حذرت مصادر سياسية مطلعة وخبراء أمنيون من وجود مخطط إسرائيلي يستهدف وضع شبه جزيرة سيناء تحت الوصاية الأمريكية من خلال الترويج لمزاعم حول وجود خلايا نائمة لتنظيم القاعدة تسيطر على المنطقة ، وأن هذه الخلايا تخطط لضرب السفن المارة في قناة السويس ، وهو ما يستهدف التشكيك في كفاءة الأجهزة الأمنية المصرية من جهة ، ويفتح الباب من جهة أخرى أمام المطالبة بتواجد أمني دولي ، وأمريكيا بالتحديد ، باعتبار أن القناة تعد أحد أهم الممرات المائية لنقل التجارة العالمية . وتأتي هذه التعليقات ، بالتزامن مع تقارير استخباراتية إسرائيلية نشرت أمس ، وتضمنت مزاعم بأن تنظيم القاعدة شكل شبكات محلية في شمال سيناء وتتمركز بصفة رئيسية في مدينة العريش إضافة إلى تكوين معاقل في المنطقة الجبلية في شبه الجزيرة حول جبل حلال. وزعم تقرير نشره موقع "دبكا" على الإنترنت والمقرب من الاستخبارات الإسرائيلية (موساد) أن من أطلق عليهم "الجهاديين" يسيطرون على 20 في المائة من المساحة الإجمالية لسيناء البالغة 61 ألف كيلومتر مربع. وزعم التقرير أن قوات الأمن المصرية تلقت تعليمات بعدم المغامرة بدخول هذه المناطق المحصنة إضافة إلى مناطق أخرى تسيطر عليها قبائل تعمل في التهريب وتتعاون في الوقت الحالي مع تنظيم القاعدة.. وهو ما يجعل، بحسب ما ذكر التقرير، ما يقرب من 50 في المائة من شبه جزيرة سيناء محرم على قوات الأمن المصرية الدخول إليها. وادعى الموقع الإسرائيلي أن خلايا القاعدة تسيطر في الوقت الحالي على الطرق الرئيسية الممتدة في صحراء سيناء بداية من منطقة رأس سدر حتى شرم الشيخ على طول قناة السويس وشواطئ خليج السويس، ومن قناة السويس شرق العريش على طول ساحل البحر المتوسط، ومن وسط وشمال شرم الشيخ على طول خليج العقبة وطابا وميناء إيلات الإسرائيلي. أشار التقرير أيضا إلى أن تلك الطرق ملغمة بالعبوات الناسفة المفخخة، وأن عناصر من خلايا القاعدة مسلحة بمضادات الدبابات تختبئ خلف الصخور الجبلية الضخمة تنتظر قوات الأمن المصرية إذا حاولت الدخول إلى المناطق التي يسيطرون عليها. ونقل التقرير عن مصادر استخباراتية إسرائيلية قولها إن معاقل القاعدة في سيناء أصبحت أكثر قوة وتحصينا من منطقة تورا بورا التي آوت أسامة بن لادن في أفغانستان. ونقل التقرير عن خبراء عسكريين إسرائيليين زعمهم أن الحل الوحيد أمام أجهزة الأمن المصرية لتحرير سيناء من سيطرة خلايا القاعدة هو استخدام قاذفات القنابل ومعها الطائرات الهليكوبتر لإنزال لواءين من القوات الخاصة على الأقل، خاصة بعدما تكبدت القوات المصرية خسائر كبيرة خلال عمليات عسكرية كبيرة ضد خلايا إرهابية تتحصن في المنطقة الجبلية، على حد ما ذكر التقرير. وتعليقا على هذا التقرير ، وصفت جهة أمنية سيادية التحذيرات الإسرائيلية حول عمليات محتملة للقاعدة في سيناء بالأمر الخطير ، محذرة من أن جهاز الموساد الإسرائيلي يعبث في منطقة شرق سيناء ويهرب أسلحة لكل من يريد ومخدرات وعملات مزيفة وأن العناصر المصرية ترصد كل تحركاته وهي تحت السيطرة وأن ما يدعيه بوجود عناصر من القاعدة الهدف منه إعطاء إيحاء للعالم بأن منطقة شرق سيناء غير مستقره بعد تحرير غزة وان قوي خارجية بدأت تتخذ منها ملاذات آمنة . وأوضحت الجهة السيادية أن ذلك يستهدف تهيئة الأجواء لتدخل دولي في منطقة شرق سيناء ، مشيرة أن الذين يهاجمون أهدافا بجنوب سيناء يستهدفون تدمير الموسم السياحي المتعافي من أثار الأحداث الماضية وأن مصر سترفض ما تردده الدوائر الإسرائيلية وتحتج عليه . من جانبها ، لفت مصادر سياسية مصرية إلى أن التحذيرات التي أطلقتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حول وجود معلومات استخباراتية مؤكدة بأن خلايا نائمة لتنظيم القاعدة تخطط لاختطاف سياح إسرائيليين أثناء تواجدهم في سيناء خلال فترة الأعياد اليهودية ، تصب في هذا المخطط ، وتستهدف وضع سيناء على خريطة الحرب الأمريكية على الإرهاب ، كما هو الحال بالنسبة للصومال أو كينيا أو اندونيسيا . ولفتت المصادر إلى أن هذه التحذيرات ، سبقها بعدة أيام ، تسريب معلومات استخباراتية إسرائيلية حول تسلل عناصر من القاعدة من سيناء إلى قطاع غزة مستغلين حالة العبور الجماعي لالاف الفلسطينيين عبر القطاع إلى سيناء عقب الانسحاب الإسرائيلي من القطاع ، بما يستهدف كذلك الترويج للمخطط الإسرائيلي . وشددت المصادر علي أن هذه المؤامرة تدخل في نطاق الحرب النفسية سواء بشقيها السياسي والاقتصادي وتسعي لزعزعة الاستقرار النسبي الذي تتمتع به مصر وإخضاعها للهيمنة الإسرائيلية ورفع رصيد إسرائيل لدي الولاياتالمتحدةالأمريكية واعتبارها زراعاً أيمن لها في الحرب علي الإرهاب . ولم تستبعد المصادر أن يكون هدف المزاعم الصهيونية فرض وجود أمريكي مكثف علي الحدود المصرية الصهيونية لعدم ترك الفرصة لإشراف مصري فلسطيني علي الحدود بعد انسحاب من قطاع غزة. من جانبه اعتبر السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي أن المزاعم الإسرائيلية تهدف إلى اعتبار مصر ساحة مفتوحة استطاعت القاعدة اختراقها لإيجاد البنية المناسبة لتدخل عسكري أمريكي بزعم محاربة القاعدة كما حدث في العراق وأفغانستان ومن قبلها في الصومال وفتح الباب واسعا لتدخل عسكري وأمني أمريكي في الشأن المصري. وشدد الأشعل على أن إسرائيل تحاول خلق رأي عام عالمي يروج لفشل الدول العربية في مواجهة تنظيم القاعدة وتقديم نفسها كشريك أساسي لواشنطن في الحرب على الإرهاب لخدمة المصالح الإسرائيلية ، التي يأتي في مقدمتها إضعاف مصر سياسيا واقتصاديا وأمنيا. ودلل الأشعل على خبث المزاعم الصهيونية بعدم وجود بيان واضح للقاعدة يهدد بشن عمليات على مصر أو قناة السويس فالتنظيم غير موجود في مصر أصلا ، ولم يضع مصر أبدا كمحور لنشاطه من ثم فهو لا يستطيع حاليا بعد الضربات العنيفة التي وجهت له أن يهدد مصر. وأشار الأشعل إلى أن إسرائيل لا ترغب في استقرار مصر خصوصا من الناحيتين الأمنية والاقتصادية ، كما أنها تروج كثيرا للحديث عن مؤامرة للحركات الإسلامية ضد مصر لضرب العلاقة الوطيدة بين مصر وحركات المقاومة في فلسطين مثل حماس والجهاد ، وخلق حالة من عدم الاستقرار بين مصر وبعض الأطراف في فلسطين لإضعاف الدور المصري في عملية السلام . من جهته ، رأى الدكتور كمال حبيب الخبير في شئون الحركات الإسلامية أن هذه المزاعم تأتي في إطار خدمة المصالح الإسرائيلية التي ترغب في وصم جميع دول المنطقة بالإرهاب واستغلالها كذلك في زيادة رصيد إسرائيل لدي واشنطن. وأضاف حبيب أن الحديث عن وجود مكثف للقاعدة في سيناء هدفه استعداء واشنطن علي القاهرة وإجبارها علي القبول بدور أمريكي أمني متنامي في معالجة هذا الملف والضغط علي مصر للقبول بوجود مكثف لأجهزة الاستخبارات الأمريكية في المنطقة ، لافتا إلى أن إسرائيل ترغب في ممارسة أقصى أنواع الضغوط على مصر باعتبارها أرضا مفتوحة لتنظيم القاعدة الذي استطاع اختراق العديد من دول المنطقة ومنها الأردن ومن ثم فدول المنطقة بحاجة إلى دعم ووجود عسكري أمريكي يهيئ لهيمنة صهيونية على دول المنطقة. ونفى حبيب أي وجود لتنظيم القاعدة في مصر ، مشيرا إلى محلية العمليات التي حدثت في شرم الشيخ وعدم وجود أي دليل على تورط تنظيم القاعدة فيها ، محذرا من إن الإسرائيليين يريدون إظهار مصر بمظهر الدولة غير المستقرة والتشويش على نجاح القاهرة في لجم جماعات العنف عبر العديد من المراجعات الفقهية والفكرية . وأشار كمال حبيب إلى أن إسرائيل تسعى إلى ضرب الاقتصاد المصري وأضاعفه بالحديث عن مؤامرة للقاعدة ضد قناة السويس باعتبارها الشريان الحيوي في الاقتصاد المصري وكذلك بهدف ضرب السياحة المصرية بزعم وجود محاولات لضرب المراكز السياحية في منطقة سيناء وحرمان مصر من عائدات اقتصادية قد تفلح في إنقاذ الاقتصاد المصري المتعثر. في السياق ذاته ، أكد اللواء فؤاد علام الخبير الأمني المعروف وجود مؤامرة إسرائيلية على مصر لإيجاد قبضة أمريكية على شبة جزيرة سيناء من خلال تواجد أمني واستخباراتي بزعم محاربة الإرهاب وكذلك منع أي مرونة بين المصريين والفلسطينيين على الحدود بين مصر وغزة. وحذر علام من أن هذه التحذيرات لها آثار سلبية على الأمن القومي وكذلك تأتي في إطار حرب نفسية تشنها إسرائيل ضد مصر بهدف زعزعة استقرارها وأمنها بما يخدم المخطط الرامي إلى بسط النفوذ الإسرائيلي على الشرق الأوسط ، مستبعدا وجود عناصر قوية للقاعدة ولكنها عمليات داخلية غير منظمة ، مشيرا إلى صعوبة تواجد القاعدة في سيناء بالشكل الذي جاء في التحذيرات الإسرائيلية نظرا لوجود أجهزة أمنية مستنفرة في شبة جزيرة سيناء. من جانبه ، استبعد اللواء الدكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم العسكرية بأكاديمية ناصر العسكرية أي وجود لخلايا تنظيم القاعدة في شبة جزيرة سيناء ، مؤكدا على أن هذه التحذيرات الإسرائيلية لها أثارها السلبية على الاقتصاد المصري بسبب تهديد قناة السويس والسياحة. وطالب فؤاد أجهزة الأمن المصرية بالرد رسميا على هذه التحذيرات من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار ، وأن تبادر لمراجعة استراتيجيتها الأمنية حتى لا تقع عمليات إرهابية ويكون لإسرائيل السبق في توقع حدوث مثل هذه العمليات وتكون سابقة لها . واستبعد اللواء فؤاد تحويل الملف الأمني في سيناء إلى الوصاية الأمريكية ، مؤكدا أن ذلك غير وارد بالمرة حتى وإن كانت القاعدة موجودة في سيناء وذلك لوجود أجهزة أمنية في حالة استنفار ومصر دولة لها سيادة وقادرة على حماية أرضها.