- عندما يقوم مجموعة بالاعتصام أمام المحكمة الدستورية ومحاصرتها ومنعها من العمل يقال أنها أعمال بلطجة وخروج على القانون ، وعندما يقوم مواطنون بسطاء بقطع الطريق السريع أو تعطيل القطارات يقال أيضا أنها أعمال بلطجة وخروج على القانون . هي بالفعل أعمال غير مقبولة ، وخروج على القانون ، ولا يقبل مبرر لها صغر أو كبر ، فهي في النهاية كسر للقانون وخروج عليه ، ولا نلتمس العذر لمن يقومون بهذه الأعمال لجهلهم بالقانون ، أو بعدم إدراكهم بأن ما يقومون به مخالف للقانون ويستوجب العقاب . فإذا كنا لا نلتمس العذر للبسطاء الذين يجهلون القانون ، فبماذا يمكن أن نسمي ما قام به عشرات من رجال النيابة العامة مساء الاثنين (17) ديسمبر الماضي حين تجمعوا أمام دار القضاء العالي وحاصروا مكتب النائب العام الجديد المستشار طلعت إبراهيم ، ومنعوه من الخروج ، وحاولوا اقتحام مكتبه بالقوة وطرده منه لإجباره على الاستقالة من منصبه قبل أن يتدخل الأمن ويمنعهم ، الأمر الذي دفع النائب العام الجديد الى كتابة تعهد خطي بتقديم الاستقالة . فبماذا يسمي هذا الفعل الذي تم تحت الإكراه والإجبار ؟ وبماذا يسمى من قام به ؟ والذي أتضح من القائمة التي أصدرتها جبهة المحامين للدفاع عن السلطة القضائية أن معظم من قاموا بهذا الفعل تربطهم صلة قرابة بالنائب العام السابق ونائبه ورئيس مكتبه الفني ونجل رئيس نادي القضاة المستشار الزند . إن ما قام به هؤلاء ( العشرات ) من رجال النيابة العامة هو عمل شائن لا يليق بالقضاء ولا بمن ينتسبون اليه ، ويستوجب العقوبة المشددة لكل من قاموا به ، ولا يعد انتصارا للقضاء يستوجب الاحتفال به في نادي القضاة وتوزيع الشيكولاته وسط حالة من الارتياح والبهجة بين القضاة كما حدث . وهي ليست خطوة على طريق إنتصار القضاة والشرعية كما زعم (حامي الديار ) ولكنها مخالفة جسيمة للقانون قام بها بعضا من حماة القانون . القضاء هو دولة القانون ، وفي سمو القضاء سمو لدولة القانون وتعزيزا لأركانها ، لكن أن يقوم حماة القانون ورجاله بكسر القانون والخروج عليه بمنع موظف عام من تأدية عمله ، ومحاولة اقتحام مكتبه بالقوة لطرده منه ، وإجباره على الاستقالة تحت الإكراه ، فهذا يعني سقوط القانون في دولة القانون ، وأن البقاء للأقوى ، وفي هذا تقنيين للبلطجة ، ودعوة لسيادتها وانتشارها في المجتمع وجعلها شعارا للمرحلة ، وهذه شريعة الغاب . لقد سقط القانون في دولة القانون ، ولكن لا يزال الأمل كبيرا في شرفاء السلطة القضائية وهم كثيرون ، وهم الأغلبية في تطهير هذا الصرح الكبير في نفس كل مصري من الخبث ، ليصبح كما نتمناه جميعا قويا بحجم الشرفاء فيه ، وشامخا بعزتهم وسموهم ، وعملاقا بحجم موقعهم في قلب كل مصري ، فهو الحصن الأخير الذي نحتمي به من ظلم الظالم ، وقهر المستبد ، وعدوان المتجبر . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]