بعد "دريم"، بدأت قناة "الحياة" التنويه عن حوار أجرته مع أحمد شفيق. إنه موسم هرولة الإعلام للمرشح الخاسر فى انتخابات الرئاسة فى مقر إقامته بدبى حيث ذهب لأداء العمرة فاستطاب المقام هناك. منذ أن وضع المستشار أسامة الصعيدي قاضي التحقيق في قضية أرض الطيارين اسم شفيق على قوائم ترقب الوصول والممنوعين من السفر للتحقيق معه فى بيع 40 ألف متر لنجلى مبارك بأقل من 75 قرشًا للمتر وهو ضيف دائم على الفضائيات المصرية والعربية، وقد تطور ظهوره من التعليق بالصوت فقط، إلى الظهور عبر الأقمار الاصطناعية، والآن تذهب الكاميرات إلى بيته فى دبى لتسجيل حوارات مطولة تستغرق ساعات وتبث على حلقات كما فعل وائل الإبراشى فى ضربة البداية له ببرنامج "العاشرة مساءً" بديلاً عن اللامعة منى الشاذلى. كنت قد استبقت إذاعة حوار الإبراشي على حلقتين بأن كتبت إنها بداية غير موفقة له، وبالفعل بعد متابعة الحوار ومن جملة التعليقات عليه تأكدت أنني كنت على صواب تام في توقعاتى بأن شفيق لن يقدم جديدًا حيث سيكرر ما سبق وقاله مع الفضائيات الأخرى، وكل ما هنالك أن وائل أتاح له أن يشرح ويتحدث بإسهاب ليؤكد أنه ليس بريئًا فقط، بل لا توجد قضية من الأصل، ومن العيب أن تكون هناك قضية ضده. لكن الأمر اختلف تمامًا الآن ذلك أن شفيق لم يعد مطلوبًا للتحقيق فقط، بل صار مطلوبًا ضبطه وإحضاره وحبسه بعد إحالته إلى محكمة الجنايات مع 4 متهمين آخرين من العسكريين المسئولين عن جمعية الطيارين إضافة إلى علاء وجمال مبارك، وبالتالي صار شفيق الآن هاربًا من العدالة. حوار "دريم" وكما قلت قبل أن يذاع خرج بشروط شفيق، وبالسيناريو الذي رسمه له، وكما ذكرت فالأسئلة المحرجة كانت لزوم حبكة السيناريو وإظهار أن الهدف البحث عن الحقيقة، لكن الحقيقة التي أطلت برأسها من الحوار كان هدفها التأثير فى الرأى العام، وعلى العدالة، ومجاملة الجنرال، وتلميع صورته، وإعادة تسويقه وإظهاره بصورة من يراد تشويهه والانتقام منه كمرشح رئاسى كان قاب قوسين أو أدنى من منصب الرئيس، أو أنه "شبه رئيس" -حسب وصفه لنفسه. الإبراشي الذى كان يبدو صقرًا جارحًا مع ضيوفه في برنامجه السابق "الحقيقة"، بدا فى "العاشرة مساءً" مع شفيق حملاً وديعًا، وربما ذلك من شروط الحوار، أو من فرط كرم الضيافة، أو من الرغبة فى إنقاذه. لأول مرة هناك شخص مطلوب للعدالة يتحول إلى نجم فى الإعلام وتتسابق الفضائيات إليه خارج البلاد، ويصر على رفض الذهاب إلى المكان الوحيد الذى يجب أن يذهب إليه وهو مكتب قاضى التحقيق، والآن المحكمة، وليس الشاشات. ماذا يريد شفيق؟. المسألة بسيطة، إذا كان كما يقول إنه نظيف اليد غير متورط فى أى فساد، إذن فعليه العودة فورًا، ودعك من مسألة أن هناك تيارًا معينًا يحكم وأنه مستهدف ولا يضمن ماذا يمكن أن يجرى له إلا إذا كان متورطًا فعلاً ويخشى حكمًا ضده في القضية. فرغم أن هذا التيار - الإخوان- يحكم لكنه ليس بالسطوة التى يتحدث عنها شفيق، وإلا ما فشل الرئيس في إعادة البرلمان المنحل، ولما فشل مجلس الشعب بأكثريته الإخوانية فى تأجيل وليس إيقاف قرار الحل، ومجلس الشورى يسير أيضًا على نفس طريق الحل، ولما فشل هذا التيار في منع الحكم بعدم قانونية تشكيل التأسيسية الأولى للدستور، أو إقامة قضية ضد التأسيسية الثانية، ولما فشل في منع عشرات القضايا لحل جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة. اختلاق تبرير التسييس لتسويغ التهرب من مواجهة العدالة غير مقنع. تتحدث عن تضحياتك، فهل كانت مجانية، أم حصلت مقابلها على الأوسمة والنياشين والمناصب والسفريات والشهرة والأموال والامتيازات؟، ثم إنك دخلت الكلية الجوية بإرادتك، وتعلم أنك ستكون طيارًا "تقتل وتنقتل"، وكما ضحيت فإن كل مصرى شريف مكافح يضحى حتى لو كان عامل يومية، فهل تريد أن تكون فوق القانون، أو على رأسك ريشة؟، وهل كونك نافست فى الرئاسة لابد أن تتمتع بحصانة ضد المساءلة؟، في أي ديمقراطية وبلاد متحضرة من التي تتحدث عنها ذلك الأمر، وفى أى دولة قانون يراد بناؤها يحدث ذلك؟. لا أدرى ما هو الجديد لدى معتز الدمرداش حتى يهرول هو الآخر إلى دبى ليحاور شخصًا مطلوبًا ضبطه وإحضاره وحبسه، ولا أدرى ماذا تبقى لدى الفريق من حكاوى جديدة سيرويها له بعد أن استهلك نفسه دون أن يجلب تعاطفًا جماهيريًا معه؟!. [email protected]