رئيس الوزراء: قفزة كبيرة في تحويلات المصريين بالخارج    رئيس الوزراء: الدولة أوفت بوعودها للمُصدرين.. وضاعفنا قيمة برنامج رد الأعباء    عطل فنى مؤقت فى تطبيق انستاباى وتوقف التحويلات    5G فى مصر: كل ما تريد معرفته عن الهواتف المدعومة .. السرعة والمميزات    تكريم مصر إيطاليا العقارية بجائزة شنايدر إلكتريك للاستدامة 2024 في الشرق الأوسط وأفريقيا    حكومة نتنياهو تدعو وزراء ونواب الحريديم للحفاظ على الوحدة في زمن الحرب    الإخوان على رادار الكونجرس .. تحرك أمريكى جديد لحظر "الإرهابية"    تقرير: زوارق إسرائيلية تخطف صيادا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    فابريجاس يوافق على تدريب إنتر ميلان خلفًا لسيموني إنزاجي    مستند جديد يشعل أزمة زيزو والزمالك ويحسم مشاركة اللاعب مع الأهلي في المونديال    مصدر ليلا كورة: الزمالك يتوصل لاتفاق لفسخ عقد نداي    تايمز: ليفربول لم يتلق أي عروض ل لويس دياز.. ولا ينوي بيعه حاليا    بعد تصعيدهم لعرفات.. الحجاج: شكرا وزارة الداخلية (فيديو)    جهود أمنية مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شخص مجهول بقنا    طرح البوستر الرسمي لفيلم "آخر رجل في العالم"    محمد رمضان يطرح أغنية أنا رئيسها.. فيديو    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى وحالة الطوارئ بجميع مستشفياتها فى العيد    وزارة الصحة والسكان تؤكد التزامها بتيسير الخدمات العلاجية للمرضى في مستشفى جوستاف روسي    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    طريقة عمل المكرونة المبكبكة، أسرع أكلة من المطبخ الليبي    يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة    نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد    لحظة تفجير جسر كيرتش بين القرم وروسيا ب2400 رطل من المتفجرات زُرعت تحت الماء (فيديو)    البنك المركزي: ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 48.526 مليار دولار بنهاية مايو 2025    تموين الإسكندرية: توريد 71 ألف طن قمح حتى الآن    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    مسرح الهوسابير يستقبل عيد الأضحى بعروض للأطفال والكبار.. تعرف عليها    هيئة الرعاية الصحية تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    رئيس "الشيوخ" يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    إغلاق ميناء الغردقة البحري لسوء الأحوال الجوية    مها الصغير تتقدم بشكوى رسمية ضد مواقع إخبارية    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ينتحر المصريون سياسيا ؟
نشر في المصريون يوم 16 - 12 - 2012

من الحقائق الشائعة والمتداولة والمعروفة في علوم الأحياء أن ثمة كائنات وأحياء مائية وبرمائية ، مثل نوعيات معينة من الدلافين والحيتان والسلاحف وغيرها ، تمارس ما اصطلح على تسميته بظاهرة " الانتحار الجماعي " ، التي تأخذ في الغالب شكلا منظما وجماعيا بين أعداد هائلة من هذه الكائنات والأحياء ، لأسباب بعضها قد توصل العلم إلى استكشافها ، والأخرى مازال العلم عاجزا عن تبريرها وتفسيرها ، إلا انه في كل الأحوال باتت هذه الظواهر تمثل مناطق اهتمام خاصة لدى العلماء والباحثين والمغامرين والمستكشفين وغيرهم ، بدوافع شتى ومختلفة تتراوح بين الوصول إلى اكتشافات علمية ونظرية ، وليس انتهاء بالوصول إلى استكشافات غير مسبوقة يمكن توظيفها واستغلالها تجاريا ... وأيا كانت حدود الظاهرة وموضوعها ودوافعها وأسباب الانشغال بها ، فإنها ظاهرة قد ارتبطت في موضوعها وسياقات إنتاجها بنوعيات محدودة ومحددة من الكائنات الحية ، ولم يثبت بالدليل العلمي القاطع أنها ظاهرة موجودة لدى كل الكائنات الحية غير العاقلة ، كما لم يثبت علميا ولا تاريخيا وواقعيا أن هذه الظاهرة من الظواهر التي اتصلت بالمجتمعات الإنسانية وبالبشر عموما على اختلاف مشاربهم وعقائدهم ، إلا من بعض مؤشرات محدودة في دلالاتها الإحصائية ، لنزوع فئات محدودة من البشر في بعض المجتمعات وتحت ضغوط ظروف معينة إلى ممارسة هذا الفعل الشنيع وغير الإنساني أو الأخلاقي ، وبما لا ترقى لاعتبارها قانونا عاما أو ظاهرة ، بمثل ما تشهده النوعيات السابق الإشارة إليها من الكائنات الحية الأخرى .
ومن هنا نؤكد أن نزوع البشر والمجتمعات الإنسانية عموما نحو هذه الظاهرة لا يمثل أصلا ثابتا من أصول العمران البشري و الاجتماعي ، بقدر ما يمثل استثناء على هذا الأصل ، .. إلا أنه وبالرغم من ذلك فالثابت في كثير من مدونات التاريخ السياسي و الاجتماعي للشعوب أن ثمة نوعية أخرى من ظاهرة الانتحار الجماعي تمارسها الشعوب وتنظيماتها الاجتماعية والسياسية ، وهي الظاهرة التي يمكن وصفها بظاهرة الانتحار السياسي للشعوب ، وإلا فليقل لي قائل أو مستنكر بماذا نفسر تصرفات زعماء و قادة شعوب دول مثل ألمانيا وايطاليا في عهد هتلر وموسيلليني ونزوعهم الدائم نحو تحقيق السيطرة والهيمنة والاستبداد بالداخل و والتوسع والهيمنة على شعوب ودول العالم والإصرار على ذلك في وقت كانوا يشهدون فيه بأعينهم ويدركون فيه بعقولهم بناء تكتلات وتحالفات قوية للوقوف في مواجهتهم والتصدي لهم ؟ وبماذا نفسر غباء الرئيس الراحل صدام حسين وهو يشهد بأم عينيه نهايته على أيدي التحالف الأنجلو- أمريكي ، المدعوم بشرعية وغطاء عربي وإسلامي ، وإصراره على غزو الكويت ومواجهة التحالف الدولي بأسره ؟ وغيرها من أمثلة تجدها لدى معظم الشعوب والحضارات لا فرق في ذلك بين حضارة متقدمة وقوية وحضارة متوارية وآفلة ، إلا في درجة ونوعية هذا الانتحار ، الذي يعني بالقياس على المفهوم الأصلي " السعي إلى الحتف والنهاية بإرادة وطواعية تتسم بشلل القدرة والغباء " .
وبرغم أن التاريخ السياسي والاجتماعي للمصريين – بحمد الله ورحمته – لم يشهد تبلور واضح وحقيقي لنزوع الشعب المصري وقياداته التاريخية وتكويناته السياسية والحزبية والاجتماعية إلى ممارسة هذه الظاهرة ، من خلال تفجير المجتمع بصراعات مصنوعة ودائمة ومستمرة في الداخل لإسقاط الدولة وتفكيك المجتمع ، أو من خلال نزوع للطغيان ومحاولات التوسع والعدوان الخارجي على الشعوب والدول الأخرى بما تمثله من مخاطرة ونزوع نحو الانتحار السياسي أو العسكري ، وغلبة التوجه السائد في المجتمع ولدى الجميع ، حكام ومعارضة ، نحو تكريس طابع الاستقرار والحفاظ على كيان الدولة والمجتمع ، حتى في إطار الثورات والانقلابات الكبرى ، إلا أن تداعيات الواقع الراهن بعد ثورة يناير المجيدة ، وفشل القوى السياسية والحزبية جميعها في بناء توافق وطني ، ومشروع وطني للنهوض والإصلاح ، وحدوث حالة انشقاق واسعة في الصف الوطني ، خاصة بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة وتحقيقهم لأغلبية برلمانية وفوزهم في انتخابات رئاسة الجمهورية ، وفشلهم في تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ وطني نتيجة لتغليب الاعتبارات الفكرية والأيديولوجية من قبل الجانبين معا : الإسلاميين والقوى الليبرالية واليسارية والمدنية ، واستمرار حالة الانقسام والاستقطاب الحادة بينهم ، نتيجة فشلهم في بناء توافق وطني كامل حول مشروع الدستور والاستفتاء عليه ، ونتيجة لتداعيات بعض المواقف والقرارات السياسية من قبل الرئيس والتيار السياسي الذي ينتمي إليه ، ينبئ بأن الشعب المصري المنقسم على ذاته والقوى الوطنية التي أسهمت وأذكت حدة هذه الانقسامات وفشلت في بناء الجسور نحو حوار وطني جاد لعبور المرحلة الانتقالية في طريقهم جميع حكاما ومحكومين ، إسلاميين ومدنيين نحو الانتحار السياسي ، بإرادتهم طواعية ، وها هو الرئيس يدعو الشعب إلى التصويت على مشروع الدستور والاستفتاء عليه ، في وقت تدعو القوى السياسية والوطنية إلى العصيان المدني والى رفض الدستور وحتى الإعلان الدستوري الأخير ، وكل يحشد أنصاره ، وكل يسعى لفرض تصوراته دون اعتبار لمفهوم التوافق والعمل الوطني المشترك ، الأمر الذي بدأ يثير المخاوف في النفوس والهواجس في الضمائر والقلوب ، وبات السؤال الرئيس السائد في الشارع السياسي الآن : هل يقدم المصريون على الانتحار السياسي بعد نجاحهم في ثورة أثارت إعجاب العالم وأبهرته ؟ هذا ما ننتظر الإجابة عليه ولا نتمناه .
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.