ما حدث في مدرسة الجزيرة بالإسكندرية هو حدث لا ينبغي أن يمر مرور الكرام ، ولا بد من وقفة صارمة معه من قبل كل حريص على استقلال هذا الوطن وعلى كرامة أهله ، وأيضا من أجل حماية مؤسساتنا وأجهزتنا من أن تكون خادمة لغير صالح الوطن وأهله ، أيا كانت الضغوط والظروف ، ما حدث في الإسكندرية أمر لا يصدق أي عقل إمكانية وقوعه بهذه الفجاجة والبساطة والقسوة ، مدرسة تم بناؤها وأخذت كل التراخيص ، أو حتى لم تحصل على ترخيص ويتم سحقها وتسويتها بالتراب في ليلة واحدة كأنما سقطت عليها قنبلة أمريكية من مشاهير النصف طن التي استباحت بها مدن أفغانستان والعراق ، فسوتها بالتراب ، الولاياتالمتحدة لم ترسل طائراتها ، وإنما أرسلت فاكساتها من خلال السفارة الأمريكية بالقاهرة تطالب بإلغاء هذه المدرسة باعتبارها وكرا لتفريخ الإرهاب والتشدد الديني ، والحجة أن مؤسسها والمشرف عليها من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ، وأيا كانت الظروف التي جرت فيها المراسلات بين السفارة الأمريكية والسلطات المحلية والأجهزة الأمنية ، وسواء تم تضليل السفارة من قبل جمعيات أهلية ساخطة على نجاح هذه النوعية من المدارس والقبول الواسع لها بين الأهالي أو غير ذلك ، فإن ما حدث كارثة ، كارثة أن تصبح السفارة الأمريكية هي الطريق السهل لأية قوة أهلية أو غيرها في مصر من أجل تحقيق مطالبها أو هي الواسطة التي تتخذها لسرعة إنجاز طموحاتها وأهدافها بسرعة البرق ، وكارثة أيضا أن تكون هناك أجهزة رسمية مصرية تتلقى توجيهاتها من السفارة الأمريكية بطريق مباشر أو غير مباشر ، هذه كارثة ، إن ما حدث في الإسكندرية يفوق الخيال ، إن المصريين يعلمون أن هناك آلاف المباني التي صدرت لها أحكام قضائية بالإزالة ، ومع ذلك لا تتم إزالتها ، ومن استئناف إلى استشكال إلى ما لا أدري من الأحابيل القانونية ، ويستغرق الأمر سنوات ، هذا في حكم قضائي ، فكيف يتم صدور قرار سحق مؤسسة تعليمية ويتم تنفيذه بسرعة البرق وتتم تسوية مباني مدرسة بالتراب خلال ساعات فقط ، ما هي القوة الرهيبة التي وقفت خلف هذا القرار الأسطوري ، فإذا أضفنا إلى هذا أن هذه المدرسة قد حصلت بالفعل على التراخيص اللازمة كما حصلت على أحكام قضائية نافذة لصالحها فإن الكارثة تتحول إلى فضيحة من العيار الثقيل ، الأخبار تقول بأن ملف هذه الفضيحة أمام القيادة السياسية الآن ، وفي اعتقادي أن القرار الذي سيتخذ في هذا الصدد سيكون معبرا عن مدى إحساس القيادة السياسية بكرامة شعبها ومراعاتها لمشاعره ، وإنا لمنتظرون . [email protected]