهاد " ، كما أن تنظيم القاعدة لم يسبق له وأن استهدف كتابا أو مثقفين ، وليس من عادته أن يرسل رسائل بريد إليكترونية لمن يريد أن يستهدفهم ، وإنما المسألة لا تخرج عن كونها نوعا من التهديد الممزوج بالعبث والغضب لبعض الشباب الصغير الذي يبحر في عالم الانترنت ، وهاله أن يري الإنتاج الفكري الغث والضحل للمذكور "ألقمني " والذي لا هم له ولا هدف سوي النيل من الإسلام والعقيدة الإسلامية ورموزها من الصحب الكرام والآل ، فأرسل له رسالة بريد إليكترونية يحذره فيها من الهجوم علي الإسلام . وقلت بالطبع إن هذا نوع من لفت الانتباه واستجلاب الأيدي التي تحارب الإسلام لتدعم " ألقمني " بفتح صفحاتها له ، خاصة وأن بضاعة الرجل مزجاة ، وأن مشروعه الذي نذر نفسه له مقدر عليه الموت والإهمال والفشل ، وعلمت اليوم أيضا أن القصة هي أن التغييرات الصحفية جاءت بالزميل عبد الله كمال رئيساً لتحرير" روز اليوسف " ، ووجد أن القمني " يكتب فيها كلاما لا يضيف إلي المجلة بل ربما يخصم منها ، وأن كتابته فيها مجرد مجاملة لا تتحملها ميزانية المجلة ومن ثم قرر منعه من الكتابة فيها . وهنا هاج الرجل وماج وأعلن أن الجريدة التي يكتب فيها تخلت عنه ، رغم أنه ليس صحفيا بها ولاهو صحفي من الأصل ، ورغم أنه كاتب حديث العهد بالكتابة لروز اليوسف ، ولكن الصفحات التي كانت مفتوحة له مثلت تعبيرا عن المجاملة للرجل بسبب هجومه علي الإسلام والحضارة العربية الإسلامية ووقوفه إلي جانب المشروع الأمريكي والصهيوني القادم لتحويل المنطقة إلي فناء خلفي للهجمة الصهيونية الأمريكيةالجديدة . طلب مني الأستاذ/ صلاح عيسي التأكيد علي استبعاد كل أشكال العنف في التعامل مع المخالفين من جانب الحركة الإسلامية وكل أبنائها ولو كانت علي سبيل المزاح إن صحت توقعاتنا وكان بعض الشباب من الأجيال الإليكترونية الجديدة هم الذين أرسلوا الرسالة إلي " ألقمني " ،وأنا هنا أؤكد علي قيمة الحوار بين أبناء الحركة الإسلامية وكل أطيافها وتلاوينها في التعامل مع الآخرين . وأمثال" القمني" يمثلون عبئا بغلوهم العلماني البغيض والمتبجح علي المؤسسات التي تدعمهم وتشجعهم ، وعلي الجهات التي ترعاهم وتدفعهم في غيهم يعمهون ، وظني أن إعلان " القمني" في جانب كبير منه هو نوع من الشعور بالإحباط والإفلاس ، فمعظم ماكتبه لم يقرأه أحد ولم يهتم به ، ومن هنا ندعو الشباب المسلم إلي عدم الاندفاع وقلة العقل تجاه أن توسوس لهم عقولهم باستخدام القوة ضد أمثال " القمني" . إن الحضارة الإسلامية اتسعت لكل الأقوال وفتحت نوافذها لكل الآراء ، ولم يبق سوي الحق الذي نسميه نحن " أهل السنة والجماعة " أي بتعبيرنا المعاصر التيار الرئيسي الحقيقي الذي حمله الناس بين جوانحهم وفي ممارساتهم اليومية ولا يزالون حتي اليوم ، والآراء الأخري والاجتهادات النزقة المغالية لازلنا نراها كتعبير عن التسامح الواسع للفكر الإسلامي وتياراته . وهي مادة متحفية لا وجود لها في واقع الناس أو حياتهم . بالطبع مايكتبه الرجل هو تعبير عن الشطط الذي لايمت للإسلام بأي صلة ،وكثير من القراء والمثقفين لا يعرفون من هو هذا " القمني" ، وقد سبق لي والتقيته في برنامج " الاتجاه المعاكس " عن مناهج التعليم الديني ،وفوجئت كما فوجئ غيري بشخص يتصرف وكأنه في غرزة ،أو يجلس علي قهاوي المثقفين المهمشين التي تسقط فيها الاعتبارات ويطيح فيها الشيطان بخيالات هؤلاء ويتلاعب بها ، لكن المصيبة الكبيرة أنه هجم هجمة سليطة علي الإسلام ،وقال إن عمرو بن العاص رضي الله عنه في فتحه لمصر مثل بريمر " العراق المجرم ، وزعم أن الإسلام لم يحمه ، ودعا لعودة اللغة القبطية القديمة والتي لا يحسن أحد أن يتكلم بها ولاهو نفسه . وشطط كثير وقلة عقل وقيمة تمثلت في هجومه بشكل مسف علي ثوابت الإسلام وعقائده . رغم ذلك وأنا ممن ينتمون للحركة الإسلامية ولدي والحمد لله تمكن جيد في العلوم الشرعية لم أشأ أن أطلق عليه وصفا دينيا يطيح به خارج الملة ، وكثيرون لاموني علي أني لم أفعل ذلك ، ولكنني كنت أحاوره كمثقف فإذا به يفرش الملاءة ، ويهجم علي الدين ولا يحترم عقائد الناس المشاهدين . أنا أؤكد أننا مثقفون مدنيون ، لا نستخدم الدين أداة في صراعنا ، ولا نستخدم العنف في خلافاتنا ، الحركة الإسلامية هي حركة دعوية بالأساس همها إرشاد الناس لدينهم وحثهم علي العودة إليه ، وهم يدعون الناس علي بصيرة ، علي هدي ونور ، المستقبل لنا أيها الأخوة والدين الإسلامي هو دين الله ، وهو دين مقاوم ، لن يمثل القمني أو غيره ممن سيأتي بعده أو من جاء قبله ، أي تأثير أو أثر في هذا الدين العظيم ، فكم حيكت له المؤامرت بليل ، وكم دبرت له ولكنه ظل قويا لا يهين ولا يلين " وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ، ومايمكرون إلا بأنفسهم ومايشعرون " ، قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة وأنا من اتبعني " ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " .