المجموعة الأولى من مادة 1 إلى مادة 5 صدرت مسودة الدستور المصرى الجديد، والدستور كما هو معلوم الوثيقة القانونية العليا فى أى دولة، فهو وثيقة معيارية لإعطاء الأقوال والأفعال والتصرفات الوصف القانونى الحاكم عليها، ومن ثم فإنه ينبغى أن يتمتع الدستور بأكبر درجة من الدقة فى الصياغة، وأن يكون تعبيرًا أمينًا لمسلمات الشعب وثوابته، ولما كان الشعب المصرى فى أغلبيته الساحقة شعب مسلم فإن الدستور ينبغى أن يكون ترجمة أمينة لما تدل عليه أحكام الشريعة الإسلامية التى بها يدينون، والتى منها الحفاظ على حقوق أتباع الملل الأخرى القاطنين دار المسلمين، ومن ثم فإنى سأجرى تغييرات على نصوص مواد مسودة الدستور ليكون موافقًا للشريعة الإسلامية، ونحن هنا لا نجرى تغييرات وفق رؤية سياسية أو حزبية وإنما نجريها وفق الدين الذى يعلن قرابة 95% من الشعب إيمانهم به، ولكل أحد حق الاعتراض على ما نختار إذا كان ما اخترناه مخالفًا لحكم الشريعة وفق فهم جمهور علماء المسلمين قديمًا وحديثًا. وطريقتنا فى ذلك ذكر المادة المعترض عليها ثم نورد ما نراه صياغة أقرب للشريعة منها مع ذكر التعليل بصورة مختصرة، ونضيف فى الآخر بعض المواد التى نرى أهمية إضافتها ولم يشتمل عليها الدستور، والمسلك الصحيح فى وضع الدستور هو مسلك الإنشاء المستقل لا مسلك الترقيع، فالصواب أن نكتب الدستور من أول أمره إسلاميًا لا أن يكتب وفق أيديولوجية مغايرة ثم نقوم بالترقيع، مع العلم أن هناك أكثر من دستور إسلامى من أشهرها ما قام الأزهر بإعداده منذ أكثر من ثلاثين سنة، كان من الأولى اعتباره أصلاً يبنى عليه وتجرى التعديلات التى يحتاج إليها، ونظرًا لضخامة عدد مواد الدستور فسنناقشه على حلقات، وهذا أوان الشروع فى الحلقة الأولى: نص مسودة الدستور مادة (1): جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى، والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل وإفريقيا وامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية. النص المعدل مادة (1): جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، ونظامهاإسلامى، والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل وإفريقيا وامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية. التعليل: فقرة: "موحدة لا تقبل التجزئة"، لا مسوغ لها فإن مصر لم تكن أقاليم منفصلة ثم توحدت حتى يقال عنها موحدة بل هى إقليم واحد منذ عشرات القرون لذا حذفها هو الأصوب. فقرة: "ونظامها ديمقراطى" غير مقبولة لأن الأساس الفكرى للديمقراطية مخالف للإسلام، فالبعد عن استخدامها هو المتعين حتى لو كان المراد منها فقط مجرد الآليات، ويكون استبدال "ونظامها إسلامى" بها أبعد عن كل التباس. نص مسودة الدستور: مادة (2) الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. المادة المعدلة: مادة (2) الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وكل ما يخالف الشريعة فهو باطل لا أثر له. التعليل: المبادئ لفظة مجملة يدور حولها اختلاف كثير وشأن الدستور أن يكون واضحًا لا أن يكون الاختلاف نابعًا منه، فضلاً عن أن المبادئ نفسها ليست منصوصة ولا نص حاصر لها، ولسنا مأمورين باتباعها ولكننا مأمورون باتباع الشريعة نفسها، قال الله تعالى: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون"، ومن ثم يكون حذف لفظ مبادئ من نص المادة هو المتعين، ويكون إضافة فقرة "وكل ما يخالف الشريعة فهو باطل لا أثر له"، لإمكانية إزالة القوانين المخالفة للشريعة التى وضعت قبل الدستور. نص مسودة الدستور: مادة (3) مبادئ شرائع المصريين المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية. المادة المعدلة: تلغى المادة التعليل: المادة زائدة لا حاجة لها؛ لأن احتكام النصارى واليهود إلى شرائعهم فى أحكام الأسرة وفى مسائل دينهم مما أقرته الشريعة الإسلامية، ومن ثم فالمادة زائدة لا حاجة إليها. نص مسودة الدستور: مادة (4) الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، يختص وحده بالقيام على كافة شئونه، مجاله الأمة الإسلامية والعالم كله، ويتولى نشر علوم الدين والدعوة الإسلامية، وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وتختار هيئة كبار العلماء شيخ الأزهر، ولا يكون إعفاؤه من غيرها.. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية.. وكل ذلك على الوجه المبين للقانون. المادة المعدلة: مادة (4) الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، يختص وحده بالقيام على كافة شئونه، مجاله الأمة الإسلامية والعالم كله، ويتولى نشر علوم الدين والدعوة الإسلامية، وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وتختار هيئة كبار العلماء شيخ الأزهر ممن تتوفر فيه شروط المشيخة، ولا يتأتى عزله إلا عن طريقها إذا توفرت مسوغات العزل.. ويكون إجماع هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ملزمًا فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية.. وكل ذلك على الوجه المبين للقانون. التعليل: هيئة كبار العلماء أعلى هيئة علمية فى مصر، ومن ثم لا يقتصر الأمر على كلمة لينة مثل "يؤخذ رأى" بل يكون كلمة واضحة محددة بالإلزام، فمن يكون قوله ملزمًا فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية إذا لم يكن ذلك من اختصاص هيئة كبار العلماء. نص مسودة الدستور: مادة (5): السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية، وهو مصدر السلطات، وذلك كله على الوجه المبين فى الدستور. المادة المعدلة: مادة (5): السيادة لله ومظهر ذلك فى علو الشريعة على ما عداها وتفردها، والشعب هو من يختار حكامه وممثليه وله حق الاحتساب عليهم، وذلك كله على الوجه المبين فى الدستور. التعليل: السيادة تقتضى سيدًا ومسودًا، فالقول إن السيادة للشعب تعنى أن السيد هو الشعب فمن المسود؟.. لو قيل: المسود هو المخلوقات الأدنى رتبة من الإنسان لم يفد هذا القول شيئًا فى باب السياسة، ولو قيل: المسود هو الشعب لكان الشعب سيدًا ومسودًا فى آن واحد أى أن الشعب سيد نفسه، وهو يعنى خروج الإنسان من مظلة عبوديته لله، لكن الأمر يستقيم حينما نقول: السيادة لله، فالله تعالى هو السيد والشعب هو المسود، ومن ثم يكون الشعب فى موقعه الصحيح وهو موقع العبودية لله، وقد وصف الله تعالى بكونه سيدًا من كلام عمر رضى الله تعالى عنه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره كما ثبت ذلك فى مسند أحمد، ويبقى للشعب دوره الهام فى اختيار حكامه واختيار ممثليه وفى حق الاحتساب عليهم وعزلهم إذا اقترفوا ما يستوجب ذلك. وبذلك نكون أنهينا مناقشة المجموعة الأولى ويتلوها المجموعة الثانية.