في تصريحات خاصة ب"المصريون" أكدت مصادر سياسية قريبة من مطبخ " الانتخابات " للحزب الوطني الديمقراطي أن تطورا بالغ الخطورة طرأ على أفكار وخطط مؤسسة الرئاسة في طور استعداداتها لخوض أول انتخابات رئاسية تعددية في مصر ، وقالت المصادر إن اتصالات عاجلة ومكثفة دارت على امتداد العشرة أيام الماضية كلها بين قيادات سياسية كبيرة من مؤسسة الرئاسة وبين الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد ، كان مدارها إقناع الدكتور نعمان جمعة بضرورة أن يترشح هو بشخصه في انتخابات الرئاسة المقبلة ، لقطع الطريق على احتمالات " قانونية " شديدة الخطورة يمكن أن تمهد لزعيم حزب الغد الدكتور أيمن نور لأن يتولى رئاسة الجمهورية بصورة درامية وبالغة الخطورة ، وذلك في حال تعرض الرئيس مبارك لا سمح الله لأي مكروه في الفترة الممتدة من إعلان ترشيحه وحتى إنجاز الانتخابات ، المصادر أكدت أن توصية تشريعية عاجلة قدمت إلى القيادة السياسية أكدت على أنه في حالة وقوع أي مكروه لا سمح الله للرئيس مبارك بعد غلق باب الترشيح وإعلان أسماء المرشحين وقبيل انجاز العملية الانتخابية ، فإن الدكتور أيمن نور سيفوز حتما بالانتخابات المقبلة بما بشبه التزكية ، لانعدام وجود أي مرشح منافس في مقابله بعد غياب الرئيس المفترض ، إلا إذا قام الجهاز الإداري والأمني للدولة بإجراء عمليات تزوير واسعة النطاق وبالغة العنف أو أن يتم إلغاء العملية الانتخابية وفق سيناريوهات ستكون موكولة بالضرورة إلى مؤسسات قومية وسيادية حساسة . المصادر المذكورة أكدت للمصريون على أن المفاوضات العاجلة توصلت إلى اقناع الدكتور نعمان جمعة بترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة رغم يقينه بأنه لن يفوز فيها ، ورغم سابق تشهيره بها ، وفق صفقة يكون فيها كبديل آمن ومرحلي لقطع الطريق على أي افتراضات ممكنة لنجاح الدكتور أيمن نور في الانتخابات القادمة وفق السيناريو الأكثر تشاؤما ، وقد وافق الدكتور نعمان جمعة على خلفية ضمانات رسمية بحصوله على نسبة " مشرفة " من الأصوات خاصة في الأرياف وصعيد مصر بتنسيق مع الحزب الوطني ، هذا بالإضافة إلى ضمانات بعدد كاف من الأعضاء الممثلين لحزب الوفد في الانتخابات القادمة بدعم من الحزب الوطني ، بما يضمن للوفد رئاسة تمثيل المعارضة في المجلس القادم . مصادر المصريون أوضحت أن الانتخابات التعددية وفق الصيغة التي عدلت إليها المادة 76 من الدستور أغلقت الباب على مرشح واحد لكل حزب بينما كان من الممكن أن ينص التعديل على مرشح لكل حزب ونائب له في ورقة واحدة، على أن يكون ممكنا أن يقفز المرشح لمنصب النائب مرشحا لمنصب الرئيس، وأن يختار المرشح الجديد لمنصب الرئيس نائبا له في أي مرحلة حتى بعد غلق باب الترشيح أو يوم الانتخاب. لكن رفض مبارك تعيين نائب له طوال 24 عاما ربما كان مسئولا عن تجنب تعديل موضوعي للمادة ، كما أن هذا التشدد هو الذي " ورط " الحزب والقيادة السياسية في مواجهة هذا الافتراض " الخطير " والذي يمثل الآن هاجسا كبيرا على أكثر من صعيد ، ومن ثم تم الاتفاق بين الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه الرئيس مبارك وحزب "الوفد" المعارض على أن يرشح رئيسه نعمان جمعة نفسه احتياطيا لمبارك لسد الطريق أمام نور الذي يعاديه الحزبان: الوطني الديمقراطي والوفد. ولفتت المصادر إلى أن جمعة الذي يبلغ من العمر 70 عاما كان قبل الاتصالات الطارئة والحساسة من أشد الرافضين لخوض انتخابات الرئاسة بعد أن رفض الحزب الوطني الديمقراطي جميع مطالبه الإصلاحية في الحوار بين الأحزاب الذي انتهى إلى لا نتيجة قبل شهور ، ووصفها أكثر من مرة بالمهزلة. وكان أبرز مطلب له وهو ما ركز عليه الرهان السياسي للحزب هو إجراء انتخابات مجلس الشعب القادمة بالقائمة النسبية ليتاح لحزبه عدد وفير من المقاعد تشغلها قيادات الحزب. وقالت مصادر صحفية مطلعة " للمصريون " أنه على الرغم من أن علة ترشيح جمعة تبدو مقبولة في نظر البعض إلا أن حزب الوفد أخرجها بشكل سئ حين قال إن 30 من أعضاء هيئته العليا وافقوا على خوض الانتخابات وترشيح جمعة مقابل 10 رفضوا كان منهم جمعة نفسه. وقد كان المنطقي حال رفض جمعة خوض الانتخابات أن يطلب من معسكر الأغلبية اختيار واحد منه للترشيح. لكن يبدو أن الاتفاق مع الحزب الوطني الديمقراطي كان على جمعة نفسه وليس على أي مرشح آخر مفترض للحزب. ومن المصادفات أن مبارك وجمعة من شبين الكوم محافظة المنوفية، وأنهما تخرجا في مدرسة المساعي المشكورة الثانوية التي أعلن منها مبارك في الشهر الماضي عزمه على الترشيح لفترة رئاسة خامسة . وكان الدكتور نعمان جمعة قد تحدث قبل أيام تلميحا إلى علة ترشيحه. وقال في برنامج "البيت بيتك" الذي يذاع على الهواء مباشرة في التليفزيون المصري إن حرصه على مدنية الحياة السياسية جعله يقدم على الترشيح ، وهي إشارة سببت حيرة لدى كثير من المهتمين بالشأن الانتخابي . وأضاف: لو أراد ضابط في القوات المسلحة الترشيح لمنصب الرئيس فلن يستطيع أحد أن يمنعه. وأضاف: لو جاء هذا الضابط إلى رئيس مجلس الشعب فتحي سرور ورئيس مجلس الشورى صفوت الشريف طالبا تزكية 250 من أعضاء المجلسين والمجالس المحلية للمحافظات فإنهما سيأتيان له بالتوقيعات في نصف ساعة.