ربما تكون النصيحة والاستشارة حق طبيعي لكل إنسان يمارسه بأي مكان على وجه الأرض، إذا ما وجد شيئيا على غير الطبيعة البشرية، أو قضية تظهر مقاييس العدل فيها منقوصة، خاصة إذا ما أرتبط بحق أمة كاملة، خرج الملايين منها في المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وقد تكون الاستشارة والنصيحة مهنة، تحكمها قواعد المكسب والخسارة المالية بغض النظر عن أي عدالة أو رحمة أو شفقة، مهنة أصحبت معلما من معالم عواصم اقتصادية كبيرة، تستخدم فيها قدرة الأرقام على الكذب، أو استغلال مأساة الأمم عن طريق زهو الملايين والمليارات التي يقال إنها قادرة على حل كل المشاكل .. يقال أنها قادرة على تحول الأمم من عثرتها إلى أخرى قادرة أن تنافس وتنتج وتحقق أحلام البشر العادية.
إلا أن الحقيقة والأسرار وراء تلك المهنة تظهر فظائع أكثر درامية وعنف من التي نشاهدها في أفلام هوليوود العالمية, تماما كما هي مهنة الخبير الاقتصادي الأمريكي "جون بيركنز" قبل عشرين عاما، والذي اعترف بما اقترف في كتابه "الاغتيال الاقتصادي للأمم ..مذكرات قرصان اقتصاد أميريكى".
ولد "جون بيركنز" في ولاية نيوهامشير بالولايات المتحدةالأمريكية ،حصل على درجة البكاليريوس في إدارة الأعمال من جامعة بوسطن ، عين في وظيفة "رجل اقتصادي " في شركة استثمارات دولية من عام 1970- 1981 تعرف من خلالها على العالم السري للمؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ،وكيفية استغلالها للدول الفقيرة.
تعرف "بيركز" على اسمه المتداول سراً في اجتماعات الهيئات الاستثمارية الدولية باسم "قرصان اقتصاد" . وهى مجموعة من خبراء اقتصاديين مهمتهم أن يسلبوا ملايين الدولارات من دول كثيرة في سائر أنحاء العالم، يحولون الأموال من المنظمات الدولية التي تقدم القروض والمساعدات ليصبوه في خزائن الشركات الكبرى من العائلات الثرية التي تتصدر سنويا قائمة مجلة "فوربس للأغنياء".
كيف يتم هذا ؟ ..ببساطة يستغل قراصنة الاقتصاد – ومنهم بيركنز- قدراتهم الإقناعية ودراستهم الأكاديمية والاستفادة من تكنولوجيا وسائل الاتصال في تلفيق "تقييمات وتقارير اقتصادية زائفة عن وضع الدول الفقيرة ، يلجئون إلى تزوير الانتخابات ، الرشوة الدولية والابتزاز السياسي، وصولا إلى آخر الحلول الممكنة وهو عمليات اغتيالات كبرى ومحترفة !!.
«محيط» وعلى مدى اليومين الماضيين، في انفرادها بتقرير غير متداول حقيقي وغير ملفق، عن دور بنك الاستثمار الأوربي في إخفاء ثروات عائلة الرئيس المخلوع مبارك، لم تنسى قصة "جون بيركنز " والتي نشرها على سبيل تطهير الضمير، في كتاب عام 2004 وجاء مترجما للعربية في عام 2012 بعنوان "الاغتيال الاقتصادي للأمم ..مذكرات قرصان اقتصاد".
حاولت «محيط» بكل الطرق وكافة الوسائل من خلال فريق عمل صحفي ومتميز الوصول إلى «جون بيركنز» .. ونجحت المحاولة بمراسلة بيركنز، وإرسال تقاريرنا الصحفية التي انفردنا بها « مترجمة باللغة الانجليزية» وسألناه عن رأيه ..طالبين استشارة من النوع الإنساني الذي يمارسه بيركنز الآن من خلال جمعية «الحالمون بالتغيير» بعد أن كانت كل استشاراته مدفوعة من حساب معاناة الأمم.
جاء رد بيركنز "مشيدا" بانفراد محيط ،وقال «إن هذا النوع من التقارير هي بالفعل صادقة وذات ضمير علمي ومهني» .. وان انفراد محيط هو ضربة موجعة للمؤسسات العالمية وشركاتها التابعة التي يكن ما حدث في مصر سوى مثالا من الآلاف النماذج التي «اغتيلت في بها أرادات أمم وشعوب سابقة من العالم الثالث لتركع اقتصاديا أمام جشع أصحاب المال الملوث».
قال "بيركنز" في رسالة اليكترونية ل «محيط» إن "أهم ما تحتاجه مصر الآن هو الاحتفاظ على السعي نحو ديمقراطية حقيقية ", « لقد أجبرتم العالم على التخلص من مبارك كما فعلتم في ميدان التحرير«لا تيئسوا وتتركوا الجانب الأهم من القضية الآن».
وقدم "بيركنز" للحكومة المصرية من خلال «محيط » رسالة نصها: «وظفوا كل قدراتكم وحماسكم الملتهب في استكمال محاكمة مبارك وعائلته ونظامه لتستردوا حقوق الشعب المصري كاملة».
وأختتم كلامه قائلاً بأن الأموال من القراصنة الحقيقيين أهم كثيرا من السعي نحو اقتراض من مؤسسات دولية هي في حقيقية الأمر «سفينة القراصنة»!!. مواد متعلقة: 1. بعد فتح «محيط» ل«ملف الأموال المنهوبة».. «نائب الرئيس» يبحث مع مسئول بريطاني عودتها 2. بلاغ يتهم «مصري وأمريكي» بتهريب أموال عن طريق شركة إسرائيلية لصالح الهارب «غالي » 3. سويسرا تُجمد أموال «17» من رموز الفساد.. مُستجيبة لمصر