مفاجأة أيها القارئ ، أصابتني بالصدمة الحقيقية ، وساءلت نفسي أين نحن ؟ هل نحن في تركيا الكمالية ؟ كنت حجزت وأسرتي للذهاب إلي مصيف في مرسي مطروح تقيمه نقابة الصحفيين ، وعادة ماتكون هذه الأماكن محافظة وملتزمة ، ذلك في منطقة اسمها الأبيض ،ولأنني أشعر بعدم التعرف الكامل علي بعض المناطق في بلادي ، قلت لنفسي فرصة . سمعت موظف النقابة ينبه علي الفوج الذي سيذهب لمرسي مطروح أن لا يكون معه أحد ملتح أو امرأة منتقبة ، وشعرت بالغضب الذي تملكني وأرقني ، وقلت إيه الحكاية ، هل تقسمون الناس هذه الأيام علي أساس ملتح وغير ملتح ، والنساء منتقبة وغير منتقبة ، هذه بدعة جديدة تهدد السلام الاجتماعي ، والرجل قال لي هو موظف وينقل التعليمات . وتابعت الموضوع لمعرفة جذوره ، وكانت المفاجأة أن القرية السياحية التي استأجرت نقابة الصحفيين منها بعض الشقق يملكها جيشنا المصري ، والجيش المصري يمنع الملتحين والمنتقبات من التواجد أو الدخول في هذه القرية . أنا صدمت والله العظيم ،فقد كنت أعتقد أن الجيش المصري هو التعبير عن أجلي صور التماسك الاجتماعي في مصر ، لماذا الجيش المصري طالما قبل أن يؤجر عمارات في القرية لنقابات وللمجتمع الأهلي المصري ، لماذا يفرض علي قطاعات مهمة أن تحمل في نفسها منه ، وهم قطاعات المتدينين بالذات ، وقطاعات الملتزمين بالذات . العمارة التي استؤجرت من الجيش يسري عليها قانون الناس ،وفي مصر التيار الرئيسي من المتدينين ، فكيف يقف الجيش منهم موقف التمييز والتهديد للسلام الاجتماعي لمصر . المهم كلمت العميد المسئول عن القرية السياحية التي يؤجرها الجيش للمصريين ، واسمه العميد " الحسيني " فقلت له أنا فلان وشرحت له الموقف ، فاعترف الرجل لي أن الجيش يمنع الملتحين والمنتقبات من دخول القرية ، وأن الضباط المتقاعدين رفعوا قضية ضد الجيش وضد التعنت غير المفهوم تجاه المتدينين المصريين حتي ممن خدموا فيه لسنين طويلة، وكسب المتقاعدون القضية لأن مصر وجيشها من المفروض أن لا يميزوا بين الناس علي أساس مواقفهم الدينية والفكرية والعقدية ، ولكن الأوامر ظلت وفق العميد الحسيني " تحرم المرافقين للضابط المتقاعد من الملتحين أوالنساء المنتقبات ،يعني الضابط المتقاعد يدخل وحده دون زوجته أوابنته أوابنه أو أبيه لوكان أي منهم ملتح أو النساء منتقبات . ولا نعرف سبباً لهذا التعنت غير المفهوم ، إن هذا فيما نعتقد – أحد تجليات التنظيم السري الذي يحكم هذا البلد ،فمن هي الجهة التي اتخذت هذا القرار ؟ ومن هي الجهة التي تصر علي إدخال الجيش في صراع مع مواطنيه ، بدون أي سبب مفهوم . طالما الجيش يؤجر هذه القري السياحية وهي ليست وحدات عسكرية ولا ثكنات قتالية ، فعليه أن يقدم لهم الخدمة كطرف محايد يريد أن يؤجر للمصريين دون أن يحدد شروطا تقسم المواطنين علي أساس دينهم أو اجتهاداتهم الفقهية الحرة . طبعاً أنا سحبت فلوسي وقلت الحمد لله بركة ، ولكن علمت أن أكثر من أربع أسر من الصحفيين كان حظهم أسوأ ، لأنهم ذهبوا إلي مرسي مطروح وعادوا بقوة الجبر العسكرية إلي القاهرة ثانية في نفس الأتوبيس ، لأن السادة القائمين علي القرية أصروا علي تنفيذ الأوامر الفاشية التي لا معني لها . نطالب بتدخل القائد العام للقوات المسلحة لوقف هذه الاجراءات في المناطق التي يتفاعل فيها الجيش مع الناس ، مثل النوادي والقري السياحية ، حتي لا يشعر المواطنون المتدينون أن جيشهم يتحامل ضدهم ،نحن نثق في الجيش كمؤسسة جامعة لكل المصريين . التدين يسري بين الأسر المصرية سريان الروح الدافقة ، وضباط الجيش وأسرهم هم جزء من المجتمع ،ومن حقهم أن لا يشعروا بالتحيز ضدهم من مؤسسة أفني عائلهم حياته من أجلها ، هذه الأوامر يجب أن تلغي ، وحين سألني أولادي عن سبب قرار إلغاء رحلتهم إلي مرسي مطروح ، كنت أشعر بالحرج جداً ، ولم أذكر لهم موقف الجيش غير المنصف ، وإنما تحججت لهم بأسباب أخري . علي من أعطي هذه الأوامر أن يلغيها فوراً لأن الجيش المصري لاينبغي أن يكون طرفاً في نزاع مع قطاع مهم وحيوي في البلد وهوقطاع المتدينين المسلمين في مصر ، وعلي قادة الجيش أن يدركوا جيداً أن صيحة الله أكبر هي التي حققت نصر أكتوبر ،وأن المتدينين المسلمين هم حماة هذا الوطن في الجيش وفي الشارع وفي كل مكان .