نفقت الشيوعية فى جميع بلاد العالم منذ عقدين من الزمان، خرت كالثور الصريع، لم تتعرض لحروب حتى لا يتحجج القوم بأن قوة أزالتها، ولكن الله أزالها بعد تعرض البشر لويلاتها وظلمها الأثيم، أفنت من الأنفس ما لا يعلمه إلا الله، ويكفى أن لينين أحد مؤسسيها قال باستطاعتى إفناء نصف العالم ليكون النصف الآخر شيوعياً.. الدم والإفناء هو السبيل للتغيير فى نظرهم المريض.. التضليل هو أسلوبهم الوحيد فى الحياة، هم يدعون للعدالة الاجتماعية بينما زعماؤهم وصفوتهم يشيدون القصور ويملكون المصانع ويكنزون الذهب والفضة ويمشون فى المواكب ويحتقرون الشعب الذى يكرههم، ولا يطيقون المكوث لحظة بين هذا الشعب الذين يتاجرون بآلامه طوال الوقت. وقد دلس أحدهم يوماً وهو عبدالستار الطويلة، وقام بزيارة إلى الاتحاد السوفييتى ولما رجع أشاع أن المسلمين هناك يتمتعون بكافة الحرية، وصلى معهم فى مسجد طشقند، وهو لم نره يوماً يؤم مسجداً فى مصر.. الغاية الوحيدة التدليس والكذب، لأن المساجد هناك فى روسيا حولت إلى مخازن وشون، وفرض على المسلمين الإلحاد وقطع الصلة مع الماضى الإسلامى العظيم، وقد رد عليه أحد المخلصين وهو الدكتور محمد رجب البيومى، وأوضح تدليسه وغرضه هو ومن على شاكلته، وبيّن أن قادة الشيوعيين فى روسيا استمالوا المسلمين الذين كافحوا القيصر قرابة الثلاثين عاماً بقيادة الإمام شامل، ناضلوا فى النور، فى حين كان الثوريون من أتباع "لينين" يعملون فى الظلام عصابات متوارية لا تكشف عن أسماء قادتها ذعراً وخوفاً، فلما جاهروا بالثورة فى أكتوبر 1917م.. كان همهم الأكبر مرضاة المسلمين لأنهم أصحاب الكفاح الحقيقى الذى واجه العدوان دون مواربة، وقد وجه لهم لينين البيان فى ديسمبر سنة 1917 فقال: "أيها المسلمون فى روسيا، أنتم يا من انتهكت حرمات مساجدكم وقبوركم، واعتدى على عقائدكم ونظمكم القومية والثقافية مكفولة لكم منذ اليوم، لا يطغى عليها طاغ، هبوا إذن فابنوا حياتكم كيف شئتم، فأنتم أحرار لا يحول بينكم حائل وبين ما تريدون، واعلموا أن حقوقكم شأنها شأن حقوق سائر أفراد الشعب الروسى تحميها الثورة بكل ما أوتيت من عزم"، وتمت الخديعة بهذه البيانات المموهة، وواصل القادة المنتصرون دعاياتهم العريضة حتى حكموا البلاد ووثقوا بصلابة أقدامهم على الأرض، وإذ ذاك كشف الغدر عن نيوبه الآثمة، وجهر لينين صراحة بعداوة الإسلام والمسلمين وجيش الحرس الأحمر وسالت دماء المسلمين أنهارًا وارتكب المجازر وقتل آلاف الآلاف من المسلمين وهدمت منازلهم وسبيت نسائهم. واستمر الوضع على هذه الوتيرة قرابة سبعين عامًا حتى نفقت الشيوعية من هذه البلاد واستقلت الدول الإسلامية عن الدب الروسى، حتى الشعب الروسى نفسه تعرض لانتكاسات من الشيوعية وفرض عليه الفقر والقهر، ولقد رأيناهم فى بلادنا والبلاد الأخرى يتسولون ويبيعون أجسادهم بأرخص الأثمان نظير وجود القوت الضرورى للحياة. كل الشرفاء من مؤرخى الغرب تحدث عن هذه المجازر إلا الشيوعيون فى البلاد العربية والإسلامية الذين مازالوا يتغزلون فى الشيوعية وأمجادها، ولا يطبقون أبسط مبادئها على أنفسهم، فهم كانوا عوناً للأنظمة الإستبدادية سودوا عنها آلاف الصفحات، لأنهم كانوا يتصدورون كافة وسائل الإعلام، بعد أن سلمهم عبدالناصر هذه المنابر بتكليف من الرئيس السوفييتى خروشوف فى بداية الستينيات، فتغاضوا عن جرائمه وهزائمه وتنكيله بالشعب وتبديد ثرواته على أمجاده ونرجسيته، ولما جاء خلفه السادات ونحى بعضهم جانباً وأفرج عن المظلومين فى السجون، عملوا على هدم نظامه فى الظلام كما فعل مرشدهم لينين من قبل، وشنعوا عليه فى كل المحافل، وغادورا مصر ليعملوا مرتزقة عند الأنظمة التى تعادى مصر، بالرغم من أن هذه الأنظمة كانت ديكتاتورية فاشية، واستغلوا الأحداث لمآربهم الشخصية، ومنها غلو الأسعار فى يناير 1977، فأحرقوا البلاد من شمالها لجنوبها، وضبط مع أحدهم (وقد تولى منصب رئيس تحرير فى ظل نظام مبارك فيما بعد وهو من صانعى الفساد والطاغوت، كان يكتب فى ستة مطبوعات مختلفة الاتجاهات والأيديولوجيات فى آن واحد، كان المتحدث الرسمى للوزير الفنان ذيل الهانم زوجة المخلوع، وقد ذهب يؤيد مبارك ويدعم ترشيحه لفترة سادسة فى 30/9/2010)، ضبط هذا الشيوعى الذى بدأ حياته مخبراً فى قسم السيدة زينب، ومعه جركنين من البنزين يستعد لإحراق أى شىء أمامه، ولما احتضنهم نظام مبارك ضد الإسلاميين أغرق عليهم الجوائز والمناصب والهدايا والأراضى ورأوا الأسعار تشتعل كل يوم والمظالم تزداد والتنكيل يطال الإسلاميين وحدهم، سكتوا عن الكلام ولم يشعلوا الانتفاضات لأن طلباتهم كانت مجابة، لذا نراهم أخيرًا يتحالفون مع فلول نظام مبارك لإسقاط النظام المنتخب. فلا يستغرب عزيزى القارئ من دعوات القوم الآن لحرق مصر إذا تعارضت قرارات الرئيس المنتخب لابتزازاتهم المستمرة، وإذا قلنا لكم رتبوا أوراقكم، وراهنوا على الشعب فى الانتخابات، قالوا إن الشعب جاهل، وقبل عام وقف أحدهم وهو الشاعر فؤاد حجازى فى مؤتمر أدباء مصر يتهم الشعب بالجهل والتخلف وعدم الإدراك لأنه أتى بالإسلاميين فى انتخابات نزيهة، لم يراعِ أن الشعب نفسه قد تكفل بمصروفات المؤتمر وأكله وشربه والمكافآت المجزية التى أخذها.. هم تعودوا على الانقلابات وطاعة البيادة ولعقها، لأنه الضمان لوجودهم واستمرارهم.