طغت أحداث تفجيرات كنيسة الإسكندرية على قضايا وشؤون مصرية، تناولتها صحف عربية صادرة صباح اليوم الأحد، والتي لم تخل من استعراض للملحمة الرائعة لأصالة الوحدة الوطنية وتعبيرات عن بالغ حزن وأسى تلك الصحف حول الحادث، والتي لازمتها تأكيدات على تماسك المصريين وآراء وتنديدات سياسيين بشأنه، بالإضافة إلى إخلاء سبيل إحدى الفلسطينيات في العريش، وقرار قبائل سيناء التصدي للهجرة غير الشريعة إلى إسرائيل، وتوافق مصري سوداني حول استئناف قناة "جونقلي". وحدتنا الوطنية قالت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، إن المصريين جسدوا ملحمة رائعة عقب الانفجار الذي استهدف كنيسة "القديسين ماري جرجس والأنبا بطرس" بالإسكندرية، وعكست أصالة الوحدة الوطنية، فبينما تعاون المسلمون والمسيحيون لنقل المصابين والجثث إلى المستشفيات فور وقوع الجريمة، توافد المئات منهم على المستشفيات بالإسكندرية للتبرع بالدماء من أجل إسعاف المصابين. وضربت الصحيفة مثلا بصبحي عبد المنعم، حارس أحد العقارات في شارع الكنيسة، والذي هرع عند سماعه الانفجار على الفور ومعه زوجته لإسعاف المصابين، دون أن يفكر ما إذا كان من يسعفه مسلما مثله أو مسيحيا، ونقلت الصحيفة عنه القول: "لم أكن بمفردي، بل كان معي عدد كبير من سكان الشارع، بعضهم نزل بملابس النوم ليساعد في إنقاذ الضحايا والمصابين.. حملنا المصابين على أكتافنا وجرينا بهم إلى المستشفيات المحيطة. وتابع عبد المنعم قائلا: "عندما وجدت أن بين المصابين عددا من السيدات مزق الانفجار ملابسهن، مزقت جلبابي إلى قطع من القماش لأغطيهن بها.. لم أفكر في أني أنقذ مسيحيا أو مسلما بل أنقذ إنسانا مثلي". وأضافت الصحيفة، أن المستشفيات شهدت توافد 120 مسلما للتبرع بالدماء حسبما أعلن حاتم الجبلي وزير الصحة، ونقلت عن الطبيب أيمن داوود القول، إن الجميع يعرف أنها محاولة للنيل من أمن مصر واستقرارها، مؤكدا ثقته في قدرة الأمن المصري في القبض على الجناة. خفافيش القتل وأعربت صحيفة "البيان" الإماراتية عن حزنها العميق على الضحايا الأبرياء، الذين سقطوا جراء الجريمة السوداء التي اقترفها من وصفتهم بخفافيش القتل الأعمى، مضيفة أنها مع إدانتها المؤكدة لهذه الجريدة الشاذة والمستنكرة، تؤكد أن مصر بشعبها وقياداتها قادرة، بإذن الله، على تجاوزِ ذيول الجريمة الشنيعة، وذلك لما تتحلّى بهِ من حكمةٍ، تجعلها دوما عصيةً على كلِّ تآمر. وأكدت الصحيفة ما رأته بديهيا، وهو أنَّ مصرَ غلابةٌ وذاتُ إرادةٍ لا تهزُّها جريمةٌ دنيئة، ولا نذالةُ قتلةٍ مأجورين، ولا عمى متعصبين جهلة، حيث يتآخى فيها مسلموها وأقباطُها طوالَ أكثر من أربعة عشر قرنا، وأعطت للعالم أبهى الدروس في التسامح والتعايش الديني، وقدَّمت، بعظمتِها وتماسكِ شعبِها ومتانةِ إرادتِها، للإنسانيةِ ثقافةً رفيعةً في العطاءِ الفريد، الذي يتشاركُ في إنجازِه شعبٌ موحَّدٌ مؤمنٌ بالله. موقف ثابت بينما رأت صحيفة "الشرق" القطرية، أن تلك الجريمة النكراء تستهدف ضرب الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين الأقباط والمسلمين، وقالت إنه من الطبيعي أن تتضامن دول العالم أجمع مع مصر، لأن الإرهاب لا وطن، ولا دين له، ويستهدف الإنسانية جمعاء. ونوهت الصحيفة إلى أن أوجب واجبات الشعب المصري أن يقف"صفا واحدا" في مواجهة "قوى الإرهاب"، التي مست واستخفت بأرواح الأبرياء، وهذه الجريمة لا تستهدف "الأقباط"، وإنما مصر كلها، وعلى أبناء الوطن، أقباطا ومسلمين، أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة المتربصين بأمن الوطن واستقراره ووحدة أبنائه. تدابير أكثر شدة ونقلت صحيفة "الوطن" القطرية عن الأنبا بسنتي أسقف المعصرة وحلوان القول، إن المسيحيين باتوا على وعي كبير بالمخطط الخارجي لضرب الوحدة المصرية، مشيرا إلى أن تكرار الاعتداء على المسيحيين، خلال عيدهم مثلما حدث العام الماضي في حادثة نجع حمادي، يعكس حجم المؤامرة، وعليه طالب الأجهزة الأمنية باتخاذ تدابير أكثر شدة خلال فترة الأعياد، لمنع وقوع تلك الجرائم. حماية المواطنين أما صحيفة "القبس" الكويتية، فاهتمت بتحميل المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة محمد البرادعي النظام المصري المسؤولية في حادث تفجير الكنيسة بالإسكندرية، حيث كتب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن النظام عاجز عن حماية مواطنيه، وأنه آن الأوان لرحيله. مناخ مناسب وقالت صحيفة "الخليج" الإماراتية من جانبها، إن الأحزاب والقوى السياسية المعارضة أشارت إلى أن حالة الاحتقان السياسي والطائفي والاجتماعي التي خلفتها الحكومة خلقت مناخا مناسبا لأي أصابع خارجية تعبث بسلامة الوطن، ونقلت عن سعد الكتاتني، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، إدانته لما أسماه بالتراخي الأمني، وانسحاب دور الدولة من حماية المنشآت العامة ودور العبادة، وتفرغ سلطات الأمن لما يطلق عليه الأمن السياسي. جهة مصرية واستبعد خبراء سياسيون في تصريحات لصحيفة "العرب" القطرية عودة الإرهاب مرة أخرى إلى مصر، حيث حمل حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تنظيم القاعدة مسؤولية تنفيذ العملية الإرهابية، قائلاً إنه بكل تأكيد الفاعل الوحيد هو القاعدة، ولا يوجد أية جهة مصرية تستطيع تنفيذ ذلك، مشيرا إلى عدم وجود من يستطيع تنفيذ العملية إلا القاعدة، وذلك بعد التحذيرات بتنفيذ عمليات انتقامية. وأضاف نافعة، أنه مقتنع بأن هذا العمل من تدبير هذا التنظيم وحده، سواء قام به بمفرده أو مدعوما بقوة دولية، مشيرا إلى أنه يستبعد مطلقا وجود علاقة لجماعة الإخوان المسلمين أو أي قوة داخلية على اعتبار أنها ليست صاحبة مصلحة من القيام بمثل هذه العمليات، لافتا إلى أن الأعمال الإرهابية قديما كانت تتركز على سرقة محل صاغة أو توجيه أعمالها نحو أشخاص تعتبرها علمانية، ومعظمهم عناصر مسلمة. وقالت الصحيفة، إن وحيد عبد المجيد -نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية- استبعد عودة ظاهرة الإرهاب على ما كان عليه في الماضي، قائلاً إن الإرهاب بهذه الصورة انتهى من مصر ومن العالم، والإرهاب الديني اختلف جوهريا في السنوات الأخيرة عما كان عليه منذ عقدين من الزمن بشكل عام في العالم وفي مصر. وأشار عبد المجيد إلى أنه لم تعد هناك جماعات ومنظمات كبيرة نسبيا تتخذ العنف منهجا لها في مصر، وبالتالي انتقل من نشاط تنظيمات محلية إلى حالة مختلفة، وهي حالة الخلايا السائلة التي تظل نائمة وتستيقظ من وقت إلى آخر، مضيفا أن الإرهاب له طابع عولمي، وهو يحدث من خلال علاقة غير مباشرة أو استلهام بين منظمات القاعدة، التي أصبحت الركيزة الأساسية في العنف والإرهاب، وبين أفراد يستلهمون من خطاب هذه المنظمات أهدافا معينة. حاملة الأقلام وبعيدا عن أحداث الإرهاب الآثم، قالت "الخليج" الإماراتية، إن نيابة العريش قررت إخلاء سبيل سيدة فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، كان قد تم القبض عليها بتهمة حمل أقلام تجسس، بعدما أمرت بمصادرة الأقلام المضبوطة، وإعادة باقي متعلقات السيدة الفلسطينية إليها. وأشارت الصحيفة إلى أن النيابة قالت إنها تيقنت من حسن نية المتهمة، وأنها لم تكن تعرف أن الأقلام التي تحملها محرمة ومجرمة في مصر؟!، حيث إن هذه الأقلام متداولة في الأسواق الأمريكية، ويتم استخدامها بصورة طبيعية هناك. قبائل وأفارقة بينما ألقت "البيان" الإماراتية الضوء على قرار قبائل شبة جزيرة سيناء التصدي لظاهرة تهريب الأفارقة، ووقف محاولات تسلل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين كافة إلى إسرائيل عبر سيناء، حيث نقلت عن موسى الدلح من وجهاء قبيلة الترابيين أكبر قبائل شبة جزيرة سيناء، إن قبيلته عقدت لقاء في وسط سيناء، تعهدت خلاله جميع القبائل والعشائر بالتصدي لهذه الظاهرة، والتأكيد على جميع القبائل بمنع استخدام أراضيها في سيناء لتهريب الأفارقة إلى إسرائيل. مصر تنتظر وفي سياق آخر، نقلت "الشرق" القطرية عن وزارة الري القول، إن هناك توافقا في الرأي بينها وبين السودان وحكومة الجنوب على استكمال قناة "جونقلي"، في إطار من التحاور والتعاون، وتدعيم سبل المنفعة المشتركة بين الدول، مؤكدة استكمال حفر القناة. وأبرزت الصحيفة تأكيدات محمد نصر الدين علام، وزير الري، أن مصر تنتظر حتى تتضح الرؤية في السودان لاستئناف المناقشات حول إعادة العمل بالمشروع، لكن لم يتم تحديد موعد لاستئناف العمل حتى الآن، منذ توقفه، بسبب نشوب الحرب الأهلية في السودان "منذ 20 عاما".