أعادت منظمة العمل الدولية بشكل رسمي مصر إلى قائمة ملاحظاتها القصيرة المعروفة إعلاميًا ب«القائمة السوداء»، التي تشمل الدول التي لا تطبق معايير العمل الدولية في ما يتعلق بالحريات النقابية، ما أثار جدلًا واسعًا. جاء ذلك خلال أعمال الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي، الذي تستضيفه جنيف بمشاركة 187 دولة عضو في منظمة العمل الدولية، بتمثيل ثلاثي للحكومات والعمال وأصحاب الأعمال. واتخذ القرار على الرغم من موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 213 لسنة 2017، بشأن إصدار قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي. وضمت القائمة السوداء 24 دولة منها مصر والجزائر وليبيا واليمن والعراق. وكانت المنظمة، رفعت اسم مصر من القائمة في مايو 2018؛ بسبب إعداد قانون النقابات العمالية وإجراء انتخابات عمالية بعد 12 عامًا دون القيام بهذا الاستحقاق. وهذه هي المرة الثانية التي يرفع فيها اسمها من القائمة، إذ كانت المرة الأولى في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، لكنها عادت إلى القائمة من جديد طوال السنوات الماضية. النائب عبد الفتاح محمد، أمين سر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ونائب رئيس الاتحاد المحلي لعمال الإسكندرية، وأمين عمال حزب «مستقبل وطن»، قال إنه لا يوجد أي مبرر أو داع حقيقي لإدراج منظمة العمل الدولية مصر على القائمة السوداء، معتبرًا أن المنظمة تضطهد مصر بلا مبرر. وأضاف ل«المصريون»، أن مصر أنجزت قانون المنظمات النقابية وتم إجراء الانتخابات بعد توقفها منذ عام 2000، إضافة إلى أن قانون العمل أوشك على الانتهاء، ومن ثم لا يوجد مبرر. أشار إلى أن مصر تلاشت كافة الملاحظات السابقة للمنظمة، وعلى الرغم من ذلك أدرجتها في القائمة السوداء، متسائلًا: «ماذا يعني هذا؟، ولماذا تضطهد المنظمة مصر؟، ولماذا بعد كل هذه الإجراءات يتخذ ذلك القرار؟». ولفت إلى أنه على الرغم من أن مصر تحارب الإرهاب إلا أنها استطاعت تحقيق خطوات ثابتة نحو التقدم والرقي في كافة المجالات سواء عمالية أو غيرها. وقال فايز أبو خضرة، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، إن «منظمة العمل الدولية ليس لها علاقة بحقوق العمال ولا يهمها مصلحة العمال، وبالتالي تقاريرها غير موثوق بها». وأضاف ل«المصريون»: «هناك دول أخرى عديدة لم تنجز قوانين مثلما أنجزت مصر، وتقهر العمال ويموت لديها الكثير منهم، وعلى الرغم ذلك لم تدرج ضمن القائمة». وتابع: «هناك ترصد لمصر ومحاولة لإظهارها لا تحترم عمالها وكذلك تسوية صورتها»، مضيفًا «في النهاية الحقيقية ستظهر ولن يستطيع أحد إخفائها». من جهته كشف النائب محمد وهب الله، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ورئيس فريق العمال في وفد مصر المشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف بسويسرا، حقيقة موقف مصر في هذا المؤتمر، حيث إنه تابع بمزيد من الحزن والأسى الحملة التي يقودها البعض للإعلان عن شماتتهم وتهليلهم لوضع اسم مصر على ما يسمى "القائمة السوداء" بمنظمة العمل الدولية، ومحاولاتهم المستميتة خداع الرأي العام في مصر بالترويج لشائعات مغرضة. فيما، شدد محمد سعفان، وزير القوى العاملة، على أن «الدولة المصرية حريصة كل الحرص على الارتقاء بمناخ العمل المصري، وأنها تنفذ كل ما تعد به لتحقيق إضافة وأثر إيجابي من خلال التعاون المشترك مع منظمة العمل الدولية، معربًا عن استعداد الحكومة المصرية للتعاون التام مع المنظمة لتتوافق قوانينها مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها». وقال «سعفان»، في تصريحات صحفية على هامش الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي، إن «الحكومة المصرية ممثلة في وزارة القوى العاملة، أنجزت 3 قوانين عمالية، منها إصدار قانوني التنظيمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم، وانتخابات مجالس إدارة شركات القطاع العام والأعمال العام، ومشروع قانون العمل الجديد المعروض حاليًا على البرلمان». وزاد: «لقد روعي قانوني التنظيمات النقابية وانتخابات مجالس إدارة الشركات معايير العمل الدولية والاتفاقيات التي صدقت عليها مصر، مشيراً إلي أنه بموجب ذلك تم إجراء الانتخابات العمالية خلال مايو 2018 بعد توقف دام 12 عامًا». وأكد أن «منظمة العمل الدولية كانت وما زالت شريكًا أساسيًا في كافة التعديلات التي تام إدخالها علي القوانين العمالية، وكانت لها إسهاماتها الفعالة في قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم رقم 213 لسنة 2017». وأضاف: «الحكومة المصرية ممثلة في ووزارة القوى العاملة، أخذت بكافة الملاحظات التي أبدتها لجنة الخبراء في المنظمة منذ عام 2008 على قانون النقابات رقم 35 لسنة 1976، وساهم القانون في إحداث تغيير جذري في قاعدة التنظيم النقابي المصري من خلال الانتخابات النقابية العمالية الأخيرة». وتابع: «إننا ما زلنا نعمل حاليًا على تعديل بعض أحكام قانون التنظيمات النقابية تنفيذًا لتوصية لجنة الخبراء في المنظمة، والمجلس الأعلى للحوار المجتمعي في مصر، وذلك بتخفيض الحدود الدنيا اللازمة لتشكيل المنظمات النقابية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، لتعزيز امتثال مصر لمعايير العمل الدولية». وحسب تصريحاته «بعد وضع مصر على قائمة الملاحظات القصيرة لحالات الدول المخالفة للاتفاقيات الدولية، فإن مصر تؤكد حرصها على توافق تشريعاتها لمعايير العمل الدولية، وأنها على استعداد لإدخال أي تعديل توصي به لجنة الخبراء بلجنة معايير العمل الدولية، وذلك بإجراء حوار مجتمعي خلال الفترة المقبلة مع منظمات أصحاب الأعمال وممثلي العمال، لنؤكد للعالم كله حرص مصر على امتثالها لمعايير العمل الدولية». السادات: أمر مؤسف وأبدى محمد أنور السادات، رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، استياءه من وضع مصر ضمن القائمة الطويلة (السوداء) كمصنفة ضمن الدول التي لا تراعي المعايير المتعارف عليها بشأن التنظيمات النقابية والعمالية والتشريعات التي تتعلق بهذا الشأن. وأوضح السادات في بيان، أن «لجنة المعايير في منظمة العمل الدولية صنفت مصر هذا التصنيف، على الرغم من النداءات الكثيرة والمطالبات المتكررة بضرورة مراعاة كل ما هو متعلق بالقضايا العمالية والنقابية والتشريعات التي تصدر بهذا الخصوص والتي يتم تعديلها أكثر من مرة ومع ذلك تصدر غير مطابقة وغير متوافقة مع المعايير الدولية». ولفت إلى أن «مراعاة هذه المعايير وغيرها هو الطريق الأمثل للاستثمار والنجاحات الاقتصادية وجذب المستثمرين وليس قوانين منح الجنسية للأجانب كما أن احترامنا للمعايير المتعارف عليها دوليًا في هذا الشأن وغيره سوف يكسبنا احترام العالم من حولنا ويزيد ثقة المستثمرين وإقبالهم على مصر للاستثمار في مختلف المجالات».