في الماضي كان الطريق لتلقي العلم هي أن يجلس الطالب بين يدي شيخه يعلمه ويربيه ويوجهه ويترك بصمته علي تشكيل شخصيته ووجدانه ، ثم أصبح التلقي يتم عن طريق الكتب فيعد الشخص مريدا وتابعا فكريا لأحد العلماء الذي ربما يكون قد مات قبل أن يولد ولم يره قط ، كتلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية المعاصرين وتلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذ الأستاذ سيد قطب . تطور الأمر اليوم حيت توجد عوالم افتراضية شديدة التأثير علي الشباب ، بحيث أصبحت الإجابة علي تساؤل يبدو بسيطا مثل من شكل عقول الشباب الذين قاموا بتفجيرات شرم الشيخ ؟ إلي أي تنظيم ينتمون ؟ ومن الذي يوجههم ؟ هذه التساؤلات البسيطة المنطقية ربما تكون إجابتها في غاية التعقيد . قد تثبت التحقيقات أنهم لا ينتمون لأي تنظيم ولم يوجههم أحد ولكنهم في نفس الوقت تأثروا وتشكلوا من خلال العوالم الافتراضية VIRTUAL أو الاصطناعية ARTIFICIAL الحديثة التي تخلقها شبكة الانترنت ، فاتجهوا إلي بعض المواقع التي رسمت لهم خريطة إداركية عن العالم وكيفية المواجهة والتعامل مع ما يحدث فيه ، وهو ما أثر علي تشكيل عقولهم ووجه سلوكهم ، وبعد فترة من التشبع المعرفي الذاتي بعيدا عن العلماء انتقلوا هم بأفكارهم إلي حيز التنفيذ . لذلك ليس غريبا أن تحدث موجات تفجيرات في مواقع مختلفة من العالم فالشبكة العنكبوتية تحتضن الجميع وتؤثر فيهم . ومن الخصائص المميزة لأنظمة العوالم الافتراضية أنها تطلق العنان للمشاهد وتحرره من وضعه الخاص في الحيز المكاني المحدود وهو ما يسمح له بالإحساس بخبرة إدراكية طليقة أو حرة ، ففي العالم الافتراضي يمكن للمرء أن يختار القيام بأدوار وأنشطة لا يكون ممكنا القيام بها في الواقع الفعلي ، وتعطي له قوة إضافية في مجال السمع والبصر ليدرك أشياء لم يعرفها من قبل في حياته العادية . يتم من خلال هذه العوالم الافتراضية إعادة تعريف وإدراك المفاهيم التقليدية ، فمثلا معني الموت والحياة ، والتفجير والتدمير تزول رهبتها من نفسه ، وتبدو الحياة مختلفة في وعي من يتعامل مع هذه العوالم حيت تزول الحدود بين الواقع والخيال . أتاحت هذه العوالم الافتراضية للإنسان المعاصر قدرا هائلا من المعارف الواسعة التي لا تنتهي بما في ذلك قدرته علي اختراق الجدر الأمنية والعسكرية حتي لأجهزة المخابرات والدول الكبيرة ، ولا نستنثي من ذلك الحصول علي كيفية تصنيع أدوات العنف التي لم يكن يعرفها من قبل سوي الخبراء المتخصصون . لم تعد المواجهة الأمنية أو عقد مؤتمرات دولية لمكافحة الإرهاب هي الحل ، وإنما الحل الناجع هو العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان علي كل المستويات ولكن هل يمكن الوصول إلي ذلك ؟