حاسبات عين شمس تحصد المركز الأول عربيًا وأفريقيًا في المسابقة العالمية للبرمجيات    تعيين مصباح العريفي رئيسا للإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء الأزهرية    شهدها البابا تواضروس، تفاصيل وثيقة الكنيسة للتوعية بمخاطر زواج الأقارب    بتكلفة 9.5 مليون جنيه.. افتتاح الجامع الشرقي بقرية العامرة بمنوف    ننشر تفاصيل نجاح "مشروع رأس المال الدائم" في مدارس التعليم الفني بمصر    بزيادة تصل ل 6 جنيهات، ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق    وزير الري: إعداد جيل جديد من المهندسين قادر على إدارة وصيانة محطات معالجة المياه    ضبط أسمدة ومبيدات مغشوشة في 3 منشآت زراعية بالإسماعيلية    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    الكهرباء: تأمين متطلبات المواطنين خلال فصل الصيف    5.7 تريليون جنيه حجم توظيفات الحكومة فى الأوراق المالية    الإسكان: تنفيذ 889 حملة على وحدات الإسكان الاجتماعى منذ بداية 2023 وحتى الآن    بروتوكول تعاون لبناء قدرات الشباب في العمل البيئي.. صور    الأزهر يحذر من التطهير العرقي في الضفة الغربية والتخطيط لبناء بؤر استيطانية جديدة    عائلات الأسرى المحتجزين في غزة يطالبون بإقالة بن غفير لهذا السبب    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    ريال مدريد يتلقى صدمة قبل مواجهة الكلاسيكو ضد برشلونة    مواعيد مباريات الجمعة 19 أبريل.. مواجهة ل الأهلي في إفريقيا لكرة السلة ومباراة في الدوري ومرموش    رسميًا.. تجديد عقد ناجلسمان مع منتخب ألمانيا حتى مونديال 2026    موعد مباراة بلدية المحلة والمقاولون في الدوري    موعد المؤتمر الصحفي لجوزيه جوميز استعدادًا لمباراة دريمز الغاني    كاسيميرو: سعيد بفوز ريال مدريد على مانشستر سيتي    مارتينيز: حصلت على بطاقة صفراء ثانية بسبب سمعتي السيئة.. ولا أفهم القواعد    ضبط 3 عناصر إجرامية بحوزتهم حشيش وأسلحة نارية ب 2.2 مليون جنيه    الأرصاد الجوية تنصح بارتداء الملابس الصيفية نهارا    فك لغز العثور على جثة سيدة داخل منزلها بالغربية    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال وقوف ونش بمحور اللوحات الكهربائية بشارع التسعين بالقاهرة    السبت.. انطلاق امتحانات النقل الابتدائية والإعدادية بمعاهد الشرقية الأزهرية    ضبط عاطل وراء سرقة مبلغ مالي من إحدى الصيدليات بالقليوبية    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    محمود البزاوي ينعي صلاح السعدني بكلمات مؤثرة: أثر في من أول يوم دخلت بيت آل السعدني    وداعًا العُمْدَة سليمان غانم وداعًا حسن أرابيسك.. ورَحلَ صلاح السعدني "بروفايل"    موعد ومكان عزاء الفنان صلاح السعدني    رئيس الوزراء يستعرض تقريرا حول خطة الثقافة لتفعيل مخرجات الحوار الوطني    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    إبراهيم السمان: تحمست لدور محسن فى مسلسل حق عرب بسبب السيناريو    خطيب الأوقاف يؤكد: الصدق صفة المتقين وطريق الفائزين.. والأيمانات الكاذبة للباعة لترويج السلعة تمحق البركة.. فيديو    لماذا خلق الله الخلق؟.. خطيب المسجد الحرام: ليس ليتعزز بهم من ذلة    فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. أفصل الصيغ لها    محافظ الدقهلية يكلف بتغيير مراوح سقف غرف مرضى مستشفى دكرنس    بولندا تعلن إقلاع مقاتلات لتأمين مجالها الجوى خلال هجوم روسى على أوكرانيا    أعراض التهاب الجيوب الأنفية على العيون.. تعرف عليها    غداء اليوم.. طريقة تحضير كفتة الدجاج المشوية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    تبدأ غدا السبت.. جدول امتحانات صفوف النقل بالمعاهد الأزهرية في نهاية العام    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة حكومية لرفع أسعار السلع الغذائية الأساسية .. والحكومة تتآمر ضد القمح المصري ووزير التموين يفضل الأمريكي .. دفاع حار عن عمرو خالد وتأكيد أنه داعية موهوب ..
نشر في المصريون يوم 11 - 10 - 2005

واصلت الصحف المصرية الصادرة اليوم (الثلاثاء) متابعتها لأخبار الحراك السياسي المتصاعد في البلاد بعد مرحلة طويلة من الجمود .. فقد حذرت الصحف من بوادر نشوب أزمة بين لجنة الانتخابات ونادي القضاة ، بعد رفض اللجنة مطالب القضاة التي توفر عوامل الحياد وتضمن النزاهة الانتخابية ، وتنسيق بين 30 منظمة حقوقية و10 نقابات مهنية لمراقبة الانتخابات .. وبحث استخدام صناديق زجاجية في الانتخابات البرلمانية . ومن الأخبار والموضوعات التي تصدرت عناوين صحف القاهرة اليوم : الكنيسة تعاقب القبطي "جمال اسعد عبد الملاك" لانتقاده تدخلها في الأمور السياسية وتحرمه من دخول الكنائس والأديرة .. وزعيم حزب التجمع "خالد محيي الدين" يؤكد تصميمه على خوض الانتخابات أمام تحدي وعناد ابن أخيه الوزير وعضو أمانة السياسات في الحزب الوطني "محمود محيي الدين" .. وحركة مهندسون ضد الحراسة تهدد باقتحام نقابة المهندسين وتطالب في اجتماع حاشد بإنهاء تجميد النقابة ، وميلاد حنا يتضامن مع الحركة ويؤدي صلاة المغرب ويتناول الإفطار الرمضاني مع ناشطيها .. ومخاوف من حدوث خلافات وانشقاقات داخل الجبهة المعارضة عند اختيار المرشحين للدوائر الانتخابية .. وانطلاق أول مظاهرات حركة كفاية في رمضان اليوم (الأربعاء) بالفوانيس من أمام مسجد السيدة زينب بعد صلاة التراويح .. ومبارك يعدل عن زيارته لإسرائيل لتفادي تأثيرها على نتائج الانتخابات ، وتأكيدات وزير الخارجية بان مقعد مصر الدائم بمجلس الأمن غير مضمون ، وقوله ان مشاركة المخابرات في المفاوضات لا يعني استبعاد الخارجية .. في لقطة نادرة .. قيادات من الإخوان وأمانة السياسات وحركة كفاية يلتقون على مائدة حزب الوسط .. والاتجاه لإعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتلفزيون ، وإنشاء جهاز متخصص يشرف على البث المرئي والمسموع ويمنح التراخيص الأرضية والفضائية ، ونقل ملكية القنوات الإقليمية للمحليات .. وخطة حكومية لرفع أسعار السلع الغذائية الأساسية ، والحكومة تتآمر ضد القمح المصري وزير التموين أوقف استلام الإنتاج المحلي بزعم ارتفاع أسعاره .. وقد نشرت الوفد تقريرا لمؤسسة "أولاد الأرض" كشف عن تورط وزارة التموين في مؤامرة مع مؤسسة القمح الأمريكية لضرب محصول القمح المصري والذي زاد إنتاجه بكمية وصلت إلي مليون طن . التقرير أشار إلي ان قرار وزير التموين الأخير بوقف استلام القمح المحلي قبل الموعد المحدد بأكثر من شهرين ، بزعم إغراق السوق بالقمح الأمريكي ، تسبب في انهيار سعر القمح المحلي . ووصل سعر الأردب إلي 110 جنيهات مما دفع المزارعين إلي استخدامه كعلف للماشية!.. مما يعد ضربة قاضية إلي مشروع وزارة الزراعة الهادف إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح .. وكشف التقرير ان قرار الوزير جاء لمصلحة مؤسسة القمح الأمريكية والتي سارعت فور إعلان زيادة الإنتاج المحلي من القمح إلي تخصيص 200 مليون دولار كتأمين لرجال الأعمال والوسطاء المصريين لمساعدتهم في استيراد القمح الأمريكي بكميات كبيرة لإغراق السوق المصري . من جانب آخر أبرزت الوفد اقتراحات يوسف بطرس غالي وزير المالية بشأن تعديلات بنود مشروع قانون ضرائب المبيعات التي كشفت عن نية الحكومة لرفع أسعار السلع الغذائية الأساسية بتوحيد الفئات الضريبية المطبقة لسداد ضريبة المبيعات علي السلع والخدمات . تدرس وزارة المالية زيادة الفئة الضريبية المطبقة علي السلع الأساسية من 5% إلى 10% لتحقيق هدف الوزارة بتوحيد الفئات الضريبية التي تتراوح ما بين 5% و15% و25% وتصل إلى 40% تزعم الحكومة ان توحيد هذه الفئات الضريبية سيؤدي إلى انخفاض أسعار ضريبة المبيعات . وأكد خبراء المالية ان توحيد فئات ضريبة المبيعات سيؤدي إلى رفع أسعار السلع الأساسية التي يستخدمها محدودو الدخل مثل الزيت والأرز والسكر بسبب رفع الضريبة عليها بنسبة 100%. وأضافوا ان التخفيض في أسعار الضريبة لن يشمل إلا السلع الكمالية التي يستخدمها الأغنياء فقط . نبقى مع صحيفة الوفد حيث علق الكاتب "جمال بدوي" على موضوع قيام الجبهة الوطنية قائلا : "الآن .. وضعت أحزاب المعارضة قدمها علي الطريق الصحيح .. والآن نستطيع أن نقول إن المعارضة بلغت مرحلة النضج السياسي ، وحققت درجة عالية من الرقي والتضامن وتجميد الخلافات السطحية ، وتسخير الجهود نحو هدف واحد هو: سحب البساط من تحت أقدام الحزب الوطني ، وزحزحته عن احتكار الحكم الذي طال أكثر من نصف قرن (!!). وأضاف بدوي : أستطيع أن أراهن بأن تحالف المعارضة سوف يفوز في الانتخابات البرلمانية الوشيكة بأغلبية معقولة ، وسوف يتوارى الحزب الوطني إلى الظل ليذوق مرارة المعارضة التي أذاقها لخصومه قمعا وقهرا وتزويرا وتزييفا دون خجل أو كسوف .. بل إنني أستطيع القول إن فوز تحالف المعارضة في الانتخابات القادمة سوف يشكل نقطة تحول في تاريخ مصر السياسي ، وبعد أن ظلت مصر تحكم بالحزب الواحد ، سوف تري شكلا جديدا من أشكال الحكم، تشترك فيه كل القوي الوطنية التي تعبر عن الواقع المصري، وتمثل كل التيارات السياسية من أقصي اليسار إلى أقصي اليمين ، ومن قمة الوسط إلي قلب الوسط حيث تتركز الكتلة الأساسية من الشعب المصري . وقال بدوي : سوف يذكر التاريخ أسماء هؤلاء السياسيين الذين اجتمعوا في مقر الوفد يوم السبت الماضي، واتخذوا قرارهم التاريخي بدخول الانتخابات في قائمة واحدة، وتلك أكبر لطمة توجه للحزب الحاكم الذي ظل راسخا علي قلب مصر ضاربا عرض الحائط بكافة القوي السياسية الوطنية، واعتبارها أعشاباً طفيلية لا تستحق أن تنمو وتكبر وتصبح أشجارا سامقة ، وبقي الحزب الحاكم علي سياسته العجفاء حتى دبت فيه الشيخوخة ، وضرب فيه السوس ، وانتقل من خواء إلي خواء . ورغم عوادي الزمن ظل الحزب الحاكم متشبثا بالحكم مستندا في ذلك إلي الجيش والبوليس والمحافظين ورؤساء المدن والعمد ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وكل من له تأثير علي حركة الجماهير .. وبات من المستحيل علي أي سياسي مهما بلغت قدراته أن يخترق هذه الحواجز الحديدية، ويحصل علي ثقة الناخبين . وحذر الكاتب من وقوع أحزاب المعارضة في خطأ فادح إذا هي تصورت أن تحالفها هو تحالف وقتي بمناسبة انتخابات مجلس الشعب ، وإنما يجب أن تضع في حسبانها انه تحالف استراتيجي له صفة الدوام والاستمرار ، ولا أتصور أن تتفكك الجبهة بعد انتهاء الانتخابات ، وإنما عليها أن تبقي وتحتل مقاعد الحكم إذا حصلت علي الأغلبية ودفعت بها الجماهير إلى قمة السلطة . وأطاحت بالحزب الوطني من مركزه العتيد الذي استولي عليه غصبا واقتدارا . وقال إذا كان من اليسير علي حزب معارض أن يطيح بالحزب الوطني إلي خارج الملعب، فان أحزاب المعارضة العشرة تستطيع أن تفعل ذلك إذا هي تضامنت وتلاحمت وخاضت المعركة علي قلب رجل واحد هدفه إنقاذ مصر من الفساد والبطالة والخلل والتخلف وكل العلل والأوجاع التي أفرزها الحزب الواحد خلال سنوات حكمه التي فاقت الثلاثين عاما، فالحزب الواحد ليس مجرد التشكيل القائم حاليا ولكنه النظام المتوارث منذ حكم الفرد المستند إليه . إلى ذلك وجه "فهمي هويدي" في صحيفة الأهرام نقدا قاسيا للمثقفين المصريين وقال : "حين يصبح الإجماع حول نانسي عجرم أكبر من الإجماع حول فكرة المقاومة في العالم العربي ,‏ فذلك إن صح يدل علي أن ثمة خللا جسيما في بنية الإدراك العام‏ ,‏ الأمر الذي يثير بقوة عديدا من التساؤلات حول ثقافة المجتمع ومسئولية خطابه الإعلامي ومثقفيه .‏ وأضاف لست في وارد مناقشة قيمة نانسي عجرم التي ارتفع نجمها عاليا في سماء العرب خلال السنتين الأخيرتين‏ ,‏ ومازالت وسائل الإعلام تلاحقنا بأخبارها كل صباح ,‏ حتى أن إحدى القنوات الفضائية لم تجد وسيلة لجذب المشاهدين أخيرا سوي الإعلان في الصحف عن بشارة تحمل عنوان‏:‏ ما لا تعرفه عن نانسي عجرم‏!‏ كما لم يخطر علي بالي أن أقارن بين جهود تسويق المطربة المذكورة ,‏ وبين التعبئة المضادة للمقاومة التي حفلت بها مختلف منابر الإعلام العربي خلال الأسبوعين الماضيين ,‏ لكن التطرق إلي المسألة كان استطرادا في الإجابة علي سؤال وجه إلي حول الذي جري للمثقفين في مصر .‏ استعرض هويدي قائمة الكبائر الثقافية والسياسية التي أصبحت تمارس في العلن الآن‏ ,‏ وعلي صفحات الصحف السيارة‏ .‏ وذكر بالتعليقات التي نشرتها بعض الصحف خلال الأسبوعين الأخيرين‏ ,‏ ودار معظمها حول العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة‏ ,‏ فقد تابعنا مثلا تنافسا مدهشا بين رموز الهزيمة والانبطاح في العالم العربي‏,‏ الذين تباروا في الدفاع عن إقامة علاقات بين باكستان وإسرائيل‏ ,‏ وتبرير اتجاه بعض الدول العربية نحو إلغاء مقاطعة إسرائيل وتشجيع الاعتراف المتبادل بها من جانب دول أخري‏.‏ بل إن أحدهم لم يجد غضاضة في دعوة شارون لزيارة تونس تحت غطاء الاشتراك في مؤتمر دولي حول المعلوماتية‏ ,‏ وتساءل متبجحا ومتغابيا‏:‏ هل أنتم ضد المعلوماتية؟‏!‏ وكانت الحجة التي رددها أكثر من واحد في تلك الكتابات أنه من حق كل دولة أن تسعي لتحقيق مصالحها الخاصة‏ ,‏ حتى وإن كان ذلك علي حساب مصالح الأمة التي تنتمي إليها‏ .‏ وأضاف هويدي : "في الطريق قرأنا هجوما صريحا ومبطنا علي المقاومة من قبل نفر من الكتاب الذين لم تواتهم الشجاعة لكي يسموها باسمها الحقيقي‏,‏ فوصفوها بأنها عنف تارة‏,‏ وأنها تطرف وإرهاب تارة أخري‏,‏ وبنفس الدرجة من التبجح والتغابي تساءل أحدهم‏:‏ لماذا العنف؟ في حين أن كل ما أخذناه من إسرائيل كان عن طريق التفاوض والتفاهم من الانسحاب من سيناء إلي الانسحاب من جنوب لبنان‏ ,‏ في جرأة شطبت في سطر واحد حرب أكتوبر ونضال المقاومة في لبنان‏ .‏ من ناحية أخري فإن قصائد الغزل والمديح التي ألقيت علي أعتاب الولايات المتحدة لم تقف عند حد‏ ,‏ إذ تضمنت دعوات صريحة إلي التعلق بالأهداب الأمريكية والمراهنة علي قوتها العظمي والاحتماء بمظلتها وعضلاتها ,‏ لأنها وحدها صارت الملاذ والمعين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ,‏ ولم يعد مطلوبا منا أن نتعلق بأهداب السياسة فحسب ,‏ وإنما صرنا مطالبين بأن نحذو حذو الأمريكيين في نهجهم الرأسمالي‏ ,‏ وركضهم وراء حرية السوق ,‏ باعتبار أن ذلك من مقتضيات العولمة التي صوروها لنا بحسبانها قدرا مكتوبا لا فكاك منه .‏ في ثنايا هذه التعبئة أهدرت مسلمات عدة ,‏ فلم تعد مقاومة الاحتلال قيمة متفقا عليها‏ ,‏ ولا أصبح الاستقلال الوطني أو التنمية الذاتية من المسلمات ,‏ في حين سقط مفهوم الأمة واستعلت قيمة الأنا ,‏ وفي الوقت نفسه بات الجهر بموالاة العدو أمرا عاديا لا يستوجب سترا ولا خجلا‏,‏ وتحول الاستتباع للعدو إلي فضيلة ,‏ وأصبح المنهزمون والمنبطحون هم المعتدلون‏ ,‏ وصنف المدافعون عن المسلمات التي يحاولون إهدارها ضمن المتطرفين والمتشددين .‏ وفي ختام مقاله أطلق هويدي سؤالا استنكاريا : هل في مصر أزمة مثقفين؟ ألفت النظر أولا إلي أن الخلاف حين ينصب علي الأصول وليس الفروع ,‏ فإننا نصبح بصدد أزمة خطيرة‏ ,‏ تشتت الصف الوطني وتضرب في الصميم مناعة الجبهة الداخلية ,‏ والأصول التي أعنيها تتمثل في قيم المجتمع الأساسية ومصالحه العليا‏ ,‏ والنماذج التي مررنا بها وثيقة الصلة بهذين المجالين .‏ إزاء هذا النقد المرير لمواقف بعض المثقفين ، كان ل "سليمان عبد المنعم" رأى أخر في تداعيات المشهد الثقافي ذكره في مقال نشر بالأهرام بعنوان (هل يعلن الإصلاحيون نهاية الأيديولوجيا‏؟) .. أوضح فيه أن ثمة صعود للأفكار والبرامج الإصلاحية مقابل أفول وتراجع التيارات والمذاهب الأيديولوجية التقليدية‏ ..‏ وقال : "الكلام كثير حول إصلاحات ضرورية وملحة تكاد تشكل بذاتها برامج ومشروعات وطنية مثل تدعيم الديمقراطية وإعلاء حقوق وحريات الإنسان والاعتراف بمؤسسات المجتمع المدني وتنشيط دورها والمناداة بقيم الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد ..‏ كل هذا يتم في ذات الوقت الذي تتراجع فيه بشكل ملحوظ الأيديولوجيات التي ألهبت العقول وأثارت الوجدان السياسي في مصر لأكثر من نصف قرن من الزمان مثل التيار القومي والتيارات الماركسية والاشتراكية والتيار الليبرالي التقليدي الذي اقترن تاريخيا بحزب الوفد ، وربما التيار الإسلامي نفسه الذي يعيش الآن إرهاصات تجديد خياله السياسي علي يد الوسطيين الجدد .‏
وتساءل الكاتب هل يعني ذلك أن هذه البرامج والأفكار الإصلاحية يمكن أن تقدم نفسها بديلا عن هذه التيارات كصاحبة مشروع وطني جديد معلنة بذلك نهاية عصر الأيديولوجيا في مصر؟.. أم أن سطوع نجم الإصلاحيين وانتشار الأفكار والبرامج الإصلاحية لا يعكس بالضرورة قوة هذه التيارات بقدر ما يكشف عن جمود وأفول التيارات الأيديولوجية التقليدية؟.. وفي عبارة أخري هل يمكن لهذه الأفكار والبرامج أن تمثل بذاتها تيارا سياسيا جديدا وبداية لمشروع نهضوي تعبر به مصر مرحلة تحولها السياسي والاجتماعي أم أنه لا غني عن نفس هذه الأيديولوجيات والمراهنة علي ما تقدمه من طروحات وحلول قومية كانت أم اشتراكية أم ليبرالية تقليدية أم حتى سلفية؟ .. تلك بعض الأسئلة التي يثيرها المد الإصلاحي الملحوظ في المشهد السياسي المصري ..‏ وعلي الرغم من أن الإصلاحيين يتقدمون في كل زوايا هذا المشهد ابتداء من أروقة الحزب الوطني حتى أحزاب المعارضة مرورا بالحركات الجماهيرية والمؤسسات غير الحزبية مثل النقابات والجامعات والنوادي المهنية فلربما يبدو دور الإصلاحيين في صفوف الحزب الوطني ومؤسسات الدولة الرسمية أكثر إثارة للاهتمام ليس فقط لأن بيدهم السلطة وآليات الإنجاز بل أيضا لأنهم قادمون من صفوف تيار كثيرا ما اقترن في أذهان الناس بالبيروقراطية والترهل والجمود‏ .‏ ويعود الكاتب إلى سؤال البدء‏:‏ هل يعلن الاصلاحيون نهاية الأيديولوجيا؟ .. لنري أولا ما إذا كنا بصدد نهاية عصر الأيديولوجيا في مصر قبل ان نتأمل ظاهرة الإصلاحيين الجدد ومدي قدرتهم علي صياغة مشروع وطني جديد‏ .‏ فثمة تراجع ملحوظ للأيديولوجيات التقليدية التي جسدتها وناضلت من أجلها أحزاب وحركات وتجمعات مثقفين في مصر علي مدي أكثر من سبعين عاما‏ ,‏ وهو تراجع يسهل رصده سواء داخل الأحزاب نفسها أو في الشارع المصري‏ ..‏ فأين الناس اليوم من سحر المادية الجدلية وحتمية انتصار البروليتاريا وأحلام العدالة الاجتماعية التي كثيرا ما بشرت بها التيارات الماركسية والاشتراكية؟ .. وهل كان تراجع الحلم بسبب تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الشرقي أم بسبب ما اتسم به الحلم من طوباوية أو شطط؟.. أم هل كانت طرقات العولمة العنيفة وما صاحبها من انفراد قوة واحدة بقيادة العالم هي التي عجلت بسقوط الحلم ومعه تأكد سقوط الأيديولوجيا؟ .. وأين أصبح الناس أيضا من المشروع القومي وحلم الوحدة العربية؟ .. وماذا تبقي من تيارات الفكر القومي علي اختلاف مسمياتها سوي وجع الحنين للزمن الناصري والبكاء علي أطلال البعث العراقي والخوف علي البعث السوري؟ .. ووسط مشاعر الحنين والبكاء والخوف يكاد ينفرط العقل القومي وتنفطر معه قلوب القوميين إزاء ما يحدث في العراق وما حدث في فلسطين وما يراد له ان يحدث في أماكن أخري من بلاد العرب‏ ..‏ أما التيار الليبرالي التقليدي فعلي الرغم من ثراء نظرياته وما توافر له من حظوظ في الانتشار بحكم أنه تيار العصر فلم ينجز شيئا ربما لأن الآخرين كانوا أكثر ذكاء أو لأنه تعثر في حبائل البيروقراطية الحزبية واكتفي بمجد قديم تحقق في ظروف مختلفة وعلي يد آخرين فخفت الصوت وفتر الحماس وتسلل الوهن‏ .‏ وتابع حتى التيار السلفي الإسلامي الذي أخذ بألباب وعواطف الجماهير علي خلفية من أزمة هوية حضارية تعصف بالشباب وحالة الفقر الاقتصادي والثقافي في المجتمع فان حركة الاستنفار العالمي بفعل أحداث‏11‏ سبتمبر سرعان ما خرجت تقطع الطريق علي هذا المد الإسلامي وتستعدي عليه وتجفف منابعه وتصوره كأيديولوجية تهدد سلام العالم ..‏ ولم يكن هذا التيار بذكاء ولا براجماتية حزب العدالة والتنمية في تركيا مثلا فتجاهل الظروف والمتغيرات وتأخر في حسم موقفه من قضايا مهمة مثل الديمقراطية والحريات وحين تنبه الاصلاحيون فيه إلى أهمية ذلك كان الوقت قد فات أو كاد‏!‏.. ولكن وبصرف النظر عن خصوصية تفسير تراجع كل تيار ايديدلوجي علي حدة فإن التساؤل يظل قائما حول عموم ظاهرة أفول عصر الأيديولوجيا‏.‏ أجل‏..‏ لماذا فقدت الأيديولوجيات سحرها؟ وهل كان فوكوياما محقا حين أعلن في كتابه الشهير نهاية التاريخ عن الانتصار النهائي لقيم الرأسمالية الليبرالية علي كل ما عداها من تيارات ونظريات الفكر الأيديولوجي الأخرى؟ وهل تري كان فوكوياما يقصد انتصار الرأسمالية كأيديولوجية أم كمجموعة من القيم الاقتصادية والسياسية والثقافية المتنوعة الأخرى والتي تستلهم من حركة التقدم بأكثر مما ترتبط بإطار معرفي وأيديولوجي محدد؟ . وإلى موضوع الهجوم الذي يشنه بعض العلمانيين على عمرو خالد والذي وصل في بعض الأحيان إلى حد الشتم والتجريح ، وقد تصدى لهم الكاتب بصحيفة الوفد "عماد الغزالي" مفندا الحجج التي يسوقونها وقال : " لا أتفق مع كثير مما ينشر عن الداعية عمرو خالد .. وأعتقد أنه نجح فيما فشل فيه عشرات الدعاة من داخل المؤسسة الرسمية ومن خارجها .. وجذب إلي طريق الهداية شباباً كانوا أقرب إلي الضلال .. بأسلوب بسيط ومنهج إصلاحي أقرب إلي وسطية الإمام محمد عبده منه إلي راديكالية قطب . خاطب شباب النوادي وجيل الجيمز والتيك أواي والهاف بودي بلغة يفهمونها .. طالبهم بأن يرتقوا بسلوكهم ويحبوا أوطانهم ويخلصوا في إيمانهم ويتفانوا في عطائهم كي تصير حياتهم أفضل ومجتمعاتهم أجمل . التف الشباب حوله وتابعوا ندواته وصارت كلماته لبنات مهمة في تكوينهم النفسي والعقلي .. وهو ما أثار ضده البعض من مختلف الاتجاهات . بعضهم رآه داعية استسلام وخنوع .. يري أن السبيل الوحيد لتحرير الأرض المغتصبة هو إقامة الشعائر وإعمار المساجد .. آخرون رأوه بالغ الخبث والدهاء يبث السم في العسل ويمهد لدولة ثيوقراطية "دينية" بخلخلة دعائم العلمانية والعقلانية بهدوء وأدب .. ورآه فريق ثالث فقير البضاعة متواضع الدراية يفتقد إلي الخلفية المعرفية الضرورية، للداعية، مما يجعله يمس القشور والعوارض .. وقد سعيت من جانبي إلي اختيار تلك التصورات.. واستمعت إلي كثير من محاضراته التي تبث علي الفضائيات .. وتأكد لدي خطأ هذه التصورات الثلاثة وسوء نية بعض ممثليها.. وتأكد لدي أيضاً أن الداعية الشاب موهوب فعلاً بوصفه قائماً بالاتصال .. وهو ما يفسر نجاحه فيما فشل فيه آخرون . وأضاف الغزالي : حين أثير لغط حول ما قاله عمرو خالد عن المسجد الأقصى سارعت إحدى السيدات وهي مسئولة تنفيذية في واحدة من شركات الكمبيوتر والبرمجة وأرجو أن تلاحظوا الفئة التي يؤثر فيها الداعية الشاب بإهداء شريط كاسيت يتحدث فيه عن المسجد الأقصى وتاريخه .. ويتلخص مجمل ما قاله في أن المسجد الأقصى واحد من المقدسات الإسلامية لا يجوز التفريط فيه أبداً .. وأن تاريخه يشير إلي فقدان المسلمين له كلما ضعفوا وهانوا علي الأمم الأخرى . هل استنتجت مما سبق أن عمرو خالد قال إن المسجد الأقصى ملك لليهود؟.. لا أظن . أما كيف يسترد المسلمون الأقصى فتلك هي وصفته "خليك فوق كويس" بحرصك علي أن تنمي الإنتاج في بلدك ، بحرصك علي الأخلاق القويمة ، بحبك لوطنك ، بتأدية واجباتك علي الوجه الأكمل . وتابع هذه الكلمات نفسها هي التي تترجم مشروعه العابر للأوطان "صناع الحياة" .. الذي يقوم علي خطاب عاقل يدعو إلي الاستمساك بالحقوق واستنهاض الإيمان في نفوس الناس وإيقاظ الوطن من براثن الاتكالية والغيبية .. واستعادة الأخلاق والإحساس العام من غشامة الانحطاط والكبرياء الكاذب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة