لم تكد تهدأ بعض الشىء ردود الأفعال حول العالم الإسلامى على أحداث الفيلم المسىء للنبى الأكرم صلى الله عليه وسلم، إلا وطالعتنا صحيفة فرنسية مغمورة تريد أن تشتهر بإعادة نشر الرسوم الدنماركية المسيئة للنبى صلى الله عليه وسلم، والأعجب هو ما صرحت به الإدارة الفرنسية فور صدور تلك الجريدة بهذه البذاءات بأنها سوف تقوم بإغلاق سفاراتها يوم الجمعة التالى للنشر فى حوالى خمسة وعشرين دولة إسلامية وعربية حول العالم، وكأنها ليس فقط تتوقع رد الفعل بل تريده، بما يشعرنا أن وراء الأكمة ما وراءها من تنسيق عالمى بين الغرب عمومًا سواء كان متفقًا عليه أم تشابهت قلوبهم فى مدى خوفهم من تأثير الإسلام ونبيه الكريم على سكان العالم بأسره. تطالعنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كيف أن كفار قريش كانوا لا يكذبون النبى صلى الله عليه وسلم إلا مكابرة وعنادًا وجحودًا.. ذكر أصحاب السير فى قصة أبى جهل حين جاء يستمع قراءة النبى صلى الله عليه وسلم من الليل، هو وأبو سفيان صخر بن حرب والأخنس بن شريق، ولا يشعر واحد منهم بالآخر.. فاستمعوها إلى الصباح، فلما هجم الصبح تفرقوا، فجمعتهم الطريق، فقال كل منهم للآخر: ما جاء بك؟، فذكر له ما جاء له ثم تعاهدوا بألا يعودوا، لما يخافون من علم شباب قريش بهم، لئلا يفتتنوا بمجيئهم، فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم ظنًا أن صاحبيه لا يجيئان، لما تقدم من العهود، فلما أجمعوا جمعتهم الطريق، فتلاوموا ثم تعاهدوا بألا يعودوا.. فلما كانت الليلة الثالثة جاؤوا أيضًا، فلما أصبحوا تعاهدوا بألا يعودوا لمثلها ثم تفرقوا.. فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب فى بيته، فقال: أخبرنى يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟، قال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها.. قال الأخنس: وأنا والذى حلفت به.. ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فدخل عليه فى بيته فقال: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟، قال: ماذا سمعت؟، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسى رهان، قالوا: منا نبى يأتيه الوحى من السماء!، فمتى ندرك هذه؟، والله لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه، قال: فقام عنه الأخنس وتركه. نزل فى هؤلاء وأمثالهم قوله تعالى فى سورة الأنعام: ((قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين )) 34،33. لا يستطيع المنصف الحصيف ذو العقل الرشيد المتنزه عن الهوى والغرض أن يثبت أمام حجج الإسلام الباهرات وبيناته الواضحات إلا أن يخضع إجلالاً لشأنها وتعظيمًا لقدرها، ثم يؤدى ذلك إما إلى دخوله فى دين الإسلام كما دخل أقوام كثيرون فى هذا الدين العظيم من عوام ومشاهير نساء ورجال حول العالم، أو قد تمنعه رواسب الجاهلية كما منعت هرقل ملك الروم بالرغم من يقينه من صدق النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه ضن بملكه.. إنه دين التوحيد، دين الأنبياء والمرسلين، دين الفطرة التى فطر الله الناس عليها، يخاطب القلوب والعقول بخطاب سهل يسير يفهمه الصغير والكبير، المتعلم المثقف المستنير البعيد عن الهوى وكذلك العامى البسيط. كشف المؤتمر العالمى للهيئة البلجيكية "سى إنترناشيونال"، كبرى الهيئات المتخصصة فى عمل إحصائيات دولية، وخاصة فى أوروبا عن أضخم زيادة شهدها العام الماضى 2011 وعام 2010 التى تقول: إن الأسلمة فى أوروبا ارتفعت بنسبة 17% لتعد أكبر زيادة يسجلها الدين الإسلامى فى أوروبا، ليصل عدد المسلمين إلى 23 مليون مسلم يحملون الجنسيات الأوروبية فى 19 دولة تابعة للاتحاد الأوروبى، وينضم إلى هؤلاء الذين ليس لهم إقامات رسمية ويصل عددهم إلى 7 ملايين مسلم.. قال مسئول بارز فى الفاتيكان: إن على المسيحيين فى أوروبا إنجاب عدد أكبر من الأطفال وإلا واجهوا احتمال أن تصبح قارة أوروبا مسلمة.. وقال الأب الإيطالى بييرو غيدو: إن انخفاض معدل المواليد بين الأوروبيين الأصليين والزيادة غير المسبوقة فى عدد المهاجرين المسلمين الذين لديهم عائلات كبيرة يمكن أن يجعل الإسلام يهيمن على قارة أوروبا فى غضون بضعة أجيال. إن قادة الغرب يدركون هذه الحقيقة جيدًا ولهذا يحاولون محاولات مستميتة لتشويه الإسلام ونبيه وأهله؛ وذلك للحفاظ على ما تبقى من هويتهم وثقافتهم المسيحية التى تكاد تنقرض. إنه وعد الله كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((ليبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلَّا أدخلَهُ اللهُ هذا الدِّينَ، بعِزِّ عزيزٍ، أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يعزُّ اللهُ به الإسلامَ، وذلًّا يذِلُّ اللهُ به الكفرَ)). [email protected]