تقول الأسطورة إن شمشون كان قادرًا على مصارعة عشرات الرجال وصرعهم، فسلط عليه خصومه دليلة لتحتال عليه حتى أباح لها بسر قوته الكامنة فى شعره!، وحينها ساعدتهم أن يقصوا شعره وهو نائم ثم اقتادوه ذليلاً مستسلمًا، وقيدوه بالسلاسل وأذاقوه مر الهوان وقرروا أن يجعلوه عبرة وتسلية للناس يوم حفلهم الكبير.. ولما اجتمع الناس جميعًا اقتادوه وربطوه بين العمودين اللذين يقوم عليهما معبدهم.. ولم يفطنوا أن قوته ترجع إليه عند بداية نمو شعره من جديد فتركهم شمشون يفعلون ما يريدون فلما اكتمل عدد القوم وطربهم شد العمودين بقوته الهائلة صارخًا "علىّ وعلى أعدائى"، فخر المعبد على رأس ثلاثة آلاف من القوم مجتمعين فهلكوا جميعًا وكان أول الهالكين شمشون نفسه. هذا هو خيار شمشون الأسطورى، الذى فضل أن يموت مقابل أن يموت أعداؤه، والذى يعبر عنه ستيفن كوفى فى كتابه الأشهر "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية" بأن شمشون اختار خيارًا (خاسر/خاسر) بكل طواعية، وهو يعنى أنه لا يهمه كثيرًا أن يخسر هو مقابل أن يلحق الخسارة الأكيدة بخصمه، وهو للأسف عين ما أراه تسير فى ناحيته المعارضة المصرية بقوة، فاختارت المعارضة البائسة أن تهدم المعبد فوق الإخوان ومرسى وفوق الجميع حتى يثبتوا فى النهاية –لا أدرى لمن؟- فشل الإخوان.. وإن كان يمكن قبول تبرير لجوء شمشون لهذا الخيار الأخير للنيل من أعدائه، فلا يمكن بأى حال تفسيره بحالتنا تلك سوى أنه انتحار جماعى بطىء للوطن قررت المعارضة البائسة أن تمضى فيه إلى نهايته رافعين شعار "فلينهدم الوطن علينا وعلى أعدائنا"، وإلا بِمَ تفسر تصريحات شارلز روزوت، نائب رئيس شركة أوراكل، أن المعارضة وصلت لهم رسائل فى غاية السلبية عن حالة مصر لتثنى الشركات الأمريكية عن جلب الاستثمارات لمصر الآن؟، وكيف تفسر تلك المعارضة الشرسة لدستور لم تخرج مادة منه إلى النور بعد بل وإقرار إسقاطه قبل أن يولد، وإثارة الشائعات المغرضة حوله؟.. وكيف تفسر خروج أحمد شفيق من مكمنه ليعلن عن سلسلة لقاءات جمعت بينه وبين خصومه قبل الانتخابات محاولاً جذب أكبر عدد ممكن منهم ليغرقوا معه.. وكيف تفسر حالة التربص الحادة بالرئيس وفريقه وامتدت حتى طالت كل من يحاول أن يقف فى وجه هذا السيل من الهجوم الضارى، حاصرين إياك إما أن تعمل معهم على إحداث المزيد من الثقوب أو إجبارك أن تقف صامتًا متفرجًا وإلا فالويل كل الويل لك. وكيف تفسر استنكار محاولة مرسى لنصرة سوريا والحط من قيمة مساعيه.. اختار الشعب لأول مرة فى تاريخه من يقود ربان سفينته لفترة ستمضى لا محالة ويختار الشعب بعدها من يريد ليكمل المهمة، لكن بدلاً من اللجوء للاستعداد ومد جسور التواصل الجماهيرى اختارت المعارضة - يعاونها فى ذلك إعلام بلا ضمير- أسهل الطرق لإحداث أكبر عدد من الثقوب فى السفينة محاولين إثبات فشل مرسى. أيها المعارضون، تعلموا أن تعارضوا بحكمة، وأن تخاصموا بشرف، وظنى أن مارتن لوثر كينج ما وجه حكمته الخالدة تلك إلا لأمثال حضراتكم: "إما أن نتعلم كيف نعيش معًا كإخوة أو نهلك جميعًا كالحمقى". [email protected]