السلطان سليمان الأول بن سليم الأول بن يزيد الثانى، عاشر سلاطين الدولة العثمانية، ولد فى مثل هذا اليوم من عام 1494م، وصاحب أطول فترة حكم من 22 سبتمبر 1520 حتى وفاته فى 5 سبتمبر سنة 1566، أحد أبرز ملوك وسلاطين العالم كله خلال القرن السادس عشر، وأحد أعظم سلاطين الدولة العثمانية والتاريخ الإسلامى كله. أطلق عليه العالم الغربى لقب "سليمان العظيم", و"سليمان الكبير"، ولكثرة حروبه أطلق عليه لقب "سليمان الغازى"، كما لقب ب "سليمان شاه"، مثل أغلب السلاطين العثمانيين، ونظرًا لقوانينه التى أصدرها لقب ب "سليمان القانونى"، وهو صاحب الجلالة الإمبراطورية السلطان سليمان الأول حاكم بيت عثمان، سلطان السلاطين، خان الخانات، أمير المؤمنين، وخليفة رسول الله فى الأرض، حامى المدن المقدسة الثلاث مكة والمدينة والقدس، إمبراطور المدن الثلاث القسطنطينية وأندرينوبول وبورصة، ودمشق والقاهرة وأرمينيا كلها، والمغريس وبركة والقيروان، وحلب وعراق العرب والعجم والبصرة والإحساء وديلان، والرقة والموصل وبارثية وديار بكر وقيليقية، وولاية إرزوروم وسيفاس وأضنة، وكارامان وفان وأرض البربر والحبشة وتونس، وطرابلس ودمشق وقبرص ورودس، وكنْدية وولاية موريا، وبحر مرمر والبحر الأسود وشواطئه، وأناطوايا وروميليا وبغداد وكردستان واليونان وتركستان وتاتاريا وسيركاسيا، ومنطقتى كاباردا وجورجيا وسهل كبشاك، وكل بلاد التتر، وكيفة والبلاد المجاورة لها، والبوسنة وتوابعها، ومدينة وقلعة بلغراد، وولاية صربيا وقلاعها ومدنها وحصونها، وكل ألبانيا وإفلاق وبلاد بغدان كما توابعها وحدودها، وعدة مدن وبلدان أخرى. هو أكثر سلاطين المسلمين جهادًا وغزوًا فى أوروبا, ووصلت جيوش المسلمين فى عهده إلى قلب أوروبا عند أسوار فيينا مرتين، واستطاع توسيع رقعة الدولة الإسلامية فى ثلاث قارات حتى أصبحت دولة مترامية الأطراف, وكان سبيله فى تحقيق هذا الهدف هو سيفه ودرعه. تعددت ميادين الجهاد التى تحركت فيها الفتوحات الإسلامية وبسط النفوذ فى عهد سليمان فشملت أوروبا وآسيا وإفريقيا، فاستولى على بلجراد سنة 1521م، وحاصر فيينا سنة 1529م، لكنه لم يفلح فى فتحها، وأعاد الكرة مرة أخرى، ولم يكن نصيبها أفضل من الأولى، وضم إلى دولته أجزاء من المجر بما فيها عاصمتها "بودا"، وجعلها ولاية عثمانية.. وفى آسيا قام السلطان سليمان بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية، ابتدأت من سنة 1534م، وهى الحملة الأولى التى نجحت فى ضم العراق إلى كنف الدولة العثمانية، وفى الحملة الثانية سنة 1548 أضيف إلى أملاك الدولة تبريز، وأما الحملة الثالثة فقد كانت سنة 1555م، وأجبرت الشاه "طهماسب" على الصلح وأحقية العثمانيين فى كل من أريوان وتبريز وشرق الأناضول. وواجه العثمانيون نفوذ البرتغاليين فى المحيط الهندى والخليج العربى، ودخلت عُمان وقطر والبحر فى طاعة الدولة العثمانية، وأدت هذه السياسة إلى الحد من نفوذ البرتغاليين فى المياه الإسلامية، وفى إفريقيا، دخلت ليبيا والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتى والصومال، ضمن نفوذ الدولة العثمانية. بلغ عدد ما فتحه السلطان سليمان القانونى فى حياته من الحصون والقلاع والمدن ما يناهز 360 حصنًا، فكان مجدد جهاد الأمة فى القرن العاشر الهجرى, أقام السنة وأحيى الملة وقمع البدعة والروافض, صاحب انتصار المسلمين فى معركة موهاكس التى كانت من أيام الله الخالدة، وتعد غرة المعارك الإسلامية فى شرق أوروبا بعد معركة نيكوبوليس وفتح القسطنطينية. بلغت الدولة العثمانية فى عهده قمة درجات القوة والسلطان، حيث اتسعت أرجاؤها على نحو لم تشهده من قبل، وبسطت سلطانها على كثير من دول العالم فى قاراته الثلاث، وامتدت هيبتها فشملت العالم كله، وصارت سيدة العالم يخطب ودها الدول والممالك، وارتقت فيها النظم والقوانين التى تسيّر الحياة فى دقة ونظام، دون أن تخالف الشريعة الإسلامية التى حرص آل عثمان على احترامها والالتزام بها فى كل أرجاء دولتهم، وارتقت فيها الفنون والآداب، وازدهرت العمارة والبناء. يعتقد بعض المؤرخين أن سليمان كان متأثرًا بالإسكندر الأكبر، وحلمه فى بناء إمبراطورية عالمية تشمل الشرق والغرب، وهذا خلق دافعًا لحملاته العسكرية لاحقة فى آسيا وإفريقيا، وكذلك فى أوروبا، ويصنفه البعض على أنه واحد من أعظم الحكام فى التاريخ الإسلامى والبشرى. عند وفاة سليمان سنة 1566م، أصبحت الإمبراطورية العثمانية بقوتها العسكرية وخيراتها الاقتصادية وتوسعاتها أقوى دولة فى العالم.