لم أشعر بهول المفاجأة عندما خرج شيخ الأزهر وكأنه يريد وضع الرئيس مرسي أمام خيارين لا ثالث لهما إما الاستسلام أو الحكم عليه بالتطرف الإسلامي عندما طلب الشيخ الطيب من الرئيس تجميد الإعلان الدستوري وقبل ساعات من بلوغ الاستقرار وإنهاء الأزمة من خلال اللجوء إلى الشعب في الاستفتاء.. الكل يبعث برسائل إلى العالم الغربي المتشوق إلى إسقاط مرسي إلا أن رسالة شيخ الأزهر هي أخطر الرسالات لأنها تريد أن تقول هذا هو الفرق بين إسلام مرسي المتطرف، وبين إسلام شيخ الأزهر الذي يتناغم وبغرابة مع كل أعداء الإسلام في الداخل وفي الخارج.. ورغم أن شيخ الأزهر يحظي بثقة الليبراليين والعلمانيين وهي ثقة مشبوهة لأنهم رغم اختلافهم يجمعون على كراهية الإسلام ومع ذلك فإنهم مع شيخ الأزهر يحبهم ويحبونه.. إلا أن فضيلته لم يتفضل بأن يطلب منهم أن يقوموا أولًا بسحب الميليشيات التي أرسلوها وموّلوها لاقتحام القصر وإعلان سقوط مرسي من قلب القصر رغم أن رجالهم «المستأجرين» هم الذين يصوبون البنادق على رؤوس وصدور مؤيدي الرئيس والذين يتساقطون واحدًا بعد الآخر وها هم ينسحبون رغم أنهم يمتلكون الحشد القادر على فض الاعتصام أمام القصر إلا أنهم وليس عن عجز لا يريدون إراقة الدماء.. شيخ الأزهر الذي لم يكن من السعداء بفوز مرسي بالرئاسة بدليل أنه كان أحد القيادات التي توجهت من القاهرة إلى الصعيد خصيصى ليكون في شرف استقبال شفيق.. اختار كما يزعمون «الحيطة المايلة التي يستريح قلبه لإزالتها من الوجود بعد أن أصبحت تشكل تهديدًا له وعلى وجه الخصوص بعد الحديث - مجرد الحديث - عن ترشيح الشيخ القرضاوي شيخًا للجامع الأزهر وهو قيمة بكل المعايير، وكل تصرفات شيخ الأزهر بعد قيام الثورة تؤكد أنه لا يريد أن يغادر قصر المشيخة إلا إلى القبر.. أطال الله عمره.. نحن نسأل شيخ الأزهر ما رأيك فيما يرتكبه أصدقاؤك المسلحون والعلمانيون الأقحاح ومن بينهم عمرو موسى الذي كنت تعقد معه اجتماعات مغلقة؟.. وعندما يأتي الصحفيون يقال لهم إن هذا الاجتماع اجتماع مغلق وليس للإعلام، هل صحيح ما قاله لي بعض التيارات المحايدة؟ قال: إن هذه السقطة تؤكد أن شيخ الأزهر لا يدرك خطورة منصبه ولا يعطيه قدره المستحق علمًا وورعًا.. إلا أنني أختلف مع الصديق.. لأن الحقيقة أن شيخ الأزهر هو فلولي بامتياز، وأن اللجنة التأسيسية أخطأت حينما قامت بإجراء تعديل دستوري مفصل علي شيخ الأزهر.. كي ينجو من العزل الذي قرره الدستور.. فإن شيخ الأزهر كان عضوًا مميزًا في أمانة جمال مبارك للسياسات.. وتمت إضافة نص يقول: لا يطبق العزل على من يقدم مستندًا رسميًا باستقالته من الحزب الوطني قبل 25 يناير، ونحن نسأل متى قدم استقالته؟.. الذي حدث ولأنه من الشيوخ الموثوق في ولائهم وانتمائهم لعقيدة مبارك تم اختياره شيخًا للأزهر وسط حفاوة غير متوقعة من البابا الراحل.. وعندها لم يصبح عضوًا بالحزب الوطني وليس في حاجة إلى تقديم استقالة.. لكنه يؤمن بمبادئ الحزب الوطني المنحل.. ولذلك فإن دكتور سليم العوا كان على حق عندما أثار أزمة في التأسيسية حول النص الاستثنائي لكنه فيما يبدو والله أعلم تم التعديل ترضية العلمانيين وأصدقاء الشيخ الطيب.. ورغم ذلك خرج شيخ الأزهر ليرفض الدستور متضامنًا مع أصدقائه الندماء الذين يلعب معهم في الخفاء.. عندما تظهر الحقيقة لدينا نخبة خادعة تميل في العادة شكلًا إلى كلمة الحق وهي تعرف الحقيقة.. إلا أنها تخالف ضميرها اليوم خوفًا من أن تتهم ب«الأخونة» التي يمكن أن تسبب في أن تفقدها وظيفتها بعد فقدان مركزها الاجتماعي المرموق هذه الحقيقة هي التي جعلتني لا أشعر بالمفاجأة حينما استقال مستشارو الرئيس. لدينا صحفيون تعرفنا عليهم وهم يعارضون مبارك، ثم اكتشفنا بعد الثورة أنهم أصلًا من رجال مبارك الذي عقد معهم صفقة سرية.. بحيث يقوم برفع سقف الهامش أمامهم للظهور بالشجاعة في مهاجمة كبار المسئولين مقابل تحطيم المحظورة.. التي يرجع إليها الفضل ولولاها ما كانوا نجومًا ولا عرفهم أحد..