قضية «شهيد الشهامة» تثير مطالبات بإعادة النظر فى قانون الطفل لخفض السن القانونية نائب يتقدم بمقترح للتعديل.. وعضو ب «تشريعية النواب»: مستحيل تطبيقه لتعارضه مع القوانين الدولية رئيس مجلس الدولة: لابد أن تتفق التعديلات مع الدستور.. خبير قانونى: أي تعديل لخفض السن يصطدم بالاتفاقيات الدولية أصبحت قضية مقتل الطالب محمود البنا، أو ما يعرف ب"شهيد الشهامة" حديث المصريين خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد أن لقي مصرعه على يد الشاب محمود راجح، الذي تربص له في أحد شوارع مدينة تلا بالمنوفية، بمساعدة اثنين من أصدقائه وقام بقتله ردًا على رفضه لسلوكه مع إحدى الفتيات ومضايقته إياها. هذه الجريمة على ما أثارته من جدل واسع داخل المجتمع المصري، إلا أنها لم تكن الأولى من نوعها، فقد تشابهت مع كثير من الجرائم التي يكون فيها الجاني والمجني في عمر الزهور، وإن اختلفت التفاصيل، أطفال في بداية عمرهم يتقاتلون، أو صبى عديم التربية يغتصب طفلة ثم يلقى بها من شرفة المنزل حتى يتخلص من جريمته، كما في حادث اغتصاب الطفلة زينة (8 أعوام) وبالتحديد في نوفمبر 2013، التي لقيت مصرعها بعد أن استدرجها صبيان دون السن القانونية إلى شقة أحدهما في بورسعيد، وحاولا نزع ملابسها لاغتصابها، وألقيا بها من الدور الخامس للعقار، ولاذا بالفرار . وفي عام 2018، طعن صبي يدعى "خالد" زميله في مدرسة بالبساتين، بعدما اعتقد أنه يتشاجر مع أحد أصدقائه، ليتدخل بدوره ويرتكب جريمته، على الرغم من أنهما في الأصل كانا يمزحان معًا، ليسقطه أرضًا بعدما ضربه بسكين في رقبته . وفى يوليو 2016، استدرج 3 أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا بالعباسية طفلا يبلغ من العمر 6 أعوام، بحجة اللعب معه إلا أنهم اغتصبوه واعتدوا عليه . وفى أكتوبر 2017، قتل شاب يدعى على، يبالغ من العمر 21 عامًا، مقيم في طنطا، على يد طفل لص لم يتجاوز عمره 15 عامًا، حين ضبطه الضحية يسرق ورشة النجارة الخاصة بهم، وحكم على القاتل بالسجن 6 سنوات فقط، وتم وضعه الأحداث. وفي ديرب نجم بالشرقية، تحول فرح إلى مأتم، بعد أن استقبل المستشفى العام الطفل الضحية "محمد" 14 سنة جثة هامدة إثر تلقيه طعنة نافذة في الصدر، من "حسن" 14 سنة، والسبب مشادة كلامية حدثت بين الطرفين أودت بحياة أحدهما، وانتهى مصير الجاني في الأحداث بعقوبة 15 عامًا . وأعادت قضية "شهيد الشهامة"، الجدل حول قانون الطفل وضرورة إجراء تعديلات عليه، لا سيما أنه يمنع توقيع عقوبة الإعدام على القتلة الذين لم تتجاوز أعمارهم ال18 عامًا حتى مع ثبوت الجريمة بالأدلة. وعقب الواقعة، كشف النائب حاتم عبد الحميد، أنه سيتقدم بمشروع قانون لمجلس النواب للنزول بسن الطفل إلى 15 عامًا بدلًا من 18 عامًا، بحيث يكون تشريعًا عالميًا، نظرًا لأن التكوين البدني والنفسي والجينات الوراثية للطفل اختلفت عن 18 عامًا، أي أنه تكوينه البدني أصبح أكبر من السن نفسه. ويطالب النائب بنزول سن الطفل إلى 15 عامًا للحد من الجرائم التي ترتكب في سن 18 عامًا ويعتبر على أثرها مرتكبها طفل ويدخل المحاكمة على أساس قانون الأحداث ولا يتم حبسه. الدكتورة سوزي ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، قالت إنها من المؤيدين والمطالبين بتعديل قانون الطفل، غير أنها أكدت صعوبة تنفيذ ذلك نظرًا لتوقيع مصر والتزامها بالاتفاقيات الدولية المعنية بالطفل. وأضافت ل"المصريون"، أن "الاتفاقيات الدولية المعنية حددت سن الطفل حتى 18 عامًا، ومن ثم لا يمكن لمصر أن تجعله حتى 15 عامًا فقط كما يطالب أو يقترح البعض". وبينما أكدت على استحالة النزول بالسن ل15 عامًا، أشارت إلى إمكانية تغليظ العقوبات على الطفل الجاني الذي يثبت بالأدلة ارتكابه الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، متابعًة: "البعض يعتمد على ذلك كتكأة ومن ثم لا توقع العقوبات الملائمة للفعل الذي ارتكبه الطفل". عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، أوضحت: "هناك فرق بين الطفل الذي تقصده الاتفاقيات الدولية وبين هؤلاء الأطفال الذي يعدون العدة لارتكاب الجرائم، وما تقصده الاتفاقيات يتسم بالبراءة بينما أمثال هؤلاء ليسوا كذلك". ولفتت إلى أن "أقصى عقوبة في القانون الحالي تصل إلى 7 سنوات فقط، فيما يمكن تغليظها لتصل إلى 15 عامًا على من يثبت ارتكابه الجريمة مع سبق الإصرار ولترصد أو أن تكون جريمته مقترنة بجناية أخرى كالقتل ولخطف أو الاغتصاب والقتل، مع الاعتراف في الوقت ذاته أنه طفل". وأنهت: "كلنا نتذكر قضية الطفلة زينة حيث كاد القاضي أن يبكي لكونه لا يستطيع توقيع عقوبة أقصى على القتلة وقتها". وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إنه لا مانع من إجراء أية تعديلات على قانون الطفل، لا سيما إذا كانت هناك ضرورة لذلك، أو أن هناك مواد ونصوص تمنع من توقيع العقوبة المناسبة. وأوضح ل"المصريون"، أن هناك حاجة لتعديل قانون الطفل بعد هذه الواقعة، على أن يتم ذلك وفقًا لما نص عليه الدستور والقانون، مشددًا على أهمية التنسيق بين السن والجناية. وقال الدكتور أحمد مهران، الخبير القانوني ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية: "لا يجوز تعديل القوانين الخاصة بعقوبة الطفل القاتل أو المغتصب لتصل إلى الإعدام، لأننا ملتزمون بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل، التي تمنع إعدام الطفل الذى ارتكب جريمة حتى لو كانت القتل أو الاغتصاب، لأن الاتفاقيات الدولية تأخذ نفس مستوى أحكام الدستور، ومخالفتها يدخل مصر في أزمة دولية، لأنه يعد تراجعًا منها عن الاتفاقيات الدولية، ما يحرم مصر من التمويل الذي تأخذه من الاتحاد الأوربى بشأن مشاريع حماية حقوق الطفل والمرأة". وأضاف: "القانون 12 لسنة 96 ينص على أنه فى حال ارتكاب الطفل جريمة من الجنايات المرتبطة بوجود ظرف مشدد مثل الإصرار والترصد، يطبق عليه العقوبة الأشد وهى الإيداع لمدة 15 سنة لدى دار الرعاية، بعض فقهاء القانون يحبذون أن يتم إيداع الطفل حتى يتم السن القانونية وهى 18 عامًا داخل إحدى دور الرعاية، ثم يتم نقله إلى السجن ليستكمل عقوبته بداخله، والفقه المصري يعمل بذلك الرأي وهو ما سوف يطبق على القاتل "محمود راجح" في واقعة "شهيد الشهامة". واستكمل: "الحل من وجهة نظري يتمثل في إعادة صياغة مفهوم الوازع الديني، داخل المدارس والبيوت، والعمل على تثقيف الآباء والأبناء المدرسين أيضًا قبل تربية الأبناء، وأيضا، إعادة النظر للدراما التليفزيونية والأعمال السينمائية، التي رسخت في أذهان الأطفال أن البطل هو الولد البلطجى والعاطل والمجرم وتاجر المخدرات، الذي يجنى أموالاً كثيرة، وتتهافت عليه الفتيات، نظرًا لأن العنف الموجود بكثرة في الدراما والأعمال التلفزيونية له أثر سلبى كبير على سلوك الأطفال والشباب". وقال هاشم الشيخ، الباحث في علم الاجتماع: "القاتل الحقيقي في قصية راجح والبنا، هو تقنين البلطجة فى السينما من أول "إبراهيم الأبيض" و"أولاد رزق"، ونوعية أفلام محمد رمضان، وجميع الأعمال المشابهة التي تصدر البلطجة في صورة البطل، ولو الأمر بيدى لطالبت بعدم معاقبة القاتل فقط، بل أيضًا معاقبة صناع المحتوى الهابط، لأنه المسئول عن جيل كامل تربى على تلك الأعمال". وأضاف: "الحل العودة إلى الأصول المصرية القديمة التى استمدها أجدادنا ومجتمعنا من الدين الوسطى الحنيف، وإعادة تأهيل المعلم المصري، نفسيًا وثقافيًا وماديًا حتى يتسنى له إخراج جيل جديد سوى نفسيًا وفكريًا، كما أطالب بإخضاع الشاب والفتاة لكورس مكثف وإجبارى قبل إتمام الزواج عن الحياة الزوجية ورقابة الطفل وتقويم سلوكه بشكل علمى ومخطط ومنظم " .