أثارت مبادرة تنظيف المقابر من أعمال الدجل والشعوذة التي دشنتها بعض قرى ومراكز محافظة القليوبية خلال الأيام الماضية، انقسامًا حولها ما بين مرحب ومعارض. وبينما أثنى البعض على المبادرة رفضها آخرون باعتبار أنها قائمة على أمور ظنية وليس قطعية الثبوت، ما ينتج عنه إيذاء الموتى حال فتح أحد المقابر واكتشاف أنها خالية من السحر. ودشن أبناء بعض قرى ومراكز القليوبية خلال الأيام الماضية مبادرة تحت مسمى «بأيدينا هنطهر مقابرنا»؛ لتنظيف المقابر من أعمال السحر والشعوذة،. ولاقت المبادرة قبولًا كبيرًا بين أبناء المحافظة، تبعه انتشار واسع لها، لا سيما أن أهالي قرية قرنفيل بالقناطر الخيرية، التي دشنت المبادرة أبطلت عدد كبير من الأعمال التى دسها أصحاب النفوس المريضة بجوار المقابر. وقال شريف عزازي، الذي أطلق المبادرة بقرية قرنفيل بالقناطر الخيرية، أولى قرى المحافظة التي أطلقت المبادرة، إن المبادرة لاقت قبولًا حسنًا بعد أن تم تدشينها بقرية قرنفيل بالقناطر الخيرية، وبدأت القرى المجاورة في تطبيقها، ووجدت ما يحزن القلب من أعمال السحر والشعوذة. وأضاف، أنه بلغ إجمالي عدد الأعمال التي تم العثور عليها بمقابر ال5 قرى 140 عملًا أسودًا، وتم على الفور بمشاركة مشايخ تلك القرى العمل على إبطالها، مشيرًا إلى أن فكرة المبادرة جاءته حينما وجد بعض طلاب القرية الذين تميزوا بالتحصيل العلمي والحصول على المركز الأول على مدار سنوات طويلة، تدهور بهم الحال وأصبحوا يكرهون المدارس بشكل لا يصدق، فعكف على تدشين المبادرة. وتابع، أنه في البداية قام بعمل جروب على موقع التواصل الاجتماعي لأهل قرية قرنفيل بالقناطر الخيرية، وقام بطرح المبادرة، وتم تحديد موعد للتنفيذ وكان التوافق على يوم الجمعة لأجازة الجميع من عملهم، وبدؤوا بتقسيم المقابر، والحفر والبحث بجوار الجدار الخاص بكل مقبرة، وبالفعل بدؤوا في حصاد مجهودهم ووجدوا العديد من الأعمال. وأردف: «وجدنا كفن على حجر طوب وشمع عليه صليب وعظام رأس قرموط سمك وعظم لوحة الكتف ونبات شكله غريب ملفوف بشكل معين وجريد نخل بالزعف مربوط بقماش معين وثلاث جماجم بشرية وجمجمة ماعز وأوراق عليها طلاسم غير مفهومة». الدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بطنطا، قال إنه «لا مانع شرعًا من قيام الشباب كل فترة بتنظيف المقابر من أعمال السحر والشعوذة التي باتت منتشرة على نطاق واسع ويقتنع بها بعض المواطنين». غير أنه شدد في تصريح إلى «المصريون» على ضرورة عدم فتح القبر الحديث الذي لم تبلى فيه الجثة؛ حتى لا يتم إيذاء الميت. وتابع: «لا شك أن السحر موجود، ومنه ما يسعى إلى التفرقة بين المرء وزوجه وكذلك إفساد العلاقات عمومًا، ومن ثم هذه حقائق لا يمكن إنكارها». واستدرك: «هناك بعض النساء وأيضًا الرجال يذهبون للسحرة من أجل تحقيق بعض الأهداف وهؤلاء السحرة يحصلون منهم على أعمال فيما ينصحهم آخرون بدفن العمل بالمقابر». وأشار إلى أنه على المسلم أن يتيقن من أنه لن يضره أحد إلا بإذن الله وفقًا لقوله تعالى «وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله»، داعيًا العلماء إلى «توجيه المواطنين بأن ذلك لن يضرهم ولن ينفعهم إلا بإرادة ومشيئة الله تعالى، ولا يقتصر دورهم على ذلك بل لابد من محاربة هؤلاء السحرة». في المقابل، أبدى الدكتور عوض إسماعيل، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أبدى استياءه من الحملة التي أطلقت لتنظيف المقابر من السحر، مبررًا ذلك بأنها قائمة على أمور ظنية وليست قطعية الثبوت. وأضاف ل«المصريون»، أنه مع أي حملة أو مبادرة تدفع الأمة والشباب للأمام، لكنه ?«هذه المبادرة ليست قائمة على أسس علمية وثوابت تؤكد أن تلك المقابر تحوي أعمال سحر وشعوذة، ما يؤدي إلى إشغال المسلمين بأمور لن تجدي نفعًا». وتساءل: «ما أدراهم أن تلك المقابر بها أعمال وسحر؟، ومن أين تأكدوا؟، وما الموقف حال فتح أحد المقابر واكتشاف أنها خالية؟»، مستكملًا: «الموضوع لا يؤخذ هكذا وهناك خطوات أخرى لابد من اتباعها». وكيل كلية الدراسات الإسلامية، لفت إلى أن «الشباب والدعاة عليهم بدًلا من إطلاق تلك المبادرة الإبلاغ فورًا عن السحرة والمشعوذين، لا سيما أنهم معروفون للجميع في كل منطقة، كما أن الدعاة عليهم تدشين مبادرات تفيد الشباب وتزيد درجة الوعي والثقافة ويبصرونهم بتلك المسائل». فيماعبرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، وعضو مجلس النواب، عن استيائها من حملة تنظيف المقابر من السحر الأسود، التي بدأت في القناطر الخيرية. وأشارت إلى أنها مندهشة من الانحدار الفكري فيما يتعلق بأعمال السحر والدجل؛ كونها لا تتفق مع صحيح الدين أو العقيدة السليمة، متابعًة: «أنا أندهش من هذا المجتمع، ما بين الإلكترونيات والتعامل معها، وبين هذا الشكل من الانحدار، الذي يستدعونه الآن من القرون الوسطى». وأضافت أن حملة تنظيف المقابر من السحر الأسود تعد أعمالًا شيطانية تفسد عقيدة الإنسان، لافتًا إلى أنها تتعجب من الخرافات والشياطين التي تلعب بعقول البشر في مسألة الدجل. وشددت أستاذ العقيدة، على ضرورة مواجهة مثل هذه الممارسات بكل قوة، مردفة: «هذه جميعها أعمال شيطانية، وهذه من ألاعيب الشيطان التي يقع في حبائلها الجهلة، لأننا نمس أمر القدر العظيم، فلا يمكن لبشر أن يمسك بخير أو بشر لا يريده الله».