تابعت بعناية ما نُشِر فى الصحف ومابُثَ عبر الفضائيات بشأن الفيلم المسيء إلى رسولنا الكريم عليه السلام؛ لأتكشف ملابسات الموقف، وأَتَعَرَف على المتورط والمستفيد من ذلك الموقف السياسى المأزوم، ففى مثل هذه المواقف غالبًا مايكون المتورط هو الضحية والمستفيد هو المجرم الحقيقى. وتساءلت عن الموقف الأمريكى من الفيلم الأزمة، وهل فيلم كهذا - بحجم ما يثيره من فتن- يمكن أن يخرج فى غفلة من الاستخبارات الأمريكية وبعيدًا عن أجندة أمريكا فى المنطقة العربية الجديدة، التى صُبغت أنظمتها الحاكمة بلون الإسلام السياسى؟ كما تساءلت عن الموقف العربى الثائر حكومة وشعبًا. وحينها أدركت أن العرب مازالوا فى السياسة بكرًا. وأن تفسيراتهم للمشهد المسيء كان فى شدة السخافة. ولم يأتِ تفسيرى من فراغ؛ وإنما إجابة عن أسئلة ربما كانت لازمة لفهم كواليس ذلك الفيلم الأزمة، فضلاً عن قراءتنا للسيناريو الأمريكى وأحلامه ومساعيه فى الشرق الأوسط، والتى تناولها الخبير الاقتصادى للحكومة الأمريكية جون بيركنز فى كتابه اعترافات قناص الاقتصاد، الذى كشف لنا فيه عن المخطط الأمريكى للهيمنة على المنطقة العربية وآلياتها فى إفقار الشعوب العربية وهدم بنياتها الاقتصادية، من خلال إجبار النظم الحاكمة على انتهاج سياسات ربما تفضى بشعوبها إلى الفقر، الذى قد يفضى إلى صراعات داخلية أو حرب أهلية، تنتهى بإعادة تقسيم هذه الدول وتكوين الشرق الأوسط الجديد. وإذا سَلَّمنا بحسن النوايا الأمريكية، فلماذا بعد مقتل السفير الأمريكى فى بنغازى لم يتم ترحيل الأمريكان إلى بلدهم واكتفوا بنقلهم إلى طرابلس؟ وهل قرار إرسال التعزيزات العسكرية إلى ليبيا قرار طارئ أم أنه ضمن خطة استراتيجية معلومة الهدف؟ ولماذا ظهر هذا الفيلم قبل زيارة الرئيس المصرى لأمريكا؟ خاصة أن الرئيس مرسى قد بادر بزيارة الشرق قبل زيارته لأمريكا، رغم أنها الأسبق فى دعوتها لزيارة الرئيس المصرى. وكأن أمريكا قد أرادت أن يأتى إليها الرئيس المصرى منكسراً بكافة السبل، فقررت منح الحكومة المصرية 450 مليود دولارا دعما مباشرا واسقاط 650 مليون دولار أخرين من مديونيتها، مستغلة الوضع الاقتصادى المتردى، ومداعبة الحلم المصرى بنجاح ثورته، وربما وسيلة لأخماد الصوت المصرى؛ الذى إن سَكَتَ توارت معه كل الأصوات العربية. وعلى الجانب الآخر أرادت أمريكا تأكيد العلاقة بين مصر وتنظيم القاعدة لجعل كل من مصر وليبيا نموذجًا أفغانستانيًا أو عراقيًا جديدًا، حيث شُهدت الأعلام السوداء مرفوعة أمام السفارة الأمريكية؛ لتتخذها أمريكا ذريعة لتغيير موقفها السياسى. كما أنها عملت على الترويج لفكرة إقامة إمارة إسلامية فى سيناء تلبية لطموح الحليف الصهيونى الذى يدرك عن يقين أنه قد خسر الكثير فى اتفاقية السلام ولا سبيل لاحتلال سيناء إلا بكونها إمارة إسلامية، تمشيًا مع اتفاقية السلام التى تعطى إسرائيل شرعية احتلال سيناء إذا كانت الأجواء الأمنية تشكل خطرًا على أمن إسرائيل. ناهيك عن المركز القومى الأمريكى للمرأة الزنجية الذى يعمل فى النوبة منذ سنوات بأهدف غير معلنة، علمًا بأن هذه المنظمة عَمِلَت فى جنوب السودان لسنوات ولم تخرج منه إلا بعد أن انقسم السودان شطرين. وعلى أية حال فربما يكون هذا الفيلم الإشاعة جسًا لنبض الشعوب العربية ونخوة حكامها الجدد، أو هو طعم وهميٌ لإثارة الفتن وتفكيك الشعوب واستدراجها لصراع لا ينتهى. فهو مدفوع بالماسونية التى استخدمت دوجما الأقباط أو الأقباط المتشددين كوسيلة لتنفيذ مخططها المستتر. ولا سبيل لرد الكرامة إلا بمقاطعة البضائع الأمريكية وعدم الرهان على مواقف الساسة والحكام. فلندع الحكومات لدبلوماستها ولتمضى الشعوب فى مقاطعتها على بركة الله.. [email protected]