فجأة ارتدى عدد من الكتبة (بالتاء أو النون) بالصحف المسماة بالقومية "فراء" الأسود، وأخذوا فى الزئير و"المواء" للتحذير من خطر انضمام الصحفيين بالصحف الحزبية إلى "عزبهم" فتنهار المؤسسات وتهوى بهم. وهؤلاء الذين يزعمون الحرص على المؤسسات الحكومية التى يعملون بها لم يقوموا بتشخيص المشكلة أو الداء بصورة حقيقية، وهو مايثير العديد من التساؤلات والتى تطرح إجاباتها الجانب الأكبر من أسباب المشكلة. أين كان هؤلاء الزملاء بالأخبار وأراضى أخبار اليوم بأركايديا والتى تقدر بمئات الملايين تباع بالفتات؟.. وعندما رفض ضمير زملاء يعدون على أصابع الأيدى الواحدة لهذه المهزلة تركوهم وحدهم، بل كان بعض هؤلاء الكتبة الذين يزأرون اليوم يرتمون في حجر ولي نعمتهم إبراهيم سعدة رئيس المؤسسة. بل قبيل ثورة يناير تفجرت واقعة نهب أخرى تخص هؤلاء الكتبة وأسرهم بشكل مباشر فى واقعة استيلاء عهدى فضلى - رئيس مجلس الإدارة - على أرض مخصصة لبناء عشرة آلاف وحدة سكنية للعاملين بالأخبار وأسرهم، وقام بالتلاعب للتربح بإنشاء شركة وهمية لتحويل الأرض إليها بدلاً من المؤسسة.. وكشف تقرير الأداء النقابي وبعض الصحف وقتها أبعاد الكارثة دون أن يتحرك دم أى أحد من هؤلاء! وبعدها كما هو معروف تم التحقيق والحكم بسجن رئيس المؤسسة. ومنذ أيام كتب الأخ أحمد سامح - الذى جعلوه رئيسًا جديدًا للمؤسسة - مقالاً كاد أن يبكى فيه على مديونية المؤسسة بمبلغ مليار و400 مليون جنيه، وعلى طريقة أغنية "هاتولى حبيبي" قال لو أن مبارك موجود فى الحكم لتنازل عن هذه المديونية.. طبعًا مبارك كان سيتنازل لإنها ليست أموال "مامته" أو الست سوزان ولم يقل لنا سامح أن الفساد هو السبب الأكبر فى الوصول لهذا المبلغ من المديونية، بل لم يقل لنا هو أو غيره كيف كانوا يقومون باستحلال مكافأة لاتقل عن مرتب 8 شهور سنويًا بخلاف الحوافز العديدة! رغم كل هذه المديونية وهاهو وأعوانه قاموا بفك الوديعة للصرف على المرتبات وفى طريقهم إلى مرحلة بيع الحديدة. ثم ماذا فعل هؤلاء الكتبة الذين يتباكون على المؤسسة وهم يرون جريدتهم تحولت إلى "شجرة العائلة" حتى إنه عندما ينشر إعلان وفاة أو مناسبة ما يتكشف أن هناك أقارب للمذكور حتى الدرجة العاشرة وهم من اللذين هبطت عليهم المواهب الصحفية للعمل بالمؤسسة المنكوبة، ومنذ أيام قام المذكور سامح - سامحه الله - بنشر إعلان داخلى يتضمن تحديًا صريحًا للدستور ولثورة يناير التى جاءت بأمثاله، إذ أعلن عن حظر عمل أى شخص بالمؤسسة باستثناء الخبرات النادرة بالطباعة والتى تحتاج إليها المؤسسة، وأبناء العامليين وهو مايعنى بصريح العبارة التوريث رغم أن معلوماتنا تؤكد أن أبو سامح وأمه لم يكونوا من الصحفيين وكذلك آباء وأمهات الجيل القديم. وماحدث فى الأخبار حدث مثله وأكثر فى الأهرام.. فلم نسمع عن احتجاج ولو بمجرد زفير عند منح المؤسسة لهدايا من أموالها لمبارك وزكريا عزمى وكلاب السلطة البائدة، حتى وصل السفه إلى أن قيمة الساعة المهداه إلى هامان أو زكريا عزمى بمبلغ 3.5 مليون جنيه لأنها مرصعة بفصوص من الماس والأحجار الكريمة وفصوص أكبر من الجبن والضمائر غير الكريمة. ومثل هذا السفه وإهدار أموال المؤسسة تكرر في عشرات الوقائع دون أن يحتج سوى ممن يعدون على أصابع اليد الواحدة، وأيضًا تم التنكيل بهم الواحد تلو الآخر، بل ومنعهم من دخول المؤسسة، ولم نسمع ولو كلمة رثاء من هؤلاء الكتبة الذين يرتدون الآن ثوب الأسود. وأيضًا صمت هؤلاء والمؤسسة تكتظ بأشخاص لاعلاقة لهم إطلاقًا بالمهنة، حتى إن ضمير الزميل عبد المحسن سلامة أبى إدخال 21 موظف أمن خاصة مع علمه بوجود موافقه من رئيس المؤسسة ل 200 آخريين للقيد بنقابة الصحفيين، فتطوع "الأهرامى" محمد خراجة بإدخالهم عن طريق محكمة القيد الاسئتنافية، لتتحول الأهرام العريقة إلى ثكنة للأمن المركزى بحق وحقيق. وليقل لنا الأخوة "الأهراميون" الذين يتحدثون باستعلاء ومن طرف أنوفهم من منهم تم تعيينه دون واسطة أو كوسة ومتى قام الأهرام بالإعلان عن طلب صحفيين وإجراء اختبارات، الواقع أن معظمهم تم تعيينهم بالواسطة أو بكلمة من زكريا عزمى أو حبيب العادلى أو حسن عبد الرحمن أو فتحى سرور أو أو أو وبعضهم كان يحمل الخضار، أو تم تعيين بعضهن على طريقة إلحاق الكومبارس بالأفلام والمسرحيات والمعنى مفهوم، وبالتالى لاعجب أن يكون معظم هؤلاء مجرد إعلانجية و.....! وماحدث في الأخبار والأهرام حدث أسوأ منه في الجمهورية، حيث سيطر عليها الموظفون أكثرهم كفاءة كان من أرباع الموهوبين، ولا أنسى قصيدة ركيكة ومقززة لشخص أنشدها فى أمجاد محافظ الأقصر لمجرد أن شاهده فى ندوة بنقابة الصحفيين، وعندما سألنا عن هذا "القرف" الذى لايليق بالمكان أو المهنة قالوا إنه رئيس قسم بالجمهورية! علمًا بأن المؤسسة تضم كفاءات ولكن يبدو أنهم لايعرفون وبالأدق لايرضون أن يسلكوا طريق الآخرين. ومن الطريف أن رئيس التحرير (الموقوف) سبق أن صرح لصحفى بالشعب بأنه اتفق مع رؤساء تحرير الصحف القومية الأخرى بعدم ضم أى صحفى من العاملين بالصحف الحزبية. للعلم هذه المؤسسات الخَربة حصل كل منها على مبلغ 200 مليون جنيه لتجديد مطابع كل جريدة، ورغم ذلك تتوالى الخسائر. وماحدث في الأهرام والأخبار والجمهورية حدث أسوأ منه في دار الهلال حتى وصلت الشكوى من تعيين راقصة لرئاسة تحرير أحد الإصدارات، وحدثت أيضًا وقائع فساد فى أكتوبر وروز اليوسف والتعاون وغيرها من صفقات مشبوهة لبيع الأراضى وغيرها دون أن يحقق أحد فيها.. وبعد ذلك يتحدثون عن الصحف القومية والحفاظ عليها ومنع انضمام الزملاء بالصحف الحزبية لها. نعم هناك صحفيون بالصحف الحزبية "أرزقية" ولاعلاقة لهم بالمهنة، ولايصلحون سوى كمسارية - على حد تعبير بعض مستشاري لجنة القيد بالنقابة - ولكن إذا كان هناك رفض لعدم "شعبطة" هؤلاء الكمسارية بالمؤسسات المسماة بالقومية، فإنه من الأولى إسقاط المئات من فروع "شجرة العائلة" وأفراد الأمن، وممن عينتهم الراقصات تحت عجلات الإنقاذ. وإذا كان للحق والحقيقة يوجد قليل من الزملاء الموهوبين والمحترمين بالمؤسسات القومية فمع اعتذارنا لهم واعتزازنا بهم وأقرب وصفه لهم "القلة المندسة" فهناك أيضًا ممن لايقلون عنهم كفاءة بالصحف الحزبية، ويشهد لهم الجميع بالمهارة والتميز. ولكن إذا كان هناك رفض لاستقبال صحفيين حزبيين دون تفرقة - رغم أن الصحف القومية ملك الشعب وليست عزب خاصة - فإن عددًا كبيرًا من الصحفيين الحزبيين - ومنهم كاتب هذه السطور - لايسعدهم ولايشرفهم أن يلتحقوا بالعمل بالمؤسسات الحكومية، لإن هذه المؤسسات في النهاية بمثابة مصدر رزق ليس إلا... وربما مقابل ذلك سيدفعون ثمنًا أكبر وهو قتل موهبتهم، خاصة مع "حشرهم" وسط الأوراق المتساقطة والعفنة من شجرة العائلة وكتائب الأمن وممن عينتهم الراقصات وال.... ولذا نقول لهؤلاء الكتبة و"المتباكين" على المؤسسات القومية التي تحولت إلى مؤسسات منكوبة بسببهم، قبل الحديث عن النظافة ابدأوا بتطهير أنفسكم أولًا.. فإن لم تجدوا "ديتول" فيمكن لكم أن "تبصوا في المراية" !