كنا نتكلم عن الشعر, فقال: إن ماسبيرو بيت خراب, لا خير فيه, و لا أمل منه, مبنى لا يعرف غير الفساد عبر تاريخه, فكيف يُرجى منه ضوء...؟ قلت: ماسبيرو مليء بالمواهب, صدقوني, وإن شئتم فانظروا كل فضائيات دنيا الله العربية, خلف الكاميرات وفي غرف التحكم. ستجدون المحترفين من أبناء المبنى العتيق... لكنهم في ماسبيرو, أو تحديدًا القيادات السابقة, وربما كثير من اللاحقة, يعز عليها أن ترى موهبة ما النور. لا عليك فليس كلامي عن ماسبيرو, بل كلامي عن الشعر, طيب يا أخي تاهت فوجدناها.. عندك الداعية المعروف المرحوم الشيخ إبراهيم عزت, مؤسس التبليغ بمصر, هو أحد نجوم التليفزيون المصري في الستينيات, هل تصدق هذا؟ الشيخ إبراهيم عزت الذي توفى على ظهر باخرة متجهة لجدة, ودفن في ثرى مكة الطاهر عام ثلاثة وثمانين, بدأ الشيخ حياته مذيعًا بالتليفزيون المصري, قدم عددًا من البرامج, وأشهرها برنامج "بيوت الله", وطبعًا مجرد العنوان كان غير مقبول في ماسبيرو الضباط الأحرار, فهجر التليفزيون, وعمل بالدعوة. ظللت مصاحبًا لولده الكبير "محمد" سنوات أربعة بالجامعة, ولم أكن أعرف أنه ابن الشيخ إبراهيم عزت المعروف, والغريب أن أخي الأكبر حينما قابل "محمد" مصادفة ببيتنا, قال لي سبحان الله, هذا الولد يشبه المرحوم إبراهيم إمام مسجد أنس بن مالك, فابتسم محمد إبراهيم عزت, فقال أخي: "الله أكبر" و سبحان الله, فلم أكن أعلم أيضًا أن القصيدة الرائعة التي تحمل عنوان "الله أكبر" هي من شعر إبراهيم عزت, فهو شاعر يفيض بالرقة والقوة معًا, يقول: الله أكبر باسم الله مجريها الله أكبر بالتقوى نرسيها الله أكبر قولوها بلا وجلٍ وحقّقوا القلب من مغزى معانيها بها ستعلو على أفْق الزمان لنا راياتُ عزٍّ نسينا كيف نفديها الله أكبر ما أحلى النداءَ بها كأنه الريُّ في الأرواح يُحييها الله أكبر كم عادٍ يعاندها يَفنى وتبقى على الأفواه تنزيها وكم خؤونٍ يظن البطش يقهرها يا سوءَ ما ظن حسبانًا وتشويها الله أكبر أهلُ الكفر تعرفها يدرون أسرارها هلاّ سندريها فهل رأيت ابن ماسبيرو كيف قال؟ قال صاحبي: بل قل رحم الله إبراهيم عزت وأنقذ ماسبيرو من تحت الأنقاض قلت: ربنا يهدي النفوس المريضة. فهو سبحانه مخرج الحي من الميت. [email protected]