منذ أكثر من عام طرحت إحدي السيدات ونائبة في البرلمان الحالي أن تقتطع الحكومة من أساتذة الجامعات مرتباتهم فترة الصيف حيث عطلة في الدراسة ومن ثم وحسب وجهة نظرها المحدودة والمسرفة في الجهل أنه لا داعي أن يحصل الأساتذة علي مرتب وهم لا يعملون. هذا الطرح لنائبة البرلمان والذي أكبر الظن أنه كان بإيعاز وتوجيه أو تحريض من البعض الذين يمسكون خيوط اللعبة بأيدهم ويحركون الأمورحسب ما يتراءي لهم وكأن ما قالته تلك السيدة يرمي إلي أن يحاسب العلماء وأساتذة الجامعات بعدد أيام الحضور، وهو خلط في المفاهيم ورؤية ضبابية مشوشة للمسئولين ومتخذي القرارات عن طبيعة عمل العلماء. إذا نظر لمرتبات العلماء من أساتذة الجامعات وفي المراكز البحثية من درجة معيد أو ما يساويها ألي درجة أستاذ بمفهوم كام ساعة يعمل أو عدد الايام التي يذهب فيها إلي مكان عمله، يجب علي من بأيديهم تقييم مرتبات العاملين بالدولة وأصحاب القرار أن يراجعوا معلوماتهم ونظرتهم القاصرة فيما يستحق العلماء من أجر أنهم-أي العلماء-يعملون حتي وهم في بيوتهم وقد تشغلهم هموم العمل والأفكار والقراءة والفحص أوتحكيم رسائل أو أبحاث وكتابة تقاريرعليها أو تحضير محاضرات وغيره للدرجة التي قد تسرق أعمارهم لأنها تقلل من مساحة الإستمتاع بمفردات الحياة العادية والتي يعيشها ويستمتع بها المحظوظين في بلادنا ناهيك عن التافهين. لو كان الأجر يُحسب بعدد ساعات العمل لما حصل مقدمي البعض في مجتعاتنا علي الملايين مقابل ساعات قليلة لا يبذل فيها أي مجهود سوي أن يقول ما يملي عليه، بل قد يحصل ممثل أومطرب أو لاعب الكرة وغيره علي الملايين بما يعادل الآلاف في الساعة الواحدة، لكن عندما تحاسب الحكومة العالم وأستاذ الجامعة تنسي أنه يقضي معظم وقته تشغله هموم عمله حتي وهو في مكان معيشته، مثال بسيط يعكس ما يعيشه الأساتذة من كوميديا سوداء وهو سنوات يقضيها مشرفاً علي طلاب الدراسات العليا بجنيهات معدودة لو كانت بدون مقابل تكون أكرم لهم حيث يتم حسابها طبقاً لقوانين ولوائح منذ حوالي خمسون عاماً. ولن نخترع العجلة فالدول المتحضرة تعامل علمائها وأساتذة الجامعات عندهم بكثير من التكريم والتبجيل والتوقير، فضلاً عن بذل العطاء المادي والمعنوي لهم نظراً لأنهم يعرفون قدرهم وجزاء ما يحقق العلماء لبلادهم من تقدم وإزدهار. بعض الزملاء من أساتذة الجامعات أو مراكز البحوث-واحد مننا-قد يجعلهم وضعهم الوظيفي وقربهم من أصحاب القرار ينقلون صورة كاذبة غير حقيقية عن الجنة التي يعيش فيها زملاءهم إفتراءاً ظناً منهم أنهم بذلك سوف يمنحون وظائف أعلي أو يزاد لهم في العطاءات والحوافز حتي لو كانت علي جثث زملاءهم، تجد أكثر هؤلاء المتزلفين يتظاهرون بأنهم متضامنون مع زملاءهم، ويمكن تشبيههم كالذين يأكون مع الذئب ويبكون مع الراعي. ولأنهم يصمتون صمت القبور أو يتنصلون ويتبرأون من أي حملات يطالب فيها زملاءهم بتعديل أوضاعهم المالية والمعيشية والتي أصبحت مثار تهكم وسخرية من فئات أخري في المجتمع. المفارقة والأمر الذي يدعو للإستغراب أنه ونظراً لما نغرق فيه من إختلالات في الأمور بسبب أهل الثقة أولي من أهل الخبرة، فأن هؤلاء الجبناء الإنتهازيين الطبالين، وقياساً علي مواقف سابقة ومنذ حكم مبارك هم أكثر من يستفيد من أي نجاح يخلف مجهود أومجاهدة ومثابرة زملائهم الشجعان في الحصول علي الحقوق، لأن أكثرهم يستخدم أساليب الحواة في التلون وركوب الموجة والقفز علي.