كشف الكاتب والسيناريست بلال فضل، عن سر ينشر لأول مرة عن الفنان الراحل طلعت زكريا، حيث شدد الأخير على الأول عدم إفشاء هذا الأمر الذي دار بين الرئيس الأسبق حسني مبارك والفنان طلعت زكريا طوال حياته. وقال "فضل" في مقال له بعنوان " عن طلعت زكريا الذي لا تجوز عليه إلا الرحمة"، أن الرئيس الأسبق "مبارك" طلب مقابلة طلعت زكريا بعد فيلمه الذي حقق نجاحًا كبيرًا "طباخ الريس"، مشيرًا إلى أن "مبارك" وعده وقتها بعمل جزء تاني "سواق الريس"، كاشفًا عن تفاصيل مثيرة في رحلة الفنان الراحل. وجاء نص مقال "بلال فضل"، كالتالي:- اشتغلت مع الكوميديان الجميل طلعت زكريا من أول فيلم ليا "حرامية في كي جي تو" اللي لعب فيه دور سباعي الجارحي خليفة أبو نسمة، وكان أول فيلم بياخد فيه فرصة كويسة بعد تعب طويل في الاستديوهات والمسارح، حبيته على المستوى الإنساني من أول لقاء، واشتغلت معاه في أفلام (خالتي فرنسا أبو علي سيد العاطفي)، وعمل مشهد معايا في (عودة الندلة) مجاملة للأستاذة عبلة كامل، وأول بطولة ليه هو وياسمين عبد العزيز في فيلم (حاحا وتفاحة) كانت من تأليفي وإنتاج محمد السبكي، وكسّر الدنيا في السينمات ونقل طلعت نقلة كبيرة ماديا لكنه لم يحسن استغلالها بعد كده للأسف لغاية ما عمل (طباخ الريس) ونجح بيه جدا، وبرضه ما عرفش يستثمر نجاحه صح بعدها. فاكر إن أنا وصديقي علي رجب توسطنا عند محمد السبكي قبل (سيد العاطفي) عشان يدفع له خمسة آلاف جنيه فلوس آخر دفعة أظن كانت من فيلم عوكل وكان السبكي أهدر دمها، وطلعت زكريا حلف ميت يمين إنه مش هيشتغل مع السبكي إلا لما ياخدهم حتى لو كان هيديه أجر عالي، لإنه ما ينفعش يشتغل مع حد واكل حقه، كنت باحب أسمع كلامي على لسانه، واتخضيت عليه جدا لما أصيب فجأة في عز نجاحه بالمرض الغامض اللي كان هيودي بحياته، بس ربنا كتب له عمر جديد، وكل أصدقاءه وأنا منهم دعمناه معنويا لغاية ما خف وبقى كويس ورجع يشتغل. كان بيننا مشاريع لم تتم بسبب خلاف سياسي بدأ قبل الثورة بالمناسبة، وحصل بعد ما حسني مبارك عزمه على القصر بعد ما اتفرج على فيلم (طباخ الرئيس) اللي عجب مبارك جدا، لإنه بيرسخ فكرة "هو حلو بس اللي حواليه وحشين"، وكان من تخلف الرقابة في مصر إنها ما لقطتش الفكرة دي، المهم طلعت لما خرج كلم عياله يفرحهم، وبعدين كلمني عشان يقولي: "احنا كنا فاهمين الراجل ده غلط.. أنا حبيته لما شفته وعايز أقعّدك معاه"، أنا مت من الضحك طبعاً، وقلت له حاضر يا طلعت أنا باضرب سمك دلوقتي، أخلص ونطلع سوا على القصر، وصمم فعلا يشوفني، وقعدت أقوله هو مبارك ده واخد مني ومنك حتة أرض وهنصالحه، وأشرح له إزاي مبارك مودي البلد في ستين داهية، وهو يسمع كلمتين من هنا ويقاطعني ويقولي بس ده بيحب صاحبك وأنا ما يرضينش إنك تظلمه. وبعدين بعد تردد قالي كده بالمفتشر إنه ينصحني أعتذر لمبارك، عشان في خير كتير جاي وهو مش ناسي وقفتي جنبه وإني كنت وش السعد عليه وعايز يرد لي الخير، ولما لقاني مش فاهم قالي إن الريس قاله إن الدولة هتدعمه في أي مشاريع بيفكر فيها، وإنه هيبدأ بإنه يعمل جزء تاني من طباخ الريس، أظن كان هيعمل سواق، وبعد كده هيعمل جزء تاني من حاحا وتفاحة، طبعا كان محلفني على المصحف إني ما أكتبش حرف من اللي قاله، وطبعا التزمت بالحلفان، لكن كتبت مقال ساخر تقيل حبتين من مبارك بعنوان (الطماطماية) وكلمت طلعت وقلت له أنا نشرت اعتذار لمبارك في الدستور، وهو يا عيني صدق وبعت يجيب الجرنان، ولما قرا المقال كلمني واتخانقنا وكانت دي آخر مكالمة ما بيننا، وما اتقابلناش ولا اتكلمنا من ساعتها. عشان كده لما طلعت قال تصريحاته المنحطة عن الثورة واللي اشتهرت بجملة "وعلاقات جنسية كاملة"، زعلت منه وأشفقت عليه، لإنه وقع في الفخ اللي بيوقع فيه أغلب اللي بيقربوا من السلطة، إنهم يصدقوا إنهم مهمين زيها، طلعت كان متصور إنه بيدافع عن حسني مبارك صاحبه اللي أعجب بيه وخلاه هو اللي جاي من تحت يقعد في القصر الجمهوري، زعلت من طلعت مش لإنه قال رأي، هو ما قالش رأي سياسي ناقد للثورة، ده حقه وحق أي مواطن، لكن لإنه كذب وافترى على الناس اللي كانت بتضحي بحياتها عشان حقها وحقه وحق كل المصريين، وزعلت كمان لإنه اتصدر في سكة إنه حامي الأخلاق والفضيلة، وده ما كانش يصح خالص، وما ينفعش أي حد في الدنيا مهما كان ينصب نفسه حامي للأخلاق والفضيلة، ويمكن ربنا أراد يبعت له بعد كده اختبار يفكره بخطورة الافترا على الناس، وكنت متصور إنه هيتعلم من الاختبار ده. بعد خلع مبارك، طلعت اتلخبط جدا لما شاف الناس اللي كانت بتهنيه على شجاعته لإنه شتم اللي في الميدان، بيهنوا بعض بخلع مبارك وتحرر مصر، خاف على نفسه وعلى رزقه، وطلع اعتذر عن اللي قاله، بس ما تمش بروزة اعتذاره زي ما تم بروزة شتيمته، وبعت لي مع كذا صديق إنه عايز يشوفني وإنه ندمان على اللي قاله، وقلت لصديقي ده إني متصور إن الثورة آخر هم أي حد عاقل فيها هو الانتقام من طلعت زكريا أو غيره، وإنه المفروض يطلع في أكتر من مكان يعتذر بشكل شخصي للناس اللي جرحهم، ويقول ليه هو قال كده، وهل حد طلب منه يقول الكلام ده، يكون صادق مع الناس، وصدقه ده يكفي وزيادة، ولحد دلوقتي ما أعرفش هل عمل كده فعلا ولا لأ، لكن اللي أنا شفته للأسف إنه لما انحسر المد الثوري، وعليت أصوات الانتقادات ليها، طلعت لحس اعتذاره، ومع اشتداد الهجوم على الثورة رجع تاني يشتم الثورة والثوار ويفتخر باللي قاله ويعتبر نفسه صاحب رؤية وموقف، ومع أزمة السينما كانت البرامج في الفترة دي مصدر رزقه فكل شوية تلاقيه طالع بيتقايا الكلمتين هما هما وفرحان بيهم. لما كان حد يهاجم طلعت ويجيب وسط هجومه كلمة موقف أو رأي، كنت باضحك، لإن طلعت اللي أعرفه هو طلعت اللي شفته لأول مرة في مسرح سمير غانم، كان مقعّد على رجله قزم من الأقزام اللي شغالين في المسرحية، وكان في بنت منهم جميلة جدا بتلعب دور رقاصة، وكان دمها خفيف جدا ونازلة تريقة على طلعت والأستاذ سمير اللي كان ميت من الضحك على الحوار اللي بينها وبين طلعت، كان طلعت من القلائل اللي بيضحكوا سمير ملك الهزل، عشان كده لما طلعت قالي وهو بيكلمني عن (طباخ الريس) إنه عايز يعمل أفلام زي عادل إمام، ضحكت وتمنيت له الخير، ومحبتي ليه منعتني من إني أقول له: بس عادل إمام بكل اللي ليه واللي عليه موضوع تاني خالص يا طلعت. لو ما كانش طلعت اتصدر في سكة مش ليه، لو ما كانش صدق إنه صديق الريس ومن علية القوم، لو ما كانش افتكر إن رأيه السياسي مهم، كان زمانه زي فنانين كتير، مركزين في فنهم، وكان كمل ضحك وبهجة من غير ما يضطر يخوض في أعراض الناس عشان ينصر موقف سياسي، كان ممكن يقول رأيه كمواطن من غير ما يغلط، وهو الإنسان اللي أشهد له بإنه كان طيب وغلبان ومش بتاع أذية لحد، وكان ممكن يكتفي بالاعتذار اللي اعتذره وما يكابرش ويزعل منه ناس بتحبه وكان ولا زال بيبهجها، نفس اللي زعلانين منه وغضبانين على اللي بيقول عنه كلام حلو، هما اللي بيفتكروا مشاهده وجمله وبيضحكوا عليها وبيعملوا منها ميمز. مش هاقولك يا طلعت "محا الموت أسباب العداوة بيننا" لإني عمري ما عاديتك، مع إني باعادي عادي، لكن كنت طول الوقت شايف معاداتك حاجة هايفة أوي، وده اللي بعثتهولك مع كل الأصدقاء المشتركين ما بيننا، أنا زعلت من اللي انت عملته في ناس ما أذتكش، زعلت ارتكبت جريمة سب وقذف في وقت كان خطر جدا والسب فيه لما يتقال مصحوب بالحلفان ممكن يبقى سبب في استحلال دم الناس، تخيل إني ما زعلتش منك بشكل شخصي لما شفتك في كذا برنامج بتتهمني بالخيانة، بالعكس ضحكت لإن أول حاجة جت في بالي هي قعدة مسرح سمير غانم، اللي افتكرتها بعد ما قريت خبر وفاتك، وافتكرت بعدها الضحك الكتير اللي جمعنا، وافتكرت لما أنا وانت وكريم عبد العزيز وأحمد جلال حضننا بعض واحنا بنعيط من الفرحة في حفلة تسعة لفيلم أبو علي تاني يوم العيد سينما مترو أيام ما كانت ألف كرسي قبل ما يتنيلوا يقسموها، وإزاي كنت مذهول من رد فعل الناس على كل جملة بتقولها، افتكرت لما حبيت أزود مشهد ما بينك وبين مدام عبلة في خالتي فرنسا وعملت مشهد المقابلة على النيل وكنت طاير من الفرحة وأنا باحضر تصويره، افتكرت حكاياتنا عن اسكندرية وذكرياتنا في شوارعها والشخصيات اللي ما ينفعش تتفوت من غير ما تتعمل في أفلام، افتكرت كل المكالمات الحلوة اللي بيننا بعد ما بتقرا سيناريو أو بعد ما بتروح سينمات أو حد يقولك كلام حلو في الشارع على فيلم من أفلامنا، افتكرت كلامك الجميل عن ولادك وأحلامك ليهم، يارب يكونوا حققوها وربنا يصبرهم على فراقك. الله يرحمك يا طلعت ويغفر لك ويارب تكون استغفرت عن خوضك في أعراض الناس، وأنا عن نفسي مسامحك، وبرضه متفهم رأي اللي زعلانين منك وبيشكوك لربنا، وأملي في عدل ربنا ورحمته ليا وليك ولكل البشر. مع السلامة يا طلعت، الله يسامحك.