ظهر الدكتور أسامة الباز مرة أخرى في الصورة ، وكان قد اختفى من المشهد السياسي ، إلا أنه بعد نشر تقرير " المصريون " الذي أشار إلى تهميشه في مؤسسة الرئاسة وتقديم استقالته وجدناه يظهر في اليوم التالي مباشرة في برنامج البيت بيتك في التليفزيون المصري لم يقل فيه أي شيئ ، وكان واضحا أنه أراد أن يقول أنه " هنا " ، ولم يترك من ساعتها أي مناسبة أو غير مناسبة حتى يتحدث لكي يثبت بتكلف شديد أنه موجود ولم يهمش ، وآخرها قبل أيام في الاسكندرية تحدث إلى مجموعة من الطلاب والشباب وخطب فيهم خطبة ثورية عصماء مفاجئة ، عن أن مصر دولة مستقلة وليست تحت الوصاية الأجنبية حتى يسمح للآخرين بإخضاع انتخاباتها للرقابة ، وأنه لن تسمح مصر لأي دولة أو جهة خارجية بأن تراقب الانتخابات فيها ، تصريحات الباز المتكلفة والخارجة عن طباعه الشخصية والسياسية مجرد حلقة في أمواج شد وجذب طوال الأشهر الماضية في موقف الدولة من الرقابة الأجنبية ، مرة توافق ومرة ترفض ومرة تقول أنها لا تمانع ومرة أنها تفكر ، وكل هذه التصريحات صدرت أيضا من أسامة الباز نفسه ، تصوروا ، المهم أن عصبية الباز الأخيرة تؤكد أمرين : الأول أن هناك قلقا حقيقيا لدى الدائرة المحيطة بالرئيس مبارك مما سوف تسفر عنه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ، هناك قلق حقيقي ومخيف ، للدرجة التي تخرج رجلا ديبلوماسيا هادئا مثل أسامة الباز عن طبعه وعن هدوئه ، الأمر الآخر هو أن هناك ضغوطا متزايدة على صانع القرار المصري من أجل الاستجابة للمطالب الوطنية المصرية والخارجية بإنجاز انتخابات شفافة يراها العالم كله ويتأكد أنها شفافة وغير مزورة ولم يتعرض المرشحون فيها للتضييق ولم يتعرض الناخبون لتزييف إرادتهم الانتخابية ، أسامة الباز لم يجد شيئا يتمسح به أو يهرب إليه سوى " القضاء المصري النزيه " ، وهو يعلم أن قضاة مصر أنفسهم اتهموا النظام السياسي بالتزوير قبل أسابيع قليلة في استفتاء التعديل الدستوري ، ومع ذلك لم يعبأ بهم أحد ، وأسامة الباز نفسه الذي يتمسح أمام الخارج بقضاء مصر النزيه هو الذي هاجم قضاء مصر وحط من قدر رجاله وقال بأن قرارات خمسة آلاف قاضي لا قيمة لها عنده أو عند الدولة ، وهو الأمر الذي اضطر قيادات نادي قضاة مصر إلى الرد عليه بقسوة وعنف مشروع ، الآن يتمسح أسامة الباز بقضاء مصر وقضاتها ، الباز عندما سخن في تصريحاته قال : ان "الرقابة الدولية على الانتخابات تتم عندما يكون الحياد موضع شك وان حيادنا ليس موضع شك " والجزء الأول من كلامه ليس دقيقا بدليل بريطانيا والولايات المتحدة تسمح بأي رقابة من أي جهة في الانتخابات ولا يستطيع أحد أن يشكك فيها أصلا ، وأما الجزء الثاني من كلامه فهو بجاحة يصعب وصفها عندما يقول بأن حياده هو وأولياء أموره ليس موضع شك ، بل هو عين الشك ، ومن ينفي ذلك فسلامة عقله هي موضع الشك ، وعيب أن يصدر هذا الكلام من مثل أسامة الباز وفي هذا السن ، وبعد هذه الرحلة التي نال فيها كل ما يتمنى ، وكان قد قال في نفس اللقاء " إن الاجهزة الاعلامية لديها الفرصة الكاملة في ان ترى وترصد وتنقل كل ما يتم في العملية الانتخابية " ، وإذا كانت أفندية الأجهزة الإعلامية الدولية ستراقب ولا يقلقك هذا ، فما الذي يخيفك أن يكون هناك أفندية ممثلون عن منظمة محترمة مثل الاتحاد الأوربي أو الأممالمتحدة ، ما العيب ، وما الذي يخيفك ، يا دكتور أسامة خلاص سلمنا بأنك ما زلت على " وش المية " ، ولا تهين نفسك وصورتك أكثر من ذلك . [email protected]