محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير نفق الشهيد مصطفى الصيفي    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    صور | تشمل الخضراوات والفاكهة.. مبادرة لتخفيض الأسعار في الوادي الجديد    مصر وسنغافورة توقعان اتفاقيات تعاون بمجالات الاستثمار والتعليم والتدريب    وزير الاستثمار يبحث مع رئيس سنغافورة التعاون في 4 مجالات    تعرف على التشكيل الأساسي لمباراة أتلانتا وتورينو    وزارة الداخلية تكشف حقيقة مزاعم الإخوان حول أوضاع نزلائها بمراكز الإصلاح    السيطرة على تسريب كسر ماسورة غاز في بحر مويس ببنها في القليوبية    إقرأ في العدد الخاص من «البوابة».. ملوك العود    محافظة الجيزة توقع بروتوكول تعاون مع جامعة القاهرة لتعقيم الكلاب الضالة بأساليب علمية    محافظ الدقهلية: لن أسمح بتقسيم الخطوط وسيارات النقل الجماعي جاهزة للتدخل الفوري في مناطق التكدس    إيقاف محمد شوقي وتغريم المحلة.. رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة السابعة من الدوري المصري    إطلالة شبابية.. نادية الجندي تتألق بفستان قصير في أحدث ظهور    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    محافظ الدقهلية يتابع انتظام العملية التعليمية مع بداية الدراسة    تعرف على منصب سيد عبدالحفيظ في الأهلي بعد جلسته مع الخطيب    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    قبل انطلاق النسخة ال18 في مصر.. تاريخ بطولة العالم للأندية لكرة اليد    تغيير الساعة.. موعد انتهاء التوقيت الصيفي 2025 وبدء «الشتوي» (تفاصيل)    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    محافظ الإسكندرية يوجه بتكثيف حملات مراقبة الأسواق والتصدي للتلاعب بالأسعار    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    صافرات الإنذار تدوي في عسقلان وأسدود بعد إطلاق صواريخ من غزة    «جوتيريش» يجدد مطالبته بوقف فوري للأعمال العدائية في الفاشر بالسودان    من الشهرة لسائقة تاكسي.. عبير عادل تكشف كواليس 7 سنوات من الغياب    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    انطلاق تصوير مسلسل «لعدم كفاية الأدلة» مع كوكبة من النجوم    لهذا السبب لا يستطيع أحد خداعه.. 3 صفات قوية لا يمتلكها إلا برج العقرب    بالعروض الفنية التراثية.. قصور الثقافة تختتم الأنشطة الصيفية بجنوب سيناء    «الصحة» تُطلق الدبلوم المهني لسلامة المرضى وإدارة مخاطر الرعاية الصحية    «الصحة» تنظم زيارة رسمية لوزير الصحة السنغافوري إلى معهد ناصر    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    «زي بتاع المحلات».. أسهل وألذ طريقة لتحضير البان كيك    عادات يومية تهدد قلبك وتقلل من إنتاج «أكسيد النيتريك»    موعد صلاة العصر.. ومن دعاء الصالحين بعد ختم الصلاة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد الموافق 21 -9-2025 في سوهاج    تقديم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية بالدوري لدعم المنتخب الوطني    عضو الصناعات الهندسية: دعم الابتكار وتأهيل العمالة مفتاح المنافسة عالميًا    حشيش وهيروين وشابو..سقوط 16 متهمًا بالاتجار في المخدرات بكفر الشيخ    يخفض حرارة الجو إلى النصف.. 8 صور لقطار فيلارو فائق السرعة قبل تشغيله    ترامب يمنح وسام الحرية الرئاسى لمنافسه السابق فى انتخابات 2016    «بونبوني وهدايا تذكارية».. وكيل «تعليم دمياط» يشارك التلاميذ فرحة أول أيام العام الدراسي الجديد    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    ما هي الاتهامات التي استندت عليها النيابة فى إحالة رمضان صبحى للجنايات بتهمة التزوير؟ اعرف التفاصيل    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    سجل هدفين وصنع آخر.. ميسي يقود إنتر ميامي لفوز شاق على دي سي يونايتد    توزيع البلالين والأعلام على التلاميذ يتصدر مشهد أول يوم دراسة ببني سويف    موقع عبري: إصابة 8 جنود بانقلاب آلية عسكرية إسرائيلية على مشارف مدينة غزة    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكير آخر في مسألة الإرهاب .. فهمي هويدي
نشر في المصريون يوم 02 - 08 - 2005


لم أفهم لماذا نتعلق بفكرة عقد مؤتمر دولي للإرهاب، في حين أننا لم نبحث الأمر بشكل جاد على المستوى الوطني. كما لم افهم لماذا يزج بالإسلام في الموضوع وهو ليس طرفاً فيه. ولماذا لا نتسلح بشجاعة تمكننا من أن نتطلع في مرآتنا أولاً، ونتفقد مواضع أقدامنا، قبل أن نمد أبصارنا إلى الشاطئ الآخر ونبحث عن مشجب نعلق عليه همومنا؟ (1) أدري انه في لحظات الصدمة يصعب كبح مشاعر الانفعال والغضب، حتى تبدو الدعوة إلى العقلنة تغريداً خارج السرب، ويصبح أي كلام من ذلك القبيل ثقيل الوطأة على النفس. يضاعف من المشكل في حالتنا انه منذ وقعت الواقعة في شرم الشيخ والخطاب الإعلامي الرسمي في مصر، يتبنى خطاباً تعبوياً عالي النبرة، جاء مغذياً للانفعال ومؤججاً للعواطف، أكثر منه داعياً إلى التفكير ومنيراً للعقول. صحيح أن الحدث جلل، والغضب لا بد منه، والدور التعبوي قد يكون مفهوماً ومبرراً بدرجة أو أخرى، لكن التحدي الذي نواجهه هو كيفية الاحتفاظ بوتيرة الغضب، وتحويله إلى طاقة توقظ الوعي وتشحذ الهمة وتستنهض الرغبة في المراجعة والمصارحة وتجديد العافية، وإذا لم يحدث ذلك فإن حصيلة الجهد لن تتجاوز حدود الاستثارة ودغدغة العواطف، الأمر الذي يحول الغضب إلى “صرعة” تنتاب المجتمع لبعض الوقت، ثم يزول أثرها بعد حين. في هذه الأجواء وقعت على محاولات للتفكير الجاد في المسألة في كتابات بعض المعلقين البريطانيين بوجه أخص، الذين تعرضت عاصمة بلادهم مؤخراً لبعض العمليات الإرهابية. وقد ركزت تلك الكتابات على الأسباب التي دفعت بعض المسلمين إلى القيام بتلك العمليات. وأشارت في هذا الصدد إلى أخطاء السياسة الخارجية البريطانية ومشاركتها في احتلال العراق (صحيفة ديلي ميرور أجرت استطلاعاً بيّن أن 85% من البريطانيين يرون أن ثمة علاقة بين تلك الأخطاء وتفجيرات لندن). وقالت ماري ريدل في “الاوبزرفر” (24/7) إن صدمة البريطانيين من جراء مقتل 52 شخصاً في لندن، يجب ألا تنسيهم أن ثمة مذبحة مستمرة في العراق. صحيفة الجارديان كانت وما زالت الأكثر اهتماماً بتسليط الضوء على دور السياسات الغربية إزاء فلسطين والعراق وأفغانستان في إذكاء الإرهاب وعولمته. (ديفيد كلارك 25/،7 جوناثان جلوفر واندرو موراي في 27/7). مجلة “فورين افيرز” الأمريكية نشرت في عدد يوليو/ تموز الأخير، مقالاً مهماً كتبه روبرت ليكن من مؤسسة “بروكينجز” ومدير برنامج الهجرة والأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق نيكسون، ركز فيه على شعور مسلمي أوروبا بالغربة والتهميش. وقال إن الأوروبيين يجب أن يبذلوا جهداً اكبر لاحتواء المسلمين والانفتاح عليهم، إذا أرادوا أن يجففوا منابع الإرهاب. حين فرغت من مطالعة تلك الكتابات وأمثالها قلت: هؤلاء قوم عالجوا الأمر بطريقة مختلفة عما نألفه في بلادنا. فقد استخدموا في مواجهته عقولهم وليس حناجرهم أو عضلاتهم. (2) هل تسهم فكرة المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في حل المشكلة؟ البعض في مصر تبنى الفكرة وتحمس لها. وهناك من ذهب إلى ابعد فدعا إلى ما سماه الانخراط في الحرب العالمية ضد الإرهاب التي تخوضها الولايات المتحدة (تحت القيادة الأمريكية بطبيعة الحال). وكانت لي من البداية تحفظات على فكرة المؤتمر الدولي أوردتها في مقام آخر، ألخصها فيما يلي: * أن الدول الكبرى سبقتنا في هذه المسألة، ونسقت فيما بينها، وما نشر عن فريق العمل الأمريكي الأوروبي الذي تشكل لهذا الغرض في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول كشف عن تفاصيل كثيرة في هذا الصدد، وبات معلوماً انه بعد تفجيرات مدريد وضعت الدول الأوروبية “مخطط عمل” تضمن 150 إجراء لمكافحة الإرهاب. * أن أي مؤتمر دولي يعقد للإرهاب ستفرض فيه الدول الكبرى إرادتها (هذا أمر طبيعي بحكم موازين القوة). وستكون “إسرائيل” هي المستفيد الأول منه. لأن الولايات المتحدة ما زالت تعتبر المقاومة في فلسطين إرهابا، وأيدتها في ذلك الموقف دول الاتحاد الأوروبي التي ضمت لاحقاً حركة حماس إلى قائمة المنظمات الإرهابية. وإذا ما حققت الدول العربية إنجازا من أي نوع مثل تسليم اللاجئين والمنشقين المقيمين في العواصم الأوروبية فإن ذلك لن يقارن بالثمن الذي سيدفعونه لقاء ذلك. من ثم فقبل أي خطوة جادة في ذلك الاتجاه يتعين على العرب أن يجيبوا عن السؤال: هل هم على استعداد لاعتبار المقاومة إرهابا أم لا؟ * أن الفكرة إذا ما جرى تنزيلها على الواقع لن تخلو من مفارقة، لان بعض الدول التي يتوقع أن تشارك فيه ضالعة بدرجة أو أخرى في ممارسة الإرهاب. وما جرى في أفغانستان والعراق يشهد بأن الولايات المتحدة على رأس هذه الدول. ثم إن بينها دولة “أصولية” في الإرهاب هي “إسرائيل”، به قامت وبه تستمر. فكيف بالله عليكم أن يكون أمثال هؤلاء شركاء في مكافحة الإرهاب؟! (3) السؤال الذي يحيرني هو: لماذا نقذف بالكرة خارج الملعب، ونتصور أننا بذلك يمكن أن نحقق الأهداف لمصلحتنا؟ بكلام آخر: بأي منطق نتطلع إلى بحث مشكلة الإرهاب في مؤتمر دولي، في حين أننا لم نجر حواراً وطنياً في داخل مصر حول المشكلة؟ صحيح أن كلاماً كثيراً قيل في الموضوع، وأنهاراً من الأحبار سالت في محاولة تحريره، لكن ذلك كله لم يكن حواراً وطنياً، وإنما كان في احسن أحواله آراء شخصية، بعضها كان خالصاً لوجه الله، والبعض الآخر كان تصفية حسابات ومن تجليات الاختلاف في الاعتقاد وليس الاجتهاد. (4) قرأت عن كتاب مثير للجدل في الولايات المتحدة أصدره أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو روبرت بيب، وعرضته صحيفة “نيويورك تايمز” (في 18/5/2005)، اثبت فيه مؤلفه أن الإسلام لا علاقة له بالعمليات الإرهابية (يقصد الانتحارية والاستشهادية) وان الظلم والمهانة اللذين ينزلهما الاحتلال بالناس هما السبب في تلك العمليات. دلل الرجل على ذلك بتنبيهه إلى أن العراق لم يعرف العمليات الانتحارية قبل الاحتلال، ولكن هذه العمليات وصلت إلى 20 في العام الأول، والى 50 في العام التالي. وهي في تزايد مستمر. وأضاف أن “نمور التاميل” في سريلانكا، وهم من أصول ماركسية لينينية منكرة للدين، قاموا ب 76 عملية انتحارية من 315 عملية حدثت في العالم بين سنتي 1980 و ،2003 بينما لم يتجاوز عدد العمليات التي قامت بها حركة حماس ،54 والجهاد الإسلامي ،27 كما أن بعض المنظمات الفلسطينية اليسارية والعلمانية قامت بعمليات أخرى ضد الاحتلال “الإسرائيلي”. حين يقرأ المرء هذا الكلام المنصف والرصين، فانه يشكك في براءة الذين يلحون على وضع الإسلام والمسلمين جميعاً في قفص الاتهام، ويجلدون الاثنين كلما وقع حادث إرهابي في أي مكان بالكرة الأرضية. يعزز من الشك أن أحداً لم يجرؤ على استخدام مصطلح “الإرهاب اليهودي”، رغم كل ما يمارسه “الإسرائيليون” بحق الفلسطينيين من ابشع صور الإرهاب منذ ما يفوق على نصف قرن ولم يجرؤ أحد على إدانة “الإرهاب الأرثوذكسي”، رغم ما فعله الصرب بالبوسنويين، وقد مرت قبل أسابيع قليلة الذكرى العاشرة لمذبحة “سربرينتا” التي قتل فيها الصرب 8 آلاف مسلم في وجود القوات الدولية. أما ما يضاعف الفجيعة أن بعضاً من العرب استخدموا نفس اللغة، وباتوا يرددون في كتاباتهم مصطلحات العنف الإسلامي والإرهاب الإسلامي، من دون أن يشيروا بإصبع واحدة إلى الجذر الحقيقي للمشكلة التي سلط عليها الباحث الأمريكي الضوء. (5) لقد بحت أصوات علماء المسلمين ومؤتمراتهم طوال السنوات العشر الماضية، وهي تندد بالإرهاب وتدين كل جرم ارتكبه الإرهابيون ومع ذلك لم يتراجع الإرهاب، ولا يزال يفرز كل حين أجيالا جديدة، الأمر الذي يقطع بأن علاج الأمر ليس بيد هؤلاء. ولكن هناك من يصر على طمس تلك الحقيقة، وتجاهل كل ظروف الواقع، ويطالب علماء المسلمين بإعادة إنتاج فتاواهم. ومن هؤلاء من ذهب في المزايدة إلى حد المطالبة بإخراج الإرهابيين من الملة أو الحكم بردتهم. لا اعرف إن كان ذلك من قبيل العبط أو الاستعباط، لكن الذي اعرفه جيداً أن الأمر اجل من أن يواجه بالإصرار على دفن الرؤوس في الرمال، أو التمسك بشعار “الحق على الطليان”!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.