تشهد مصر خلال الأيام القليلة المقبلة بدء التحقيقات في وقائع فساد جديدة يشتبه في تورّط رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك فيها. وتتنوع هذه الوقائع ما بين إهدار للمال العام والاستيلاء على أراضي الدولة والكسب غير المشروع والتربح واستغلال النفوذ وتكوين ثروات ضخمة بطريقة لا تتناسب مع دخلهم الذي حدده لهم القانون، حسبما كشفت مصادر قضائية واسعة الاطلاع لمراسل وكالة الأناضول للأنباء. وتأتي هذه الموجة من التحقيقات بعد تصريحات صحفية صدرت في الأيام القليلة الماضية للمتحدث باسم الرئاسة ياسر علي ولمساعد الرئيس للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي، أكدا فيها قيام السلطات في مصر قريبًا بفتح ملفات قضايا فساد كبرى، وأشارت الشرقاوي إلى أن هذه القضايا "سوف تهز عرش المفسدين فى مصر"، مؤكدة أن مكافحة الفساد تحظى بأولوية أولى على أجندة مؤسسة الرئاسة. وبعد مرور ساعات قليلة على تصريحات الشرقاوى، أصدر يحيى جلال، مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع، قرارًا أمس الثلاثاء بضبط وإحضار الكاتب الصحفي إبراهيم نافع، رئيس اتحاد الصحفيين العرب، ورئيس تحرير جريدة الأهرام لمدة نحو عشرين عامًا في عهد مبارك، وذلك للتحقيق معه في تهم تتعلق بتضخم ثروته عن طريق استغلال النفوذ في أعمال غير مشروعة. وكشفت تقارير الجهات الرقابية عن امتلاك نافع ونجله لملايين الجنيهات، تم إيداعها في حسابات سرية وفيلات وعقارات وأراضٍ بمدن شرم الشيخ والقاهرة و6 أكتوبر والساحل الشمالي، ومن المقرر أن يتم فتح تحقيق معه خلال أيام فور ضبطه، بحسب المصادر القضائية. كما فتح الجهاز نفسه قبل يومين تحقيقات مفاجئة مع حسن حمدي، رئيس النادي الأهلى ومدير الإعلانات بمؤسسة الأهرام، وأصدر قرارًا بمنعه من السفر وعدم مغادرة البلاد وإدراج اسمه ضمن قوائم الممنوعين، ومنعه من التصرف في كل أمواله وممتلكاته، وذلك بعد أن أخلى الجهاز سبيله بعد تحقيقات موسعة بكفالة مالية قدرت بنحو مليوني جنيه (340 ألف دولار)، قام بسدادها، وكان الجهاز قد وجّه لحمدي تهم الكسب غير المشروع وتضخم ثروته جراء عمله. وكشفت أيضا مصادر قضائية مطلعة أن على رأس الملفات الشائكة التي سيتم فتح التحقيق فيها أيضا في الأيام القليلة المقبلة "الفساد الرياضي" حيث قدّرت الجهات الرقابية حجم الفساد في ذلك المجال بما يعادل 34 مليون دولار من بينها مخالفات ارتكبها مسؤولون سابقون بالاتحاد المصري لكرة القدم على مدار السنوات السبع الأخيرة. ويعد من أبرز القيادات التي تولت مناصب في الاتحاد المصري لكرة القدم في السنوات الأخيرة كل من سمير زاهر وأحمد شوبير وهاني أبوريدة ومجدي عبد الغني وآخرين، وكان يعرف عنهم قربهم من جمال مبارك، نجل الرئيس المصري السابق. واليوم الأربعاء، قررت النيابة العامة المصرية فتح تحقيقات موسّعة مع مسؤولين سابقين في اتحاد كرة القدم بشأن عمليات بيع في السوق السوداء لتذاكر مبارايات المنتخب المصري في بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2006 والتي استضافتها مدن القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية خلال الفترة من 20 يناير حتي 10 فبراير قبل ست سنوات. ووفقا لمصدر قضائي فإن أول المسؤولين الذين سيتم التحقيق معهم في تلك القضية هو أحمد شوبير، حارس مرمي النادى الأهلى السابق، والذى تولي منصب نائب رئيس اتحاد الكرة إبان إقامة البطولة، كما سيتم استدعاء كل من سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري في ذلك الوقت أيضًا. ومن المنتظر أيضا أن تجري نيابة الأموال العامة العليا في الأيام المقبلة تحقيقات مع أحمد المغربي وزير الإسكان الأسبق في عهد مبارك تتعلق بوجود مخالفات في تنفيذ العقد الخاص بمشروع "مدينتي" الإسكاني تتمثل في تخصيص مساحات أقل من المساحات المستحقة للمشروع، مما يعد إهدارًا لملايين الجنيهات من المال العام. ويقضي المغربي حاليًا عقوبة السجن إثر إدانته في قضية فساد سابقة. كما ستبدأ نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات موسعة في قضية غسيل أموال تمس صهرًا للرئيس السابق حسني مبارك بقيمة 4 مليارات و528 مليون دولار. وأمر، الثلاثاء، أسامة الصعيدي، قاضي التحقيق المنتدب من وزير العدل لقضايا الفساد، بفتح تحقيقات جديدة في وقائع فساد لأحمد شفيق أثناء رئاسته مجلس إدارة جمعية الضباط الطيارين، وآخرين بشأن حصولهم على فيلات بالساحل الشمالي بقرية كازابلانكا بدون وجه حق. وبحسب المصادر القضائية المطلعة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث للإعلام، فإن أجهزة رقابية للدول مثل هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات تبذل حاليًا مجهودًا كبيرًا لاستكمال ملفات هذه القضايا تمهيدًا لإرسالها إلى النائب العام لإجراء التحقيقات فيها وإحالتها للقضاء المختص. وإجمالاً، كشفت هيئة الرقابة الإدارية في الشهرين الماضيين عن 20 قضية فساد جديدة من بينها عجز الموازنة فى نقابة التجاريين بمبلغ قيمته 53 مليون جنيه، بالإضافة إلى التوقف عن سداد مستحقات أموال التأمينات الاجتماعية لعدة سنوات عن أعضاء النقابة حيث سيتم فتح التحقيق مع المسؤولين عن تلك الواقعة، وفق المصادر نفسها.