السيدة زينب.. موائد كبيرة ينظمها الميسورون ونواب البرلمان فى كنف المقام فى إمبابة.. نواب حاليون وسابقون يتصدرون المشهد بولاق أبوالعلا.. «المسعود» رجل الخيرات بشهادة أهل الوكالة موائد الرحمن فى شهر رمضان مظهر مصري بامتياز، يعود تاريخها إلى أكثر من ألف ومائة عام، بدأت مع الدولة الطولونية، واستمرت مع الفاطميين والمماليك، وسار على نهجها بعد ذلك كل طبقات المجتمع، بدءًا من الحكام والوزراء ورجال الأعمال والفنانين ورجال السياسة والمواطنين، والأثرياء في المناطق الشعبية، والمناطق المختلفة. والأعجب، أن موائد الرحمن منذ القدم وحتى العصر الحديث تضم درجات الناس من أدناها إلى أقصاها، يتناولون "العيش والملح" مثلما يقال من إناء واحد وفى وقت واحد. وتضفي هذه الموائد مظهرًا اجتماعيًا رائعًا، حيث يتسابق الجميع إلى البذل والعطاء خلال شهر رمضان، حيث ينتشر الخير والفرح والبهجة بين الناس، لما تحمله من معاني الكرم وحسن القلوب، فالجميع يسعى في الشهر المبارك ويتسابق ليلحق بركب الخيرين. لكن شكل الموائد والوجبات التي تحفل بها تختلف من منطقة لأخرى، إلا أن للأمر بعدًا سياسيًا، حتى وإن كان الدافع غير ذلك، فإن للرجال السياسية نصيب منها، حيث توجد أكثر من مائدة في مناطق مختلفة يشرف عليها رجال سياسية وأعضاء بمجلس النواب. السيدة زينب فى هذه المنطقة الشعبية، تنتشر موائد الرحمن التى يعدها رجل الأعمال الميسورون، ورجال السياسة، وأبرزهم الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، المعروف بين الأهالى بالكرم والجود وفقًا لحديثهم. وفى أحد شوارع الحى، اعتاد رجل من شيوخه يدعى محمود معوض، وهو من القادرين ماديًا بشكل سنوي على تنظيم "مائدة رحمن" كبيرة، التي يخصص لها الطباخين والسفرجية. أما الأمر الجديد، فهو اشترك النائب محمد شعبان، عضو مجلس النواب معه في تنظيمها منذ العام الماضي، وأصبحت من كبريات الموائد في منطقة السيدة زينب. ويقول أحد القائمين على إعداد المائدة: "الحاج معوض له سنوات كثيرة يشرف على هذه المائدة، وتحمل من خيرات الله ما لا نتخيله، وكل عام يزداد الرزق، فهو تاجر عطارة كبير بالسيدة زينب، ويقوم بأعمال الخير في كل وقت ومع كل الناس، ومنذ أن عاونه النائب محمد شعبان تم التوسع فيها، وبعدما كانت تسع المائدة ل200 صائم، ارتفعت إلى 300 شخص، والرقم طالما يزداد ببركة الله". وأوضح أن المائدة تضم "خيرات وأطعمة ومشروبات، ونقدم فيها أرزًا باللبن والمهلبية أيضًا، وحاولت أسر كثيرة أن تشترك بالتبرعات مع الحاج معوض في إعداد المائدة الرمضانية لكنه رفض بشكل تام فهو يعمل هذا الأمر بينه وبين الله، ودائمًا لا يذكر اسمه، أو يتحدث عن مسئوليته عن إعداد المائدة، لكن فضول الناس ما يدفعهم إلى البحث عن الشخص صاحب العمل الطيب". وبجوار مقام السيدة زينب، توجد مائدة كبيرة تتسع لتشمل أكثر من 200 فرد، يقول الأهالي إنه يتم تشكيلها منذ 6 سنوات وتشرف عليها جمعية خدمية في المنطقة، إلى جانب جمعية مسئول عنها نائب سابق يقول بعض الأهالي، إنه النائب عبدالفتاح محمد حسن الذي كان عضوًا ببرلمان 2010. وتحمل المائدة كل ما لذّ وطاب من خضراوات ولحوم ودجاج حتى الفواكه، وأُعدت خصيصًا لخدمة الفقراء والمحتاجين، وكل من يلجأ لها. إمبابة من أكثر المناطق شعبية وأكثرها ازدحامًا على مستوى محافظة الجيزة، وفى شهر رمضان يكاد يندر أن تمر في أي شارع رئيسي بها ولا تجد به مائدة، حيث يتنافس الأهالي في تنظيم موائد الرحمن، والتي يتم تحضيرها عقب صلاة العصر، استعدادًا لاستقبال الصائمين مع صلاة المغرب للإفطار. خليات نحل لا تهدأ في إعداد الموائد، وكأنك في مصنع، حيث يتعاون الجميع بصورة ملفتة، وكل المساعدين يعلمون جيدًا دورهم، وما يجب أن تتم تأديته في أسرع وقت ممكن بسرعة. ويتعاون الأهالي في إعداد الموائد بشكل أكثر تنظيمًا من خلال المساعدة والتبرعات بما لديهم من أطعمة ومشروبات، إلى جانب الشباب الذين يعاونون القائمين على تجهيز الموائد في تنظيم المقاعد والترابيزات وتركيب أخشاب المائدة. وفى شارع ترعة السواحل، الأكثر شهرة في إمبابة، تقوم مؤسسة النائب البرلماني السابق عمرو القطامى للتنمية والأعمال الخيرية، بإعداد مائدة كبيرة منذ 10 سنوات، وهو ينتمي لعائلة كبيرة اعتادت العمل الخيري حتى قبل أن يصبح عضوًا بالبرلمان. ويقول أحد العاملين بالمائدة، إن أهم ما يميز العاملين على إعداد المائدة "النشاط والهمة في تحضير مائدة الرحمن لا يقتصر على أول يوم فقط، بل تتقاسم العائلات والأسر أدوارها ومهامها طوال الثلاثين يومًا، يحرصون دومًا على تنويع الأطباق، يستقبلون ضيوفهم على المائدة، دون أي كلل أو استياء وتنوع الأطباق والأطعمة، بشكل يرضي الصائمين دون رفاهية في العمل، وهو ما يجعل المائدة ممتلئة بالخيرات والبركة". أما في شارع البصراوي بإمبابة، أسفل مقر خدمة المواطنين التابع للنائبة نشوى الديب، فهناك مائدة رحمن فتشرف النائبة على إعدادها منذ 3 أعوام، ويقول المترددون عليها، إنها تشمل خيرات كثيرة ومتنوعة، وأحيانًا تأتى النائبة وتتابع بنفسها إعدادها، وتحضيرات الطعام للصائمين. ويقول أحد سكان المنطقة: "شيء جميل من النائبة، هى مثال دائم للاجتهاد والتعاون ومكاتبها لخدمة المواطنين متواجدة فى كل مكان وتساعد المحتاجين، والمائدة تعودنا على وجودها، وأحيانًا كثيرة نترك طعامنا فى المنزل، وننزل نشارك ونتناول الإفطار فيها ليس من باب الاستغلال، ولكن للاستمتاع بالجو الرمضانى النادر". بولاق أبو العلا إذا وطأت قدماك هذه المنطقة الواقعة في قلب القاهرة، لن تسمع سوى دعاء الأهالى وتوجيه شكرهم للنائب محمد المسعود، فالكل أجمع على أنه نائب الخدمات والمساعدات، ولا يلجأ أحد لمكتبه في شارع 26 يوليو إلا وتم قضاء حاجته. وقبل شهر رمضان، وزع عشرات "الشنط" التي تحتوى على الياميش الرمضاني والسلع الأساسية على الأسر المحتاجة في المنطقة. وأجمع عدد من أصحاب المحال بشارع 26 يوليو، على أن النائب مشارك "بشكل غير علني" في إعداد مائدة كبيرة تتوسط الشارع ولكنه لا يخبر أحدًا بذلك، وخلال سنوات ماضية حرص على إعداد مائدة كاملة بشارع بولاق الرئيسي. ويقول أحد المشاركين في إعداد المائدة: "كل ما أساعد الصائمين وأقدم لهم الشرب والطعام، أشعر كأنى أنا من فطرت والراحة تغمرنى من داخلى، ولما أنتهي من تقديم الطعام للناس أبدأ أردد عليهم بعضًا من الأدعية والأذكار بصوت عالٍ لأشعرهم بجمال وقت الإفطار، وأن المائدة كلها خير وسرور، وممكن نفطر فى اليوم من 50 إلى 120 صائمًا، هذا أكبر عدد وصلت إليه المائدة حتى الآن".