حالة كاسحة من الضيق والقرف والاكتئاب اجتاحتني اجتياحًا وأنا أتابع طوفان الكذب والخديعة والاستهبال الذي يغرق المشهد المصري وساحته السياسية طوال الأسبوع الماضي.. بدأت بمهرجان البراءة للجميع في موقعة الجمل، وتواصلت مع معركة النائب العام وتخللها العار الذي حدث في جمعة الحساب. سلسلة من الكذب الفاجر والغش البين واكبت إخفاء أدلة قتل الثوار وبراءة المتهمين بقتلهم، تبعتها ادعاءات متبادلة بين الحركات الثورية والإخوان انتهت بجمعة العار التي وقع فيها جرحي من الطرفين، ثم كللت بالروايات المتناقضة لتبرير معركة النائب العام التي لابد أن أحد أطرافها «كذّاب أشِر» ويرفض عقلنا وتربيتنا أن نفكر في مجرد أن «يكذب» رجال بهذا الحجم وتلك القامات!! هربت إلى مواقع شباب الثوار باحثًا عن نسمة هواء نقي تنتشل نفسي من هذا الجو الفاسد فوجدت أحدهم قد كتب هذه الكلمات البسيطة المعبرة على موقع يدعى (على فكرة أنا مصري) يقول: إحنا الجيل اللي اتقال له «امشي جنب الحيط»..و«خليك في حالك».. و«الجبن سيد الأخلاق»..و«الجري نص الجدعنة».. إحنا الجيل بتاع «يا راجل كبر مخك» و«خليهم يتسلوا»..و«عبارة من اللي بتغرق».. و«رد عليهم إنت يا حسين».. إحنا الجيل اللي كان بيسمع في التاكسي أو الميكروباص الراجل اللي راكب ورا وهو بيكلم اللي جنبه: «يا عم ده جمال باشا مبارك هو أصلح واحد بعد أبوه».. ده ابن أصول وعايش في القصر الرئاسي وشبعان واللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش.. إحنا الجيل اللي كان كل اللي يعرفه عن المحكمة الدستورية قبل الثورة إنها مبنى فخيم في كورنيش المعادي.. وكل اللي يعرفه عن الدستور أن الريس غيره في 2006. إحنا الجيل اللي اتقال عليه «تافه»..و«هايف»..و«بتاع قهاوي»..و«مش هامه مصلحته».. إحنا الجيل بتاع «فيس بوك».. و«يوتيوب».. و«طنيطر».. جيل «اللايك» و«الشير» و«الريتويت».. الجيل اللي اتفرج على فيلم «بانديتا» ولبس قناعه في المظاهرات.. وقرأ قصة غاندي وشاف الفيديو على النت.. وكرّم الفريق الشاذلي.. وتضامن مع البطل جمعة الشوان في أزمة مرضه.. إحنا الجيل اللي غير صورة بروفايله لما خالد الله يرحمه مات فضحك عليه الناس وقالوا وهو حقه هييجي بتغيير صورة.. ولما نزل وقفة صامتة عشان يعبر عن غضبه سخر الجميع من وقفته وقالوا بقه الحكومة اللي مش هاممها المظاهرات هتخاف من الوقفات الصامتة (طب متعملوها فايبريشن!).. إحنا الجيل اللي حط كل اللي فوق ده في خلاط وقرر ينزل يوم 25 يناير يهتف: عيش - حرية - عدالة اجتماعية بدعوة طلعت من صفحة على فيس بوك.. إحنا الجيل اللي قبل الثورة كان بيتقال له: «انتم عالة على البلد».. ولما اتحركنا قالوا علينا «شباب أهوج وفاسد وعميل وممول هيخرب البلد»..ولما انتصرنا اتقال علينا من نفس الناس «الورد اللي فتح في جناين البلد».. إحنا الجيل اللي قبل الثورة مكانش حد مصدقه.. والنهاردة وبعد قرب السنتين على الثورة.. عايزين بس نفكركم.. إحنا نفس الجيل اللي لسه بيقول لكم.. الثورة مستمرة!!! وحفظ الله مصر وشبابها من كل سوء