نشرت صحيفة (بوسطن جلوب 19/2) خطابا للقارئ مارك شيفر يعلق فيه على تقرير بالصحيفة جاء فيه أن الولاياتالمتحدة ترسل طائرات التجسس (درونز) فوق إيران في الوقت الذي تصعد فيه إدارة بوش حملتها المناهضة للجمهورية الإسلامية وتبحث فيه المخابرات المركزية عن معلومات تدعم مزاعم الرئيس بوش بأن إيران تطور أسلحة نووية.. ويتساءل القارئ عما إذا كانت الصحيفة أخطأت بإعادة طبع أحد تقاريرها منذ عامين عن إستعدادات أميركا للحرب على العراق ، مع استبدال كلمة "العراق" بكلمة "إيران". ما يريد القارئ أن يقوله لا يختلف عما يتخوف منه كثيرون في العالم ، وهو أن إدارة بوش عازمة على مغامرة عسكرية أخرى ، هذه المرة ضد إيران . وبغض النظر عن الدافع لهذه المغامرة (تمكن النظام الإسلامي من التكنولوجيا النووية أو الثأر الأمريكي المبيت منذ عام 1979المتعلق بأزمة رهائن السفارة الأمريكية بطهران أو كون إيران الدولة الإسلامية الوحيدة تقريبا الخارجة عن طوع أميركا والمستغنية عن معوناتها) ، فهناك عدة أسئلة تفرض نفسها : هل تستطيع الإدارة الأمريكية الإقدام على مغامرة أخرى رغما عن "مأزقها" في العراق؟ ألا تكفي خسائر أميركا المادية والبشرية في العراق لردع جماعة المحافظين الجدد العميلة عن إستكمال مشروعها الخاص بتمكين إسرائيل من الهيمنة على المنطقة؟ وما هو موقع سوريا وحزب الله في هذه المغامرة ؟ لقد تناول الرئيس بوش مسألة الحرب على إيران باستظراف يؤكدها أكثر مما ينفيها ، عندما قال في مؤتمر صحفي عقده مع قادة أوربا منذ شهور في بروكسل: "إن القول بأن الولاياتالمتحدة تستعد لشن هجوم على إيران فكرة تدعو للسخرية ، ومع هذا أؤكد أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة،" وهو ما جعل القاعة تضج بالضحك . وعندما نفت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس منذ أسابيع أن هناك عملا عسكريا مطروحا في الوقت الحالي ، ذكرتنا بما صرحت به يوم 20/10/2002 قبل خمسة شهور من غزو العراق: " نحن نسعى إلى حل سلمي للأزمة مع العراق ، ونعتقد أنه يمكن التوصل لحل كهذا". لقد أكد الرئيس بوش للأوربيين خلال لقائه بهم أن لديه إستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط الكبير لن يحيد عنها لأن المنطقة تعرض فرصا غير مسبوقة لابد من إنتهازها. فهل يقصد بوش فقط الفرص التي يوفرها الواقع العربي المنهار أم أيضا هذه النوعية الأخرى من الفرص التي توفرها جرائم مجهولة الهوية تُستغل كذرائع لتطوير حملات الضغوط إلى حملات إخضاع ، وتظهر كلما تستدعي الحاجة وحسبما يمليه الجدول الزمني للأجندة الموضوعة . هل كان الأمر مجرد مصادفة مثلا أن تتزامن "فرصة" موت عرفات الغامض مع إنتخاب الرئيس بوش وجماعته لفترة حكم ثانية ، أو أن يتزامن تسكين الجبهة الفلسطينية بإنهاء الانتفاضة يوم 8/2 الماضي في شرم الشيخ مع تسخين الجبهة اللبنانية باغتيال رفيق الحريري يوم 14/2، أو أن يتزامن تصعيد الحملة الإعلامية على حزب الله والإلحاح الصهيوني على الاتحاد الأوربي لإدراجه في قائمة الإرهاب والضغوط الدولية لإخراج سوريا من لبنان ؟ لقد أكد جاك سترو وزير الخارجية البريطاني منذ أيام أنه على الرغم من التلويح الأمريكي المتكرر باستخدام القوة ضد إيران ، فإن هذا الأمر غير مطروح إطلاقا. فهل هذه لعبة أخرى وتوزيع أدوار بين الحليفين ، ومحاولة لطمأنة إيران بأن أمنها محفوظ حتى تتخلى عن الحذر وتستدرج إلى المحظور؟ [email protected]