ربما لا يعرف الكثيرون سر الأزمة المفتعلة التى انفجرت وتفاقمت دون مبرر فى مصر خلال الأسابيع الماضية!! ويتساءل هؤلاء: ما الذى يجري؟! ما الذى سرَّع وتيرة الصراع السياسى فى مصر؟! ثم ما الذى دفع المعارضين للرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى للخروج عليه ومحاولة إسقاطه ولمَّا يكمل بعدُ فى منصبه ستة أشهر؟! ويتساءل كثيرون: هل أدخل السيد الرئيس مرسى يده فى (عش الدبابير) فهيَّجهم عليه بهذه الحدة والشراسة؟! ثم لماذا كل هذا الشحن والتحريض على الرئيس وعلى الإخوان المسلمين؟! ولماذا يدفع بعض رموز المعارضة الوضع للانفجار لدرجة التهديد علانية بإشعال حرب أهلية مدمرة دون أية مراعاة للمصالح المصرية العليا؟! ولمصلحة مَن جر البلاد إلى الهاوية بهذا الشكل المفتعل المتسارع الذى لا يوجد ما يبرره لأى صاحب بصيرة يفكر بمنطق وعقلانية؟! مفتاح الحل وكلمة السر لكل هذه التساؤلات هى (غزة) وموقف مصر الجديدة من مأساتها؛ فخلال العدوان الصهيونى الغاشم الأخير عليها ظهرت قوة الرئيس المصرى الجديد الدكتور (محمد مرسى) وظهرت قوة مصر الحقيقية وقدرتها على الردع والتأثير فى مجمل أحداث المنطقة، وذلك من خلال دعم الرئيس مرسى غير المحدود لقطاع غزة بكل السبل والوسائل دون النظر إلى أية ضغوط أمريكية من أى نوع! إن صواريخ حماس على تل أبيب أحدثت دويًّا هائلاً فى واشنطن وغيرها من العواصمالغربية التى زرعت إسرائيل فى قلب العالم العربى وتضمن بقاءها وتتعهد بحمايتها وتقيم شراكات إستراتيجية معها، وهنا استشعرت الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها خطر مصر القوية على مصالحهم فى المنطقة، إنهم لا يريدون مصر قوية، ولا يريدون رئيسًا مصريًا قويًا يحقق مصالح شعبه ويناصر قضايا أمته، إنهم لا يريدون زعيمًا عربيًا قويًا يقف ضدهم ويهدد مصالحهم. لقد جاء الرد الأمريكى الغربى سريعًا جدًا على موقف الرئيس مرسى القوى المتضامن مع أهلنا الفلسطينيين فى غزة، حيث أثاروا القلاقل فى وجهه وحركوا عرائسهم بسرعة على المسرح السياسى بطول المنطقة كلها من دبى ورام الله إلى بيروت والقاهرة وغيرها من العواصم.. وصدرت أوامر عاجلة وتعليمات مشددة لكل وسائل الإعلام المصرية وزعامات الأحزاب الكرتونية بتسخين الأجواء وزيادة شحن جماهير المصريين ضد مرسى والإخوان والمشروع الإسلامى برمته، ودفع الشعب المصرى للمطالبة بإسقاط النظام ونزع شرعيته!! وبالعودة إلى جهاد الإخوان المسلمين التاريخى من أجل فلسطين وموقفهم المبدئى المشرف من القضية الفلسطينية واعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، وسعيهم الدءوب لتحرير فلسطين وعلى وجه الخصوص القدس الشريف وفك أسر المسجد الأقصى المبارك الذى يرزح منذ عقود تحت نير الاحتلال الصهيونى بالعودة إلى ذلك التاريخ الناصع يتأكد لدينا أن الإدارة الأمريكية لن تهدأ حتى تسقط مرسى أو على الأقل تضعفه وتنتزع مخالبه إن لم تتمكن من اصطناع معارضة على مقاسها تصل بها لسدة الحكم فى مصر لتعمل من أجل مصالح الصهاينة والأمريكان (والغرب عموما) كما كان المخلوع مبارك خادمهم وكنزهم الاستراتيجي! وهذا التحليل يؤكده فى الواقع أن الإدارة الأمريكية فى الآونة الأخيرة قدمت ولا تزال تقدم دعمًا سخيًا للمعارضة المصرية (ماديًا ولوجستيًا ومخابراتيًا!) لإسقاط الرئيس مرسى أو إضعافه على الأقل، ولعل هناك بعض الشواهد التى تدل على ذلك من بينها روح التحدى والتصعيد المستمر فى لهجة المعارضين المصريين رغم تهافت حُجَجِهم، وبهتان دعاواهم، وبطلان مزاعمهم وافتراءاتهم، وهزال وهشاشة ظهيرهم الشعبى فى الشارع إذا ما قورنت أعدادهم بملايين المؤيدين والداعمين لشرعية الرئيس، إضافة إلى رفضهم حضور المناظرات الانتخابية العلنية لمناقشتهم فى وجهة نظرهم. ومن هذه الشواهد كذلك لغة الصلف والغرور التى يتحدث بها الهارب (أحمد شفيق) والمدعو (ضاحى خلفان) لحد جزم الأخير منذ أيام بأن نظام الرئيس مرسى سيسقط خلال شهرين، وهذه اللقطات يصبح لها دلالة أخطر فى رأيى عندما نجمع أجزاء الصورة ونتأملها جيدًا، لاسيما لو أضفنا إليها ما يرشح على السطح من أنباء مثل: التقاء حمدين صباحى بسمير جعجع (مفجر الحرب الأهلية اللبنانية) فى بيروت، ودعم النظام الإيرانى لصباحى وإنفاق إيران على حملته الانتخابية، بالإضافة إلى مغازلة البرادعى للصهاينة وتصريحاته عن المحرقة (الهولوكست) وتكالب جميع القنوات المصرية بما فيها القنوات الرسمية على الرئيس وشن حملة ممنهجة لتشويهه وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين ومحاولة جرهم للعنف، وكذلك الدفع بفصيل من القضاة للتغول على السلطة التنفيذية ممثلة فى الرئيس مرسى لعرقلة مسيرته وإفشاله فى النهاية. لكن المفاجأة الكبرى التى أفشلت المؤامرة على مصر ورئيسها الشرعى الدكتور محمد مرسى كانت ملايين المصريين الذين نزلوا واحتشدوا فى الميادين والشوارع دفاعًا عن رئيسهم الشرعى وعن كرامة وطنهم وأمتهم. والمفاجأة الأكبر التى أذهلت العالم كانت ملايين المصريين الذين وقفوا ساعات طويلة أمام صناديق الاقتراع للاستفتاء على الدستور، فهؤلاء أيًا كان قرارهم السياسى إلا أنهم قدموا للعالم شهادة مليونية موثقة بالصوت والصورة تقول: إن شعب مصر شعب راقٍ متحضر يتمسك بالشرعية ويسعى لبناء مؤسسات بلاده لتحقيق الاستقرار، وأنه يلتف حول رئيسه الشرعى الدكتور محمد مرسى ولن يرضى عنه بديلا؛ لحماية الدولة من الانزلاق نحو المجهول!! وانتظروا الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور فبإذن الله سيكون الشعب المصرى تعالى أكثر روعة وبهاء.. وإن شاء الله سيكون الحشد أكثر جمعًا، وتكون النتائج أشد حسمًا، حيث ستقول الملايين نعم للدستور؛ لأن جموع المصريين تنحاز للاستقرار والبناء لتحقيق التنمية والرخاء! [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]