في البلدان النامية مثل مصر ومعظم الدول العربية التي بها الأوضاع الديمقراطية متخلفة ، هناك أسباب عديدة لهذه الظاهرة غير ديمقراطية ، بالطبع في مقدمة الأسباب الأنظمة المتسلطة التي عاشت دهرا كبيرا تسيطر على كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولم تكتف الأنظمة الحاكمة بكل هذه السيطرة ، فلجأت إلي السماح إلى أحزاب معارضة وحاولت استئناسها حتى انتشر تعبير المعارضة المستأنسة ، وعدد من هذه الأحزاب حاول أن لا يكون مستأنسا فتعرض لضربات موجعة جعلت هذا النموذج يتراجع مع الوقت بل وأحيانا يتكيف من هذه الأوضاع بدرجة قد تكون أكثر من الأحزاب التي قبلت الاستئناس منذ البداية ، لكن هذه الأوضاع لم تدم طويلا فوجدت هذه الأحزاب والقوى السياسة أن استمرار هذا الوضع غير مقبول فتبدأ دورة من محاولة الخروج من هذا المأزق بمحاولة عمل ائتلافات و تحالفات وتجمعات في تجارب لم تنجح فيها ولا محاولة واحدة ، فمنذ بداية التحول إلى التعددية المقيدة ( بالتعبير المهذب لمركز الأهرام للدراسات ) ومنذ عام 1976 وحتى الآن جرت محاولة من هذا النوع كان أهمها مؤتمر أحزاب المعارضة في عابدين عام 1987وانتهى بعدم الاتفاق على موقف موحد من الانتخابات البرلمانية في ذلك الوقت بسبب اتفاقات تحتية تمت بين بعض الأحزاب والسلطة ، ثم تكررت المحاولة عام 1994 ، 1995 حتى خرج مشروع عمل وثيقة وفاق وطني شرفت بأن لجنة التنسيق من النقابات المهنية التي كنت مقررها دعت لمؤتمر عام 1994 انتهت إلى تشكيل لجنة من كل القوى والتيارات والأحزاب لصياغة مشروع وثيقة وفاق وطني كان يقودها شيخ القضاة المستشار يحي الرفاعي وعملت هذه اللجنة لمدة عام و اقتربت من الاتفاق حتى فشل الاتفاق في أخر لحظة لصراع كان يمكن تفاديه بين المرحوم المستشار مأمون الهضيبي والمرحوم الدكتور سعيد النجار، ثم جرت محاولة عام 1997 للتنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية ولم تكتمل ثم محاولة أخرى عام 2000 لعمل تجمع للإصلاح الدستوري ولم يكتمل أيضا ، وأخيرا سعت حركة " كفاية " لعمل توافق أوسع على المستوى الوطني في المرحلة المقبلة وجرى حوار مع التجمع الوطني للتحول الديمقراطي الذي يرأسه د.عزيز صدقي ومع الأحزاب التي تحت التأسيس مثل الكرامة والوسط ومع الأحزاب الثلاثة الكبيرة – الوفد والناصري والتجمع وكذلك مع جماعة الأخوان المسلمين والتحالف الوطني وأسفرت هذه الجهود عن عقد اجتماعات في مقر حزب الوفد حضرته القوى المشاركة وجرى حوار عميق حول فكرة إنشاء جبهة موحدة ، وحدث اختلاف كبير بين وجهات النظر وكان يجرى اتصالات ما بين الاجتماعات بين الأطراف المشاركة في هذه الاجتماعات وبعض الأطراف المدعوة منها ولم تشارك حتى أسفرت عن إعلان الجبهة الوطنية للتغيير تبدأ بالانتخابات البرلمانية وتستمر بعدها حتى تحقق أهدافها في التغيير وتم الاتفاق على عمل قائمة موحدة بين كل المشاركين عدا الأخوان المسلمين اللذين أصروا على عدم المشاركة في القائمة وقبلوا فكرة التنسيق فقط ما أمكن مع هذه القائمة ، وتم اختيار منسق عام للجبهة هو الدكتور عزيز صدقي رئيس الوزراء الأسبق ومتحدث رسميا عنها هو الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد وتم تشكيل لجنتين واحدة لعمل برنامج للجبهة وآليات لها ولجنة أخرى لترتيب قوائم القائمة الموحدة . على كل الأحوال فإن الأيام القادمة ستدل على مدى جدية أطراف هذه الجبهة في العمل الجاد لأحداث تغيير سياسي وديمقراطي يبدأ بالانتخابات القادمة ويستمر التنسيق بين الناجحين من هذه القائمة . وكذلك بين جميع القوى للدفع الجاد نحو التغيير الحقيقي الديمقراطي والسلمي متجاوزين التجارب السابقة التي انتهت بالفشل