رغم هزيمة الزمالك في مباراة الأمس من الأهلي، فانها يمكن أن تكون طريقا لخروجه من النفق المظلم بشرط الصوت العقلاني الهادئ والمتزن. الزمالك لا يحتاج إلى ترميم بقدر ما يحتاج إلى بناء فريق جديد وهذا لن يتأتى بين عشية وضحاها، بل يحتاج لسياسة النفس الطويل، ومصارحة الجماهير العريضة، والابتعاد عن صدمهم بالوعود الخيالية، مثل تلك التي تمثلت في تصريح عنتري لجعفر أمس بأنه سيصل إلى المباراة النهائية! الطموح مطلوب لكنه يجب ألا يبعدنا عن الواقع ويجنح بنا في الخيال، حتى إذا فوجئ الناس بالحقيقة كان وقع ذلك مؤلما عليهم. إنني أطالب مرتضى منصور بأن يشكل لجنة فنية من أبناء الزمالك تقوم ببناء فريق جديد، وأن يعتبر أن الدوري العام وبطولة أفريقيا خارج الخدمة هذا العام، واستغلال المباريات القادمة لكشف الثغرات وعلاجها ولتدريب الفريق الجديد من خلالها. ولتبدأ من خط الدفاع المنهار والذي أصبح أخطر على الفريق من هجوم الفريق المنافس، فأي مهاجم يشعر بأنه في نزهة ترفيهية بين دفاع الزمالك، فلا رقابة سليمة ولا ضغط ايجابي، ولاعبوه مصابون بالخضة! مطلوب من الزمالك في انتقالات يناير القادم علاج هذه الثغرة الرهيبة التي تطيح بكل جهود الخطين الأماميين، فمثلا لو كان دفاعه قويا أمس لاستطاع الخروج متعادلا في الشوط الأول، لكنه انهار في 5 دقائق فقط بدءا من الدقيقة 38 ولو طال زمن هذا الشوط قليلا لشاهدنا مزيدا من الانهيار والأهداف! وفي الشوط الثاني كانت كل هجمة أهلاوية تنخلع معها قلوب الزملكاوية، لأن مدافعي فريقهم يضربون دائما لخمة، حتى تلك الكرة التي لم تكن وراءها خطورة، تسبب مدحت عبدالهادي في احتسابها ضربة جزاء، بغض النظر عن صحتها! على الزمالك أن يفتش في فرق الظل عن مدافعين جيدين صغار السن، وأن يحيل المهاجم عبدالحليم علي الى الاستيداع حتى يستعيد مستواه، وإلا فان عمره الافتراضي قد انتهى وعليه ان يعمل عمرة "بفتح العين" ويلعب في فرق أخرى أقصى أمانيها ألا تهبط لدوري المظاليم! ولابد من اعطاء الفرصة للاعبين من فرق الناشئين من خلال مباريات هذا الدوري، واعتقد أن فيهم من سيمسك بها بيده وأسنانه. هذا الحماس هو الذي يحتاجه الزمالك، بعد أن أصيب معظم فريقه الحالي بحالة التوهان واللا مبالاة والتي لن يخرجون منها فترة طويلة. لو فتش الزمالك في فرق الاقاليم الصغيرة وربما فرق الحارات سيجد لاعبين على أعلى مستوى، وعليهم أن يستعيدوا ما كان يفعله الأهلي في عهد كشافهم الشهير المرحوم عبده البقال، وما فعله المرحوم شحتة عندما أخذ الدوري العام بلاعبين مغمورين مجهولين جمعهم من الشوارع والحارات والقرى وهم يلعبون الكرة الشراب، فصاروا خلال موسم واحد فقط أفضل لاعبي مصر. وأتذكر الناقد الكبير المرحوم ناصف سليم، وهو زملكاوي حتى النخاع، عندما انتقد شحتة لأنه جمع أفضل لاعبين في مصر – رغم انهم مجهولون – ليتفوق بهم على الأهلي والزمالك، مع أنه كان يجب أن يتركهم إلى أن يعثر عليهم الناديان الكبيران صاحبا الامكانيات الملايينية الضخمة! لا نريد من الزمالك أن ينافس الأهلي في خطف النجوم اللامعة، فهذه النجوم عمرها الافتراضي محدود، وسينتهي حيلها وينهد نفسها وتجبر على الاعتزال تاركة النادي لمحنة كبيرة. يستطيع الزمالك بمليون جنيه فقط أن يشتري 20 لاعبا موهوبا من الأسكندرية حتى أسوان، فيوفر على نفسه ملايينه، ويقدم لنا نجوما جددا تسطع في سماء النجومية سنوات طويلة. الاسماعيلي فعل ذلك في زمن العثمانيين، فتحول إلى فريق زاخر بالنجوم، واستطاع أن يصرف على كرة القدم ببيع هؤلاء الموهوبين للأهلي، وبهم فقط وقف على قدميه في الموسمين الماضي والحالي وهزم الزمالك تلك الهزائم المنكرة!