يدخل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بعد أيام قليلة أولى تجاربه الانتخابية يوم 19 من الشهر الجاري على منصب رئيس الحزب بين العديد من المرشحين أبرزهم الدكتور محمد سعد الكتاتني أمين عام الحزب، والدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب. ويترقب المحللون على الساحة السياسية ماذا ستسفر عنه أول انتخابات داخل حزب الحرية والعدالة ذي التوجه الإسلامي والذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين والذي استطاع تحقيق الأغلبية في برلمان الثورة الذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا. فكرة نشأة الحزب وترجع أولى محاولات الإخوان المسلمين لتأسيس حزب سياسي إلى النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي على يد مسئول قسم الوحدات السابق فى النظام الخاص لجماعة الإخوان المسلمين «صلاح شادي» الذي أنجز مع عدد من الباحثين والسياسيين فى الجماعة أول مشروع لبرنامج حزب سياسي، لكن لم تنجح المحاولة فى ظل حملات ومواجهات أمنية واسعة النطاق ضد الجماعة. ثم جاءت المحاولة الثانية من المستشار «مأمون الهضيبي» رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان فى برلمان 1987 الذي تم حله في عام 1990، غير أن الجماعة عكفت حينها على دراسة الفكرة دون أن يتحول ذلك إلى طور التنفيذ، ثم جاءت «مبادرة الإصلاح» التى تبناها المرشد العام السابق مهدي عاكف عام 2004، التى اتخذت شكلاً أقرب إلى برنامج حزب سياسي. الحرية والعدالة يظهر للنور في عام 2011 وفي عام 2007 قامت الإخوان بتوزيع المسودة الأولى لبرنامج حزبها السياسي على مجموعة من المفكرين والمحللين رغم إدراكها الاستحالة الفعلية لأن يشكّل البرنامج خطوة البدء في تأسيس حزب سياسي في ظل الرفض الحكومي والقيود الدستورية التي فرضت آنذاك على الأحزاب ذات المرجعيات الدينية، ثم جاء برنامج الجماعة للانتخابات البرلمانية عام2010 واكتفت حينها بعرض البرنامج على الرأي العام دون أن تعلن عن تأسيس حزب سياسي. وفي 21 فبراير 2011 وبعد أيام قليلة من تنحي الرئيس السابق حسني مبارك إثر ثورة 25 يناير أعلن الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين عن تأسيس الجماعة لهذا الحزب، كما أعلنوا أن ذلك الحزب مفتوح لكل المصريين، مسلمين ومسيحيين، وبعد ذلك تم إنشاء حزب الحرية والعدالة رسميًّا في 6 يونيو 2011 وهو حزب ذو مرجعية إسلامية، يتبنى أيديولوجية الإسلام السياسي. يعرف الحزب نفسه بأنه حزب مدني ذو مرجعية إسلامية ويؤكد على أنه حزب لكل المصريين دون تمييز ويمارس نشاطه طبقًا للدستور المصري ويعمل على نهضة الأمة وتحقيق آمال وطموحات الشعب ومنها أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. ترأس الحزب منذ تأسيسه الدكتور محمد مرسي وقدم استقالته من الحزب فور انتخابه رئيسًا للجمهورية وتم فتح الترشح لرئاسة الحزب وتقدم للترشح عدة مرشحين أبرزهم الدكتور عصام العريان والدكتور محمد سعد الكتاتني ومازال الحزب ينتظر انتخاب رئيس جديد له في 19 أكتوبر. يتكون الهيكل التنظيمي من رئيس الحزب ثم المكتب التنفيذي الذي يضم 15 عضوًا ويشمل نواب الرئيس والأمين العام والأمناء المساعدين ثم الهيئة العليا، ويتم انتخابهم جميعًا بواسطة المؤتمر العام للحزب، وقد انتُخب د. محمد مرسي أول رئيس للحزب (رئيس الجمهورية حاليًا) ود. عصام العريان هو النائب الأول للرئيس، ود. رفيق حبيب النائب الثاني، وانتُخب د. محمد سعد الكتاتني أمينًا عامًا للحزب. خاض حزب الحرية والعدالة انتخابات مجلس الشعب ضمن قائمة التحالف الديمقراطي (الحرية والعدالة) وحصل على 2011 10,138,134 صوتًا , بما يعادل 127 مقعدًا في نتيجة القوائم, كما حصل على 108 مقعدًا في توزيع المقاعد الفردية، وفي انتخابات مجلس الشورى فاز الحزب ب105 مقعدًا، منهم 56 مقعدًا للقوائم و49 للفردي. وفي أولى تجارب حزب الحرية والعدالة الديمقراطية قررت الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة عقد المؤتمر العام السنوي للحزب يوم 19 أكتوبر الجاري، حيث يقوم أعضاء المؤتمر العام بانتخاب رئيس جديد للحزب خلفًا للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية الحالي ورئيس الحزب السابق. ويتنافس على انتخابات رئاسة حزب الحرية والعدالة عدة مرشحين من بينهم امرأة وهي الدكتورة صباح السقاري أمينة المرأة بالقاهرة، وقد نفت قيادات بالحزب ما تردد عن وجود اتفاقات داخل الحزب وجماعة الإخوان المسلمين على مرشح معين أو وجود انقسامات داخل الحزب على المرشحين الأكثر حظًا للفوز بمنصب رئيس الحزب وهما الدكتور عصام العريان والدكتور سعد الكتاتني، مؤكدة في الوقت ذاته عدم تدخل أي من أعضاء مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين لتدعيم مرشح معين وأن الانتخابات ستتم بطريقة شفافة وديمقراطية وأن ترشح امرأة على منصب رئيس الحزب هو اعتراف بأهمية دور المرأة. وفي إطار ذلك استطلعت (المصريون) آراء بعض قيادات حزب الحرية والعدالة وبعض المحللين للوقوف على تقييم التجربة الانتخابية للحزب، ومدى نجاحها وحقيقة وجود انقسامات داخل الحزب حول دعم بعض المرشحين، ووجود امرأة وهي د/ صباح السقاري ضمن المرشحين لرئاسة الحزب، ومن المرشح الأقرب حظًا للفوز برئاسة الحرية والعدالة. د/ محمد حبيب: أتوقع فوز الكتاتني ب"الحرية والعدالة" في البداية قال الدكتور محمد السيد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين سابقًا إن إجراء انتخابات داخل حزب الحرية والعدالة على منصب رئيس الحزب هو في حد ذاته شيء جيد للحزب. وأشاد حبيب بترشح الدكتورة صباح السقاري على منصب رئيس الحزب لأن ذلك يعني أن هناك تطورًا إيجابيًّا وديمقراطيًّا داخل الحزب. وأضاف حبيب أنه يتوقع فوز الدكتور محمد سعد الكتاتني بمنصب رئيس حزب الحرية والعدالة واستشهد حبيب على ذلك بما حدث داخل مجلس الشعب المنحل عندما اختار النواب الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيسًا للمجلس . وأوضح حبيب أنه لا توجد صراعات داخل الجماعة ما بين ما يسمى بالتيار القطبي والتيار الإصلاحي وأن روح الانسجام تسيطر على أعضاء الجماعة وما يشاع غير ذلك هو غير صحيح بالمرة. محمد عبد الفتاح: الانتخابات ليست ديكور سياسي وعدم ترشح الدكتور البلتاجي لمنصب يأتي نتيجة لرغبته في تحقيق تقدم كبير في أمانة الحزب بالقاهرة من زاوية أخرى أكد محمد عبد الفتاح أمين حزب الحرية والعدالة بمحافظة أسوان أن الانتخابات على رئاسة حزب الحرية والعدالة ستجري في موعدها وأن المؤتمر العام للحزب هو الذي سيختار رئيس الحزب. وأضاف عبد الفتاح أن المؤتمر العام للحرية والعدالة يتكون من الأعضاء المؤسسين للحزب بنسب معينة في كل محافظة فهم 30 عضوًا في محافظة أسوان ويختلف التمثيل في كل محافظة عن الأخرى بحسب حجم المحافظة. وأشار أمين الحرية والعدالة بأسوان إلى أن الأعضاء المؤسسين للحزب في جميع المحافظات هم الذين سيختارون رئيس الحزب بمشاركتهم في المؤتمر العام للحزب في 19 من الشهر الجاري دون ضغوط أو إملاءات من أحد. ونفى عبد الفتاح الأنباء التي ترددت عن دعم المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين للدكتور محمد سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة والمرشح على منصب رئيس الحزب أو تزكية الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق للحرية والعدالة ورئيس الجمهورية حاليًا للدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب والمرشح أيضًا على رئاسة الحرية والعدالة. وأضاف عبد الفتاح أن المهندس خيرت الشاطر لا يتدخل في شئون الحزب وأن الرئيس محمد مرسي أمامه مسئوليات كبيرة في مصر بصفته رئيسًا لها ولا يتدخل هو الآخر في مجريات الأمور داخل حزب الحرية والعدالة. ونوّه عبد الفتاح إلى أن الانتخابات على منصب رئيس حزب الحرية والعدالة ستتم بطريقة ديمقراطية ولن يتدخل أحد للتأثير على أعضاء المؤتمر العام لدعم مرشح دون الآخر، بل هناك حرية كاملة في الاختيار ما بين أعضاء المؤتمر العام. وعن ترشح امرأة على منصب رئيس الحزب قال عبد الفتاح إن المرشحة الدكتورة صباح السقاري هي من الأعضاء التأسيسيين للحزب ومن حق أي عضو مؤسس أن يترشح على منصب رئيس الحزب. ونفى أمين الحرية والعدالة أن تكون الانتخابات مجرد ديكور سياسي أو أن يكون هناك اتفاق على اسم رئيس الحزب مسبقًا قائلا: "إن المنافسة على منصب رئيس الحزب يوجد بها اثنان من أقوى الشخصيات المؤثرة داخل حزب الحرية والعدالة وهما الدكتور محمد سعد الكتاتني أمين عام الحزب والدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب مما يوحي بوجود منافسة قوية، وأن الانتخابات لو كانت ديكورية لتم ترشيح شخصية قوية في مواجهة عدة أشخاص ضعاف. وأوضح عبد الفتاح أن عدم ترشح الدكتور محمد البلتاجي لمنصب رئيس الحزب يأتي نتيجة لرغبته في تحقيق تقدم كبير في أمانة الحزب بالقاهرة بصفته أمينًا للحزب بالعاصمة. عادل رضوان: لا مكان للغرف المغلقة في انتخابات الحزب على سياق آخر أكد عادل رضوان عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة بمحافظة الشرقية أن كل ما يقال عن وجود دعم لمرشح معين دون الآخر في انتخابات رئاسة الحرية والعدالة هو مجرد إشاعات. وأضاف رضوان أن الانتخابات ستتم بطريقة شفافة وديمقراطية وأمام الجميع، ولن توجد غرف مغلقة لاختيار رئيس حزب الحرية والعدالة والذي سيتم انتخابه على في العلن وأمام الجميع. وأشار رضوان إلى أنه لا يوجد تعيين داخل حزب الحرية والعدالة وكل شيء يتم بطريقة انتخابية وطبقًا للائحة الحزب التي أقرها في تأسيسه. ونوه العضو السابق عن الحرية والعدالة إلى أن انتخاب رئيس حزب الحرية والعدالة سيتم بواسطة الأعضاء المؤسسين للحزب. عبد الله عليوة: القول بوجود صراعات عار تمامًا من الصحة من ناحية أخرى أكد عبد الله عليوة عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة بمحافظة القليوبية أن الانتخابات التي ستتم على منصب رئيس حزب الحرية والعدالة ليست شكلية أو رمزية . وأضاف عليوة أن القول بوجود صراعات داخل الحزب لدعم منافس في مواجهة الآخر هو أمر مرفوض وعار تمامًا من الصحة، وأن أعضاء المؤتمر العام للحزب هم من سيختارون رئيس الحزب. وأوضح عضو مجلس الشعب السابق عن الحرية والعدالة أن ترشح سيدة على منصب رئيس الحزب هو نوع من الديمقراطية داخل الحزب وأن الحرية والعدالة هو أول مَن أدخل المرأة إلى مجلس الشعب، وأوضح عليوة أن كل شيء يتم داخل الحرية والعدالة بالانتخاب وأن جماعة الإخوان المسلمين لا تتدخل في شئون الحزب. د/هاني رسلان: الكتاتنى يمثل التيار المحافظ داخل الجماعة وهو الأقرب للفوز من منطلق آخر قال الدكتور هاني رسلان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ليس منفصلاً بصورة كلية عن الجماعة. وأشار رسلان إلى أنه يتوقع فوز الدكتور محمد سعد الكتاتني بمنصب رئيس الحزب لأنه قريب من الفكر القطبي المحافظ داخل جماعة الإخوان المسلمين والذي يمثّل الأغلبية داخل الجماعة، بينما يمثل الدكتور عصام العريان التيار الإصلاحي داخل الجماعة والذي لا يتمتع بنفس قوة ونفوذ التيار المحافظ داخل الجماعة، وقد ظهر التيار الإصلاحي داخل الجماعة في بداية السبعينات من القرن الماضي.