"فيها أو أخفيها؟!" يعرف القرويون ذلك الشعار اللا أخلاقي جيداً والذى يلجأ إليه الصبية العابثون لضمان مكان لهم داخل دائرة اللعب والاهتمام بطريقة تعسفية وغير شرعية من خلال التهديد الصريح إما فيها أي داخل اللعبة أو أخفيها أي أخفى اللعبة وأمنعها بافتعال الشجار ورمى قطع الزجاج المهشم داخل حلبة اللعب، تذكرت ذلك المبدأ الميكافلى المرفوض "الغاية تبرر الوسيلة" عندما قرأت مقال الاستاذ جمال سلطان في صحيفة "المصريون" بتاريخ 3/10بعنوان "الغارة على تأسيسية الدستور" الذى أبدى فيه دهشته من غارة محمد البرادعي وحمدين صباحى على التأسيسية لأسباب غير موضوعية واستنكر ما أسماه المحاولات غير النزيهة وغير الشفافة للإطاحة بالدكتور محمد مرسى كرئيس منتخب بإرادة شعبية حرة، وذكر هؤلاء أن الشعب المصري عندما ذهب إلى صناديق الانتخابات فإنما كان لانتخابه مدة الأربع سنوات المقبلة وليس كفترة انتقالية لحين إنجاز الدستور الجديد مثلاً. وأنا أشارك الأستاذ جمال سلطان دهشته من غارة البرادعي وصباحى ومن صار خلفهما على التأسيسية بهدف هدمها غير عابئين بما تكبده الشعب من أموال في سبيل أن تنجز هذه اللجنة أعمالها وغير عابئين بعنصر الوقت وهو عنصر حاسم في إصلاح ما أفسده النظام البائد، وأبدى دهشتي واستغرابي واستنكاري من هرولة وسرمحة البرادعي وصباحى والتي أخرجتهما عن وقارهما بيد أننى أختلف في وصف تلك الأفاعيل بأنها غارة على التأسيسية إذ أننى أرى أن ذلك بمثابة غارة على إرادة شعب بكامله، فمن فوض هؤلاء كى يطالبوا بهدم كل شيء ويعيدوا عقارب الساعة للوراء لا لشيء إلا لأن الإخوان المسلمين مش نازلين ليهم من زور!! وإذا كان من حق هؤلاء رفضهم الكامل وعدم قبولهم للإخوان المسلمين. ما ذنب غالبية الشعب المصري المستقل الذى لا انتماء حزبيًا له؟ واقع الحال أن الشعب المصري منذ ثورة يناير المجيدة أنتج ثلاث مؤسسات منتخبة بإرادة حرة ونزيهة هي مجلس الشعب، واللجنة التأسيسية التي انتخبها ممثلو الشعب، ورئيس الجمهورية، المؤسسة الأولى وهى مجلس الشعب استغرق إنتاجه وقتًا وجهدًا كبيرين فضلاً عن مليارات الجنيهات التي أنفقت في سبيل ذلك ورغم ذلك تم ذبحها على أعتاب المحكمة الدستورية العليا في ليلة مظلمة على غالبية المصريين الذين لا يملكون إلا أن يسألوا الله أن ينتقم ممن كان سببًا في هدر كل تلك الأموال والجهد والوقت الذى أنفق في سبيل إنتاج مجلس شعب منتخب في انتخابات حرة ونزيهة، وها هي المؤسسة الثانية "اللجنة التأسيسية" تتلقى الضربات المتتالية تحت مسميات براقة وزائفة مثل أنها غير ممثلة لكافة أطياف الشعب المصري وأنها يهيمن عليها جماعة بعينها، ووصل الاستخفاف بالوقت والجهد والأموال التي أنفقت حداً جعل البعض يطالب الآن …الآن بإعادة انتخابها مباشرة من الشعب، كنا سنحترم المناضلين إياهم لو أنهم ركزوا جهدهم على تقييم المنتج ذاته؛ أي تقييم المواد الدستورية التي تنتجها اللجنة بل وكنا سنتضامن معهم في رفض أي مواد دستورية تمس الحقوق والحريات أو تهز تماسك المجتمع واستقراره، أما المؤسسة الثالثة وهى رئاسة الجمهورية فها هم ذات النخبة المترفة يلوحون ويطالبون بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية من جديد في استخفاف واستهتار مشين بإرادة الشعب المصري المبتلى بنخبة أبعد ما تكون عن أوجاعه وهمومه ومشاعره. وإذا كنا نقر بأن آليات الصراع السياسي من كر وفر وانسحابات وعودة منها كلها مشروعة وفقًا لقواعد الديمقراطية، فمن حقنا أن نتساءل ألا تدعوا ظروفنا الاقتصادية والأمنية القوى الوطنية بكل أطيافها إلى العمل سوياً من أجل الوصول لحالة من التوافق الوطني من خلال الدخول في حوار صريح وشفاف حول القضايا الخلافية؟؟ وفى هذا السياق هناك بدائل عديدة يطرحها الوطنيون المخلصون لضمان إنتاج دستور توافقي منها استفتاء الشعب عليه بشكل تفصيلي. وأخيراً أريد أن أقول إذا كنا نستنكر على الصبية العابثين اللجوء إلى رفع الشعار اللاأخلاقي "فيها وأما أخفيها" في ميدان اللعب واللهو ونوجههم إلى ضرورة التحلي بالأخلاق النبيلة فإننا نربأ بنخبتنا الوطنية أن ترفع شعارًا كهذا في مجال العمل الوطني النزيه. [email protected]