عاتبني بعض الزملاء والقراء على الدفاع عن قضية أيمن نور أكثر من مرة في هذه الزاوية ، واعتبروا ذلك تحيزا لشخصية غير مقبولة سياسيا حسب تعبيرهم من قبل بعض القوى الوطنية ، والحقيقة أن هذا الأمر يعود بنا إلى ما طرحه المستشار طارق البشري منذ أشهر في بيانه الخطير حول ما أسماه " شخصنة السلطة " ، بيد أن المشكلة التي اتضحت الآن أن الشخصنة لم تتوقف عند السلطة ، بل إن وعي بعض النخب السياسية ما زال يعيش مرحلة " شخصنة السياسة " ، الموقف من ظاهرة أيمن نور نموذج جيد لهذه الحالة ، الموقف من أيمن نور يتصل بتقديرك لشخصه أوتاريخه وربما بعض أفكاره ، ولكن لا يتصل بدوره السياسي وفق الخريطة الحالية ، واتصاله بالمصلحة العامة للوطن ، لا يعني دفاعنا عن الحق السياسي لأيمن نور أننا نوافقه على كل برنامجه السياسي ، كما لا يعني دفاعنا عنه بالضرورة أي ارتباط بأبعاد شخصية ، وبالمناسبة فأنا شخصيا لم أقابل أيمن نور في حياتي ولو مرة واحدة ، رغم زمالتنا في نقابة واحدة ، نقابة الصحافيين ، كما أني لم أتحدث إليه على الإطلاق ولو عبر الهاتف في حياتي كلها ، ولكني أنظر إلى أيمن نور ، كحالة وظاهرة ، من المهم أن ندافع عن حقها في المستقبل السياسي لبلادنا ، كما أن حالة أيمن نور نموذج عملي يؤكد على أن مصر ولادة بأجيالها الجديدة ، وأنا على يقين من أن التيارات السياسية الأخرى ، مثل التيار الناصري والتيار اليساري والتيار الإسلامي يملك كل منهم طاقات شبابية مؤهلة لتحقيق حضور سياسي كبير وفاعل ومؤثر مثل ما حققه أيمن نور ، وربما أكثر منه بكثير ، ولكن المصيبة دائما في هيمنة الشيوخ والأجيال " المتمرسة " على الاحتواء وممارسة السياسة كاحتراف مصلحي وتقاسم فتات كعكة السلطة والبقاء في الضوء بدون أي تضحيات ، لا بد للطاقات الشبابية أن تأخذ دورها السياسي بنفسها ، وبدون وصاية من أجيال أخرى ، هذا أقوله لجميع التيارات ، ونجاح أيمن نور الحقيقي أنه خرج من وصاية جيل الشيوخ الليبرالي ، وخاض المعترك وحده ، بل في ظل معاداة واضحة من شيوخ الليبرالية المحترفين ، ونجح ، كما أن مصر بحاجة ماسة إلى توازن قوى سياسي يمنع الاستبداد ، وهذا لن يكون وكل قوة سياسية تكسر إمكانيات الأخرى ، وكل ذلك لصالح سلطة مهيمنة وقابضة على كل شيئ في البلد ، وعندما نكون أمام الحالة الأخيرة في ما يتم فعله في حزب الغد ، والمؤامرات الواضحة وضوح الشمس فإننا لا يمكن أن نكون على الحياد لأنه دعم لقدرات السلطة على التآمر وإغواء السياسيين ، لا يمكن أن نقف داعمين لنماذج من أمثال أحمد شكري أو حمدي أحمد ، أو موسى مصطفى أو رجب حميدة ، مع كامل احترامنا لمن يفلسفون " اجتماعات الغرف المظلمة " مع السلطة ، لأننا بذلك نساهم في إفساد الحياة السياسية ، ونعين السلطة على المزيد من التلاعب بكل القوى السياسية ، وما حدث بالأمس مع حزب العمل وغيره ويحاولون تمريره الآن مع الغد ، لن يعجزوا غدا أن يفعلوه في التجمع وفي الناصري إذا وصلت الأمور إلى حد كسر العظم ، باختصار ، لن نفلح في محاصرة قوى الظلام والقمع ، ولن ننجح في دفع الاستبداد ، إلا إذا خرجنا من حالة " شخصنة السياسة " إلى النظر في مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ضيق الأفق . [email protected]