سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رؤية صادمة لأحد علمائنا بالخارج إصلاح التعليم الجامعي لن يتم ب «الجدود» أو أساتذة علي الورق! د.منصور المتبولي: كل من وصل إلي سن 65 يجب أن يتوقف عن التدريس للطلاب
ذهبت إليه بدعوة من جامعة فيينا فور وصولي للنمسا بعد أن فاقت شهرته الحدود وذاع صيته بين الجميع، وأصبح الكل في النمسا يتحدث عنه كعالم مصري أصبح هو المسئول الأول عن أمراض الثروة السمكية بالنمسا وعلاجها. وذهبت إليه بعد أن جاء إلي مصر بدعوة رسمية من الدولة للاستفادة من علمه ورؤيته في كيفية إدارة منظومة المزارع السمكية في مصر بحيث لاتتعرض لأي مخاطر، وكيفية تنظيم الإنتاج بها، وكيفية تطبيق المعايير العالمية فيها ومنع التلوث بها، وقد التقي به الرئيس عبد الفتاح السيسي أيضا وعرض عليه هذه الرؤية بإيجاز، كما التقي بالفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناةالسويس وأعطي له رؤيته أيضا في كيفية تعظيم الاستفادة من المزارع السمكية الموجودة في أحواض الترسيب التي نتجت عن حفر قناةالسويس الجديدة والتي يصل عددها إلي 4500 مزرعة. وذهبت إليه أيضا بعد أن علمت أنه قد أصبح ملما بواقع التعليم الجامعي عندنا في مصربشكل يفوق إلمام الكثيرين الذين يعملون داخل هذه الجامعات، وأصبحت له رؤية واضحة في كيف ننهض بتعليمنا الجامعي في مصر بشكل حقيقي، وهذه الرؤية بدأ في تكوينها منذ أن كان معيدا بكلية العلوم بجامعة جنوب الوادي بمحافظة قنا، وكان زميل ودفعة د.عباس منصور رئيس الجامعة الحالي، ونضجت هذه الرؤية بعد أن ذهب إلي جامعة ميونيخبألمانيا عام 1980 ثم انتقل منها مؤخرا إلي جامعة فيينا بالنمسا كأستاذ بكلية الطب البيطري بها وهي الوحيدة من نوعها بالنمسا ليكون العالم الأول بالنمسا كلها المتخصص في أمراض الأسماك. أسباب الانهيار بجامعاتنا الغريب أن د. منصور المتبولي أكد لنا في البداية أنه عندما جاء إلي جامعة ميونيخبألمانيا عام 1980 لم يجد وقتها بهذه الجامعة فرقاً كبيراً بين مستوي الدراسة بهذه الجامعة في ألمانيا وبين الدراسة بالجامعات المصرية، لكن ماحدث بعد ذلك هو أن جامعة ميونيخ وبقية الجامعات الأجنبية ركزت علي الاهتمام بالعلم وبالبحث العلمي، وتحولت جامعاتنا في نفس الوقت أيضا إلي جامعات تلقينية فقط وأهملت العلم والبحث العلمي، ولهذا حدث بها حالة الانهيار الذي نعيشه الآن ليس بالجامعات فقط بل في كل مراحل التعليم، وأصبحنا في ذيل الدول بالنسبة لجودة العملية التعليمية، خاصة بعد أن توقف معظم الطلاب عن دخول المعامل البحثية سواء بالمدرسة أو الجامعة، وأصبح إهتمام أي معيد يتم تعيينه بالجامعة أن يصبح » دكتورا» فقط يقوم بالتدريس والتلقين وبيع الكتب، ولم نعد نهتم بإعداد الفنيين والتقنيين بهذه الجامعات ملثما هو حادث في الجامعات الأجنبية، وأصبح كل أستاذ بالجامعة يريد أن يكون تحت يديه فقط أكثر من معيد أومدرس مساعد يشرف عليه ليحوله إلي أن يكون أشبه ب » الواد بلية الميكانيكي » ويتفنن في إذلال هذا المعيد حتي يحصل علي الدكتوراة، كما تحولت معظم جامعاتنا إلي إعداد أبحاث للترقي فقط وتكدست الأقسام بالأساتذة سواء الذين مازالوا في الخدمة أو الأساتذة المتفرغون، لدرجة أن هناك أقساماً الآن ببعض الكليات أصبح بها أكثر من 30 أستاذاً، وطبعا كل سنة الأستاذ »عايز ولد بلية » كمعيد من أجل أن » يذله » طوال فترة الإشراف عليه، ولذلك يوافق الأساتذة بالاقسام المختلفة علي تعيين معيدين جدد كل عام سواء كان القسم يحتاج إليهم أو لايحتاج خاصة في الكليات العملية، حتي ان بعض كليات الزراعة علي سبيل المثال وصل عدد اعضاء هيئة التدريس بها والهيئة المعاونة إلي أن أصبحوا أكثر من عدد الطلاب الملتحقين بالكلية. أستاذ واحد فقط! أما الكليات النظرية فعكس ذلك تماما لأنهم لايريدون أجيالا تنافسهم في بيع الكتب أو بمعني أدق » تجارة الكتب » أما في النمسا هنا وفي أوروبا كلها لايوجد بالقسم العلمي سوي أستاذ واحد بدرجة أستاذ حتي تستطيع الجامعة محاسبته، وقد يتم تعيينه بمسابقة ويأتي فيها من أي جامعة أخري من أي مكان في العالم وليس من داخل الدولة فقط ويكون لهذا الأستاذ مساعدون وفنيون ومعيدون أيضا لأن المكان لابد أن يكون له قائد واحد وإلا ستغرق السفينة إذا تعددت قياداتها، ويجب أن يتم منع تعيين أي أستاذ في أي قسم في مكانه من البداية، أي نوقف مايسمي بالترقيات في نفس المكان. لابد من تغيير القانون لذا أري والحديث مازال مع د.منصور المتبولي أنه لابد من تغيير قانون تنظيم الجامعات، وأن نبدأ في إصلاح الواقع الجامعي من أسفل إلي أعلي، وأن نتوقف عن تعيين معيدين جدد التي تتم الآن دون قواعد أو ضوبط، والذي قد تتغلب فيه أيضا المصلحة الشخصية والمحسوبية في عملية التعيين، وذلك حتي نقلل من تكدس أعضاء هيئة التدريس في كثير من الأقسام، وأن نستفيد من الموجودين حاليا من الأساتذة بعد أن وصل عددهم في بعض الأقسام إلي 20 و30 أستاذاً، وأن نضع في هذا القانون الجديد لتنظيم الجامعات شرطا بأن أي عضو هيئة تدريس لايحصل علي درجة أستاذ أو أستاذ مساعد علي الأقل قبل سن إحالته للمعاش في سن الستين ويجب ألا يستمر وجوده بالجامعة لأنه لم يطور نفسه، ولم يطور فكره، وإنشغل عن البحث العلمي والبحث عن الجديد في تخصصه واستمر في التدريس للطلاب مناهج عقيمة وقديمة وعفا عليها الزمن، ويصبح الضحية هنا هو الطالب لأن عضو هيئة التدريس هذا لم يدرك أي تطور حدث في تخصصه علي مستوي العالم ولو كان قد أدرك لأجري البحوث العلمية في كل ما هو جديد وتقدم للترقية لدرجة أستاذ مساعد أو أستاذ. تقييم كل 5 سنوات ويستكمل د. منصور رؤيته أيضا لإصلاح التعليم الجامعي في مصر مستمدا أسسها مما يحدث في أوروبا الآن ويتم تطبيقه في كل الجامعات الأوروبية ويؤكد أنه يجب أيضا ألا نجعل عضو هيئة التدريس يستمر في مكانه دون تقييم كل خمس سنوات خاصة الأساتذة وذلك من خلال لجنة متخصصة، وإذا لم يكن هذا الأستاذ ملتزما بالحضور والتدريس للطلاب وملتزما بإجراء البحوث العلمية بالكلية أو بالقسم الذي هو فيه يتم عمل إعلان لتعيين أستاذ آخر بدلا منه مثلما هو موجود حاليا في جامعات النمسا والجامعات الأوروبية أيضا كما يجب ألا يكون تعيين أي عضو هيئة تدريس في مكان مفتوحا وأبديا وغير قابل للتغيير. إذا فعلنا ذلك سنجد الأساتذة وقد تواجدت بالكلية، وقامت بالتدريس للطلاب للاستفادة من علمهم، وأثروا البحث العلمي بشكل حقيقي، ولن نجد المشهد الذي نعيشه الآن في جامعاتنا في كليات الطب علي سبيل المثال التي لايوجد معظم الأساتذة بها معظم شهور السنة، وقد لا يوجد في بعض الأحيان 10% منهم فقط لكن معظمهم يكون مشغولا في عيادته الخاصة أو مستشفاه الخاصة ولايجد أحداً يحاسبه مادام راتبه يتم تحويله كل شهر علي حسابه في البنك، وبالتالي لايقوم بعملية التدريس للطلاب في معظمها سوي المدرسين وبعض الأساتذة المساعدين وتساعدهم الهيئة المعاونة. أزمة الأستاذ المتفرغ ويشير د. منصور المتبولي إلي مرض آخر أصاب الجامعات المصرية ولايوجد له نظير في كل جامعات العالم خاصة الأوروبية منها وهو نظام » الأستاذ المتفرغ » الذي يستمر فيه الاستاذ علي قوة العمل بالجامعات المصرية حاليا إلي أن يتوفاه الله، مع أنه بعد سن ال 65 سنة يكون معظمنا غير قادر علي التدريس أو البحث العلمي بشكل حقيقي، ويظل كل واحد من هؤلاء »الجدود» جامدا بفكره الذي توقف عن تقبل أي جديد في العلم والتخصص منذ سنوات طويلة، ولايعترف هؤلاء الأساتذة المتفرغون بأن هناك ثورة علمية في كل المجالات يجب أن يتركوها للأساتذة الشباب ماداموا هم بفعل الزمن والطبيعة الإنسانية غير قادرين علي استيعابها، بل ويبدأ هذا الأستاذ المتفرغ في محاربة أي فكر جديد يأتي من تلامذته المطلعين علي الجديد في العلم وفي البحث العلمي. نفعل ذلك ونترك مايسمي بالأساتذة المتفرغين علي رأس العمل ونحن ندرك أن هناك حقيقة علمية لاينكرها أحد وهو أن الأستاذ بعد سن ال 65 علي الأكثر تقل قدرته علي الاستيعاب وقدرته علي العطاء وقدرته علي التطبيق، ولهذا لابد أن نوقف هذه المهزلة المسماة ب » الأستاذ المتفرغ » الذين وصلت نسبتهم بكثير من الكليات إلي أكثر من 30% من إجمالي قوة أعضاء هيئة التدريس بهذه الكليات، وأن يتوقف الأستاذ عن التدريس عند سن ال 65 سنة علي الأكثر، ويمكن أن يحصل علي نصف راتبه بدلا من المعاش الهزيل الموجود الآن، أو حتي راتبه بالكامل، لكن لاأجعله يستمر في عملية التدريس وأن يكون علي رأس العمل بالكلية كما هو الآن، وإن كان هذا الأستاذ لايحضر كثيرا للكلية ويطلب من أحد تلامذته أن يدخل المحاضرة مكانه. أتوقع الهجوم أقول ذلك والحديث مازال علي لسان د.منصور المتبولي العالم المصري بجامعة فيينا بالنمسا وأنا أعلم تماما أن هناك الكثيرين من هؤلاء الأساتذة سيهاجمونني لكنني أطرح رؤيتي والواقع الذي نطبقه في أوروبا وستكون الكرة في ملعب متخذ القرار إذا كان يستطيع تنفيذه وإذا أراد أن ينقذ الجامعات المصرية من الفكر العقيم غير المتطور بهذه الجامعات.. وأري أن هذا الأستاذ لو أراد أن يستمر بالعمل في كليته إذا وجد أنه مازال لديه القدرة علي العطاء أن يكون ذلك من الخارج بشرط أن يأتي هذا الأستاذ لكليته بمشروع بحثي يشرف هو علي تنفيذه ويدر علي كليته عائدا ماديا ملموسا، وأن يكون هذا الأستاذ بمثابة الضيف علي الكلية يمكنه ان يستخدم معاملها وأجهزتها العلمية في تنفيذ هذا المشروع البحثي الذي تعاقد عليه مع جهة ما مادام سيحقق دخلا ماديا للكلية طوال مدة تنفيذ هذا المشروع. الإصلاح ليس بالجدود ويؤكد د. المتبولي مرة أخري أن إصلاح التعليم الجامعي في مصر لن يتم مادام به نسبة كبيرة من هؤلاء »الجدود » التي ستشد قاطرة التطور دائما إلي الخلف، ولن تسمح بوجود فكر متطور يجعلها تظهر وكأنها أصبحت بعيدة عن تطورات العصر الحديث، ولهذا ترفض أي تطوير للمناهج بأي من كليات الجامعات المختلفة، مع أن هذه المناهج لابد أن يتم تغييرها كل عام وأن تضم الجديد في التخصص الذي يتسارع علي مستوي العالم كله، هذا لن يقوم به كبار السن من الأساتذة، كما يجب أن نغير من طريقة الامتحانات الجامعية العقيمة حاليا، وأن نحد من الالتحاق بالجامعات ونركز علي الإهتمام بالتعليم الفني في مصر لأنه لو تم إصلاحه سيكون هو قاطرة التنمية الحقيقية بها خاصة إذا علمنا أن من يلتحق بالجامعات في أوروبا لايزيد علي 18% من الفئة العمرية من 18وحتي 23 سنة، وأن الجزء الأكبر من الشباب يتجه للتعليم الفني لأنه هو الأهم، وله المكانة المميزة في المجتمع، ويحقق لمرتاديه عائدا ماديا يفوق عائد خريج الجامعة، وتعتبر ألمانيا أمامنا نموذجاً حياً في هذا المجال. يشرف علي 30 رسالة !! أما الظاهرة الخطيرة الأخري التي أصابت الجامعات المصرية كما يقول د.منصور المتبولي وجعلتها تتراجع إلي الوراء خاصة في البحث العلمي هو أن نجد الآن أستاذا يشرف علي 20 و30 رسالة علمية في كليته سواء في الماجستير أو الدكتوراة يفعل ذلك ولاأعرف من جانبي ماهو شكل هذا الإشراف مع هذا العدد الضخم، ولاأعرف كيف سيتذكر هذا الأستاذ خطة البحث الخاصة بكل رسالة وبكل باحث من الذين يشرف عليهم حتي يتابع التنفيذ لخطوات هذا البحث، وكيف سيتذكر موضوعات كل رسالة علمية أو أسماء المعدين لهذه الرسائل هل هذا هو البحث العلمي الذي نرجوه في جامعاتنا؟ أما أنها ستكون مجرد رسائل ماجستير ودكتوراة للترقي فقط ويحصل الباحث فيها علي لقب »دكتور» ثم يتم وضعها علي الأرفف دون الاستفادة منها؟ وأنا شخصيا لاأشرف علي أكثر من ثلاثة طلاب للدكتوراة وبذلك أستطيع أن أوجههم بشكل صحيح، وأن أتابع تنفيذهم للخطة البحثية، وأن يكون لنتائج بحثهم مردود حقيقي في حل مشكلات المجتمع.