طوال الفترة الماضية كنت أتهم "الجمل" بأنه هو السبب فى مقتل من قتل وإصابة من أصيب فى الموقعة الشهيرة التى نسبت إليه " موقعة الجمل"! وسبب اتهامى لسيادة الجمل نفسه لاغيره؛ أنه هو الذى جاء من "زريبته" وحده وأطلق صافرة الإنذار من تلك الزريبة للخيل والبغال التى انطلقت هى الأخرى ملبية النداء مهرولة إلى ميدان التحرير لا تلوى على شىء تتبعه وتسير على خطاه حوافرها تطابق خفه، ثم قام وحده عار الظهر لا أحد يمتطى ظهره، أو" يتشعلق " على سنامه أو يقود زمامه أحد من بنى البشر، وكذلك الخيول والبغال عارية الظهر من البشر، واقتحموا الميدان انطلاقا على البشر التى تملأ المكان - وتملأ الزمان فى هذا الوقت أيضا- ونزلوا فيهم دهسًا ودعسًا ورفسا وركلا وسحلا وضربًا، فى كل مكان من الجسد تحترم فيه كرامة بنى آدم أو لا تحترم أيضا يعنى من الوجه – المكرم والمنهى عن الضرب عليه شرعًا- حتى أخمص الأقدام ولا كرامة لأحد نالته خف الجمل أو حوافر الخيل والبغال، دون الحمير التى لم تستطع أن تلبى نداء الجمل لسببين: الأول أنها اتهمت نفسها ببطء الحركة فى الذهاب للمعركة والإياب منها، والثانى بعدم فهم النداء لأنه أول مرة فى تاريخ الحيوان أن يطلق الجمل نداءً للحرب على الإنسان، فى القاهرة وميدان من أشهر ميادينها وقالت الحمير فى سرها: لو انهزمنا – نحن معشر الحيوانات - فى هذه المعركة على أيدى معشر بنى البشر، وفر الجمل بجلده سريعًا وتبعته الخيول والبغال سريعًا أيضا، فما مصيرنا نحن - وقد أبطاتنا الحركة وأعاقتنا الزحمة- إلا الضرب بالعصى الغليظة على أمهات رءوسنا وظهورنا، فلا ينالنا إلا الضرب والأذى والرجوع مكسورى الخاطر مهزومى النفوس خاسرى المعركة الكبرى؟!! وصدق حدس الحمير؛ إذ نفذ الجمل وأعوانه المعركة الخاطفة السريعة المهرولة لإفزاع الناس وتقتيلهم فى سويعة - تصغير ساعة من الزمان - أو أقل من السويعة حتى انتهت المهمة سريعًا، ونفد الجمل بجلده وكذلك الخيل والبغال معه سريعًا وكأن الأرض انشقت وبلعتهم فى ميدان التحرير . الصورة الخيالية هذه ارتسمت فى ذهنى وأنا أسمع النطق بالحكم ببراءة المتهمين فى موقعة الجمل مما نسب إليهم مما أفرح أهاليهم وذويهم وأحزن أهالى وذوى القتلى والمصابين، الذين كانوا ينتظرون الحكم بفارغ الصبر بعد أن يصبرهم أهل الحل والعقد والقانون بأن القضاء سوف يرد لهم حقوقهم ويأخذ لهم بثأرهم من المعتدين. قلت فى نفسى بعد "لت وعجن" وجدال ونقاش و"أخذ وعطا" والظاهر أننى كنت مسدوحًا على ظهرى بغير غطاء - أى مستلق على ظهرى- أفكر وأتذكر وما ذنب هؤلاء المتهمين فى موقعة الجمل وقد رأينا راكبى الجمال بأعيننا ليس فيهم لا فتحى سرور ولا صفوت الشريف ولا وماجد الشربينى أو محمد الغمراوى أو محمد أبو العينين أو يوسف خطاب أو شريف والى، أو وليد ضياء الدين أو مرتضى منصور أو عائشة عبد الهادى أو حسين مجاور أو إبراهيم كامل وأحمد شيحة أو حسن التونسى أو رجب هلال حميدة أو طلعت القواس أو إيهاب العمدة أو على رضوان أو سعيد عبد الخالق أو محمد عودة أو أحمد مرتضى منصور أو وحيد صلاح جمعة أو حسام الدين مصطفى حنفى أوهانى عبد الرءوف؟ فكأن من أصدر الحكم محقًا لأن الصور التى تناقلتها الكاميرات وفضائيات مصرية وعربية وأجنبية وأمريكية كلها أجمعت على أن هؤلاء لم يكونوا من ركاب الجمل والخيل والبغال ولم ير أحد منهم فى الميدان يمسك بزمام الجمل أو بلجام الأحصنة والأبغلة- إن صح التعبير- أذن فالحكم صحيح والمتهم الوحيد هو الجمل ومن معه من بقية الحيوانات فلم لم تمسك الجهات الأمنية بالمتهمين الحقيقيين ( الجمل ومن معه) وتحبسهما فى أقفاص ضيقة مثل أقفاص النسانيس وتصدر عليهم الأحكام اللازمة والعادلة فى مثل هذه الحالة التى نزف منها دم أبناء الشعب وتكسرت فيها ضلوع أبناء الشعب وقد لقى الكرام أبناء الكرام من الشعب من الضرب والركل والرفس ما لم يلقه حمار فى مطلع"؟ حتى وإن اعترض النائب العام على الحكم باعتباره حكمًا أوليًا ويجوز الطعن عليه حتى وإن صرخ صارخ الرئاسة المصرية قائلاً بعلو صوته سنعيد المحاكمة مرة أخرى حتى وإن بكى ذوو القتلى والجرحى بدلاً من الدموع دما ونكأ حكم المحكمة جراحاتهم القديمة التى لم تندمل بعد؟ فماذا يفيد ذلك ياسادة ياكرام وقد سرت شائعة- الله أعلم بصحتها من كذبها – بأن الجمل ذبحه من قاده لغمرات المعركة الشهيرة وطبخوه فى القدور وعملوا من لحمه الطرى كباب وكفتة ومشويات يسيل لها اللعاب وأكلوه بعد أن أدوا دورهم البطولى فى المعركة الشهيرة معركة العصر والمصرومات سر الجمل فى بطونهم التى ركضت فرحًا بلحمه وصرخت أمعائهم الغليظة من مرارة لحمه وشحمه لأنها تعلم أنها لحوم مسمومة مغموسة بالظلم والقهر فى الوقت الذى لم يهنأ للمكلومين والمجروحين من أهالى من دارت عليه الدائرة بال ولم يسغ لهم طعام ولا شراب بعد أن أخذ منهم الحزن مأخذه، وهم يرددون :"حسبنا الله ونعم الوكيل" ومثلى ومثلك يرددون قول الله الحكم العدل اللطيف الرحيم الرحمن :"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". ***************** ◄◄ آخر كبسولة: ◄◄ أربعة يجب أن تحذرهم.. زميل على نجاحك حاقد.. وصديق على حياتك حاسد.. وعدو لكل خطواتك راصد.. ومن مددت يدك إليه محسنًا جاحد. دمتم بحب [email protected]