أدهشنى حماسة الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، فى هرولته لعمل عدة مداخلات تليفونية مع عدد من برامج التوك شو على عدد من القنوات الفضائية لإعلان رفضه استمرار اللجنة التأسيسية للدستور فى عملها فى ظل الدعاوى المرفوعة ضد تشكيلها، أفهم أن هناك أحزاباً أخرى تشاركه ذات الموقف هى حزب المصريين الأحرار والناصرى، وهى أحزاب ذات علاقة واهية بالشارع المصرى ذلك ما يشير إليه عدد مقاعدها فى مجلس الشعب الأخير، الذى تم انتخابه عبر انتخابات شهد الجميع بنزاهتها. ومبعث دهشتى ليس لتبنى الدكتور رفعت ذلك الموقف القانونى (!!)، فهذا حقه بكل تأكيد، وإنما مبعث دهشتى أن الدكتور رفعت هو هو من قبل التعيين فى كل مجالس الشعب المزورة قبل ثورة يناير، ولم يفكر ساعتها فى مدى دستورية القوانين، التى شارك بحماسة فى سنها، ولا أذكر أنه خرج علينا مرة خلال تلك السنوات السود، وقام بعمل مداخلة تليفونية واحدة مع قناة تليفزيونية ليبرئ ذمته من هذه الأفعال غير القانونية وغير الدستورية، التى كانت ترتكب أمام عينيه ناهيك عن أنه كيف رضى ضميره وقبل التعيين فى مجالس كان يعلم علم اليقين بأنها مزورة. ترى ما الذى يوجع الدكتور رفعت السعيد ويدفعه لبذل تلك المحاولات المستميتة لإيقاف عمل اللجنة التأسيسية علمًا بأنه يعلم أن آلية إقرار مواد الدستور هى التوافق، حيث تحتاج المادة لموافقة (81) عضو عليها لإجازتها، وإذا لم تحظ المادة بالتوافق يتم طرحها للتصويت فى جلسة ثانية وإقرارها فى هذه الحالة يحتاج لأغلبية (67) عضوًا من أعضاء اللجنة التأسيسية، وإذا لم تحظ بهذا العدد يصوت عليها مرة ثالثة وحين إذن تحتاج لإجازتها إلى موافقة (57) عضوًا، وآلية بهذا الشكل لا أتصور أنها سينفذ منها مواد "مشعة" دستورية تضر بمصالح الوطن العليا. ألا يكفى الشعب المصرى حالة الحسرة والإحباط التى يعيشها من جراء الحكم بحل مجلس الشعب، حتى أن أحد أهلنا فى الريف أقسم لى أنه لن يذهب مرة أخرى للتصويت بعدما تكبده من مشاوير ثم فوجئ بحل المجلس، ومبعث الحسرة على حل مجلس الشعب تتمثل فى مليارات الجنيهات، التى أهدرت والتى كانت كافية لتنفيذ برامج تنموية لكافة القرى المصرية التى لم أر الدكتور رفعت يومًا مهمومًا بقضاياها، ترى لو قارنا بين الإضرار التى كانت ستنجم عن استمرار مجلس الشعب فى عمله لنهاية الدورة البرلمانية والأضرار التى ترتبت على حل المجلس، ترى أيهما أخف وطأة على الوطن والمواطنين؟؟ ألا يكفى ما ترتب على حل مجلس الشعب من ضياع للمال والوقت والجهد، الذى بذلته كافة أجهزة الدولة والمواطنين لكى يسعى أحد من ينتسبون للنخبة بكل ما أوتى من قوة وما له من علاقات لكى يهدم اللجنة التأسيسية ويهدر بالتالى كل ما أنجز من عمل تشير كل الأخبار الراشحة عن اللجنة أنه عمل وطنى مشرف سيحظى برضا وقبول غالبية الشعب المصرى. ألا تفرض النخوة والمروءة أن نتغاضى عن المماحكات القانونية وننسى ولو مؤقتا المصالح الحزبية الضيقة ونصطف خلف اللجنة التأسيسية وندعمها لتنجز عملها كى نخطو للأمام باتجاه تأسيس قواعد الجمهورية الثانية، التى سيكون من أهم ملامحها بالتأكيد غياب المعارضة الرخوة اللينة، والتى كان الدكتور رفعت السعيد فيما مضى أهم رموزها. [email protected]