قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ، ورئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي ، ان التعاون بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس يأتي في إطار مساعي الجانبين لإعادة بناء الدولة. وأضاف المرزوقي والغنوشي - في لقاء في تشاتام هاوس في العاصمة البريطانية لندن اليوم الإثنين - أنهما يعملان معا من أجل صياغة الدستور الجديد الذي ينتهي بحلول براير المقبل ليتم التصويت عليه وليصبح الأساس السليم للدولة التونسية. جاء اللقاء عقب تسلم الرئيس التونسي ورئيس وزرائه جائزة تشاتام هاوس لعام 2012 لدورهما في تدعيم الإنتقال الديمقراطي للسلطة في تونس وترسيخ حقوق الإنسان والتسامح الديني.وبعد الحصول على الجائزة، ألقى كل منهما كلمة رحب فيها بإستلام الجائزة التي تعبر عن نجاح مساعيهما المشتركة لتعزيز الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي في تونس. وأوضح المرزوقي انه لا يمكن الفوز في المعركة السياسية بتونس دون تثبيت النظام السياسي ، مشيرا إلى أن النقاشات الدائرة الأن حول كتابة الدستور واحدة من عناصر تعزيز الإستقرار السياسي. وأشار إلى أن تونس بها موارد مالية جيدة وبها العقول والتعليم بنسبة عالية ،كما حصلت على الدعم المالي من أوربا لأسباب سياسية ودعم من أشقائها العرب وكل هذا يعطي لتونس إمكانية النجاح كأول دولة عربية يمر بها قطار الربيع العربي. وأضاف أنه بالنسبة للوضع الإقتصادي وفرص العمل ، فإن الجارة ليبيا تحتاج إلى 500 الف شخص لتعزيز الإستثمارات الداخلية ، لافتا إلى أن تونس لها نصيب كبير من هذا العدد وستعمل على تعزيز التعاون بين الشعبين الشقيقين. وقال المنصف المرزوقي:"الثورة في تونس إنطلقت في البداية دون أي شعارات دينية ولكنها جاءت بمطالب إقتصادية في الأساس وسياسية بعد ذلك وهي التنمية والكرامة." وأضاف:"ان الصبغة السياسية المتاحة لحل هذه المشكلة هي أننا لو بقينا في هذا الصراع العقائدي بين الإسلاميين والعلمانيين لما تسنى لنا الوقت للتحديث ولهذا رأينا أن نترك خلافاتنا العقائدية جانبا ونركز على ما يوحد بيننا حتى نستطيع التعامل مع المشاكل الإقتصادية والإجتماعية." وأوضح الرئيس التونسي أن بلاده بها متطرفين من الجانبين منهم دينيون تمثلهم السلفية الجهادية والعلمانيون والذين يعتقدون أن تونس لا يجب أن تصبغ بهوية عربية إسلامية والواجب على الحكومة أن تقوم بكتابة الدستور الذي يحمي البلاد من هذين الضدين. من جانبه، قال راشد الغنوشي ان تونس حتى الان لازالت تعاني من الإضطرابات وهذا يشكل إعاقة للوضعين السياسي والإقتصادي ، مشيرا الى الإقتصاد التونسي يمر بمرحلة من التحسن ، فقد تسلمت هذه الحكومة البلاد والإقتصاد يعاني من الإنكماش بنسبة 2في المائة والأن عاد النمو ليسجل 3 في المائة بعد سنة واحدة فقط وإنخفض مستوى البطالة بنسبة بسيطة نظرا لظروف المنطقة. وتابع :" تونس بها مئات الألاف من الحاصلين على شهادات تعليم عالي عاطلين عن العمل وهناك مئات الألاف من فرص العمل للفنيين وهذا ما نعمل على تحسينه من خلال إصلاح نظام التعليم حتى يتوافق مع حاجات السوق". كما ان لدي تونس إمكانيات كبيرة لتحقيق النمو وأهم هذه الإمكانيات هي الثورة التونسية نفسها فالثورة قابلة لأن تتحول إلى ثروة من أجل تحقيق الاستقرار من خلال الإنتهاء من صياغة الدستور وكذلك المرور من المرحلة الإنتقالية ..وتونس لديها ايضا الإمكانية في أن تتحول إلى نموذج للتنمية الإقتصادية والديمقراطية في المنطقة إذا إستطعنا الإنتهاء من صياغة الدستور والمرور من هذه المرحلة الإنتقالية وإنتخاب حكومة جيدة. وقال راشد الغنوشي :"إن التوافق بين التيارين الإسلامي والعلماني مهم ليس فقط في هذه المرحلة ولكن في مستقبل تونس بشكل عام لأن التنمية والديمقراطية يحتاجان إلى أرضية ثقافية مشتركة لمحاصرة دعاة التطرف من العلمانيين والإسلاميين على حد سواء فكلاهما يود الإطاحة بالطرف الأخر وواجبنا الأن العمل على كتابة الدستور الذي يرسخ للوسطية في كل شيء." واستطرد الغنوشي:"إن تونس اليوم تسلم بالهوية العربية الإسلامية حتى أن أخر حزب شيوعي وهو حزب العمال الشيوعي تخلى عن هويته الشيوعية ليؤكد أنه ينتمي للهوية العربية الإسلامية وهذا أمر جيد بحيث يلتقى التونسيون على الهوية العربية الإسلامية ولكن الإختلاف يأتي في أمور فرعية حول تعريف ما هي الهوية العربية الإسلامية." وأوضح ان هناك إختلافا في تفسير ماذا نقصد بالهوية العربية الإسلامية ولكن الإتفاق على وجود هذه الهوية هو الأساس في الفترة المقبلة فالشعب التونسي شعب عربي مسلم. وأشار الغنوشي إلى أن الشعب التونسي شعب مسلم في الأساس مع وجود أقلية يهودية تتمتع بكل الحريات ولا يوجد إضطهاد ديني في البلاد ، موضحا أن الأقلية اليهودية في تونس مندمجة بشكل كبير مع المجتمع التونسي كما توجد أقلية مسيحية بسيطة تعيش في تناغم مع الأغلبية المسلمة هناك.